استقبلت الأوساط الثقافية والفنية والأدبية خبر تسمية الاستاذ السموأل خلف الله القريش وزيراً للثقافة الاتحادية بوزارة مستقلة عن الشباب والرياضة بارتياح شديد. فالسموأل ظل طوال عمر الانقاذ يدير أنجح منظمة مهتمة بالثقافة والفنون بالبلاد وهي مؤسسة أروقة لرعاية الثقافة والعلوم التي أقامت سلسلة مهرجانات سحر القوافي، ميلاد الأغنيات، المديح النبوي، بجانب فعاليات رواق الطفل والفن التشكيلي، وخرجت منتديات أروقة إلى ولايات السودان بجانب منتدى ألق الحروف برواق السحر. ورفد السموأل المكتبة السودانية بالعديد من الدواوين والروايات والكتب الأدبية الكبيرة عبر مؤسسته وعبره لمعت العديد من الأسماء الشابة بعد أن تكفل بطباعة نتاج الشباب الأدبي. وقد سبق أن رافقته بمعية الأديب الراحل الطيب صالح والصحفي الكبير محمد الحسن أحمد والتشكيلي العالمي ابراهيم الصلحي والوزير أسامة عبد الله والبروفيسور الراحل عون الشريف قاسم والقاصة بثينة خضر مكي ولفيف من الاعلاميين والرسميين في رحلة الى سد مروي إبان إنشائه في العام 2005م، حيث قدم السموأل خطبة الجمعة بمسجد استراحة السد الفخم وتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بعمق، وكنت أجلس بالقرب من الأديب العالمي الطيب صالح بالمسجد وعقب الصلاة قلت له (دي خطبة قوية) فرد رحمه الله: (الولد ده مبروك ومثقف وبحترم عقول المصلين). وعقب الغداء باستراحة السد جاء المطرب ميرغني النجار أو (ميرغني البركل) وقدم رائعة اسماعيل حسن (بلادي.. بلادي أهلاً يا بلادي) وفيها (بلادي أنا بلاد ناساً تكرم الضيف.. وحتى الطير يجيها جعان من أطراف تقيها شبع..)، فقام الطيب صالح - رحمه الله - وأخذ مكانه ضمن كورس ميرغني البركل وهو يغني وأخذ يصفق كأمهر شايقي (تربال) وبعد برهة وقف بالقرب منه الصلحي وأخذ يصفق وبعدهما أخذ (الإمام) السموأل خلف الله مكانه في الكورس وواصل الغناء معهما. وقبيل المغيب ركبنا على متن طائرة الخطوط الجوية السودانية من طراز (فوكرز) وحلقت في سماء مروي متجهة الى الخرطوم فقلت للسموأل بصوت عال: يا أستاذ كنت رائعاً وأنت تقدم خطبة قلّ أن يجود بها (إمام مسجد) في زماننا هذا وكنت أروع وأنت تؤدي دور الكورس المتمرس خلف المطرب ميرغني النجار فأيهما تختار وأنا بعد ساعة مطلوب مني كتابة تغطية للصحيفة.. فضحك الجميع. وسبق أن سألت الوزير السموأل خلف الله بمكتبه بأروقة عن هواياته فقال لي: (أنا من الذين يطبقون الإسلام الأوسط، فأنا عازف على آلة الأكورديون وأكتب الشعر وأحبه ولي مؤلفات وأحب القرآن والتبحر في الفقه وأعامل كل فرد في المجتمع حسب فهمه وأعشق الثقافة والفنون، وأزور الناس في أفراحهم وأتراحهم». انتهى. وفي هذا العمود قبل أكثر من عامين طلبت من السيد رئيس الجمهورية أن يعتمد الأستاذ السموأل خلف الله «مستشاراً للثقافة» والآن نشكر المشير البشير أن جعله وزيراً للثقافة في وزارة مستقلة فبشرى لأهل الثقافة فإن هذا الوزير لا يختبئ من أحد ومستعد للقيام بأي شيء يخدم الثقافة السودانية.