{ طبيعي جداً أن تكون هناك دائماً في حياتنا أشياء وتفاصيل نتذمر منها وتدعو للاستياء والنقد، ولكن هذا لا يعني أن ننظر دائماً إلى النصف الفارغ من الكأس، وأن نطلق العنان لألسننا لانتقاد كافة الأوضاع والأشخاص وكأننا بلا عيب أو جريرة. فإذا كان أحدنا من هؤلاء الذين يتذمرون دائماً بلا توقف؛ فعليه أن يحاول الإقلاع عن هذه العادة، ليست السيئة فحسب، ولكنها أيضاً مسيئة لمشاعر وأحاسيس الآخرين. وحتى إذا أجبرتنا الضرورة على الانتقاد فيجب أن يكون من أجل المصلحة العامة والبناء، وأن يتسم بالذكاء والكياسة ومراعاة حقوق ومشاعر الغير، فالأشخاص الذين يوجهون الانتقادات الدائمة للغير ولو بحسن نية يبدون للعيان وكأنهم متعالون أو متصنعون أشرار يدعون الكمال. { والكمال لله وحده.. والمستمع غير ملزم بالاجتهاد لتفسير القصد الحقيقي لتعليقاتنا حتى وإن كانت مقاصد شريفة وإيجابية. وعلينا دائماً ألا ننسى نصيب أنفسنا من هذا الانتقاد، فهل فكر أحدكم يوماً في الوقوف طويلاً لانتقاد ذاته وتأنيبها؟! فإذا كان لا بد من انتقاد الغير فيجب أن نبدأ بأنفسنا أولاً، وبصوت عالٍ حتى يعلم الجميع أننا واقعيون وعادلون ولا نطلق التصريحات اللاذعة من باب النرجسية والتكبر أو بدافع الحسد والغيرة فحسب، حينها ربما تتسع مدارك الآخرين فيتقبلون انتقاداتنا بصدر رحب ودون حساسية. { وعليك عزيزتي الزوجة تحديداً أن تكفي عن التذمر من معظم تفاصيل حياتك الزوجية، وأقلعي فوراً عن إدمانك على استخدام كلمة «لو» خصوصاً «لو لم أتزوج فلان هذا»، أو «لو كنت تزوجت علان ذاك» لأنها تدخلك دائرة مغلقة تضيق بك كل صباح وأنت الخاسر الوحيد في معركة التذمر هذه والأمنيات المتأخرة لأنك ترهقين أعصابك وتتسببين في نفور كل من حولك خصوصاً زوجك العزيز. لا تكوني المرأة التي «لا يعجبها العجب»، فهذه صفة ذميمة «والرضا بالمقسوم عبادة» وتذكري دائماً أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان، بادري سريعاً للإقلاع عن هذا التذمر الذي يتحول تدريجياً إلى (نقة) بغيضة، لأنه مرض عضال يقتات من عمرك وصحتك وسعادتك. كما أن الحياة مع شخص ينتقد كل شيء حياة مملة تُشعر الآخر بعدم الأمان فكفي عن انتقاد صديقتك وزوجك ونسيبتك وجارتك. { والجزء الأهم في التغيير نحو الشفاء من هذه العادة الذميمة يبدأ عندما ندرك جميعاً أن كل شيء في الحياة نسبي، لهذا ما يبدو في أعيننا كبيراً قد يبدو في عيون أخرى تافهاً وبلا قيمة، فتعالوا نتعلم أن ننظر لكل الأشياء والناس من حولنا بصورة نسبية ولا نعطي الأشياء أكبر من حجمها. ومن أبغض صور التذمر البكاء على الأطلال، وتمجيد الماضي على اعتبار أنه كان أفضل وهذا لن يجعل الرضا يعرف طريقه إلى نفوسنا مطلقاً، وتذكروا أن الماضي لم يكن مثالياً وكاملاً إجمالاً، وأن الحاضر ليس بالسواد الذي نراه وعلى الأقل يمكننا أن نجتهد في تلوينه قبل أن يتحول إلى ماض لن يعجبنا أبداً. { وعلينا أن نتذكر جميعاً، أن الحياة ليست وردية، ومهما اختبر الناس لحظات سعادة فإنه لا بد أن تشوبها شائبة ذات يوم، فالسعادة لا تدوم ولا المال ولا السطوة، وبدون لحظات تعاسة لن يكون بإمكاننا أن نميز طعم السعادة، فلا تنتظروا السعادة المطلقة والمثالية في كل تفاصيل الحياة فهي لم تخلق بعد لأهل كوكبنا. ولا تتعامل مع الناس على أنهم من المفترض أن يصبحوا جميعاً ملائكة، فأنت بهذا تحملهم فوق طاقتهم، إنهم آدميون، ومن طبعهم بل من حقهم أن يخطئوا وأن يفشلوا وأن يختلفوا. فقط علينا أن نمسك ألسننا عنهم ونتذكر أنه قد تدور الدوائر فنجد أنفسنا في موقف لا نحسد عليه يستحق النقد اللاذع والسخرية وربما (الشماتة)، إن ما بنا يكفينا فدعونا لا نزيد أوجاع بعضنا البعض بالتجريح والإساءة وإيغار النفوس بما نحن في غنى عنه من أحقاد. مع أمنياتي للجميع بالشفاء. { تلويح: كلمتي المست غرورك، وفرقتنا يا حبيبي!