أصدرت وزارة الإعلام، التي أصبحت هكذا وزارة بلا زوائد وزارة للإعلام فقط، خطتها بعد أن انقطع آخر نفس كان يرفدها بالحياة، حيث تحوّلت الاتصالات إلى وزارة كاملة، وخرجت الاتصالات من الإعلام بكل ملحقاتها ذات البُعد المالي، وربما الأساسي لصعوبة الاتصال في الإعلام، وبقيت الوزارة مجرد وسيلة تنسيق بين هيئاتها، الهيئة السودانية للإذاعة والتلفزيون وهذه بشركاتها ووسائطها وانتشارها الولائي، والإعلام الخارجي وهو الهيئة الوحيدة التي بقيت داخلها الوزارة، هي ووكالة أقمار للإعلان التي تُشرف على توزيع الإعلان الحكومي: دون الإشراف على الأطباق الهوائية ومستقبلات الفضاء لأنها بلا شك ستذهب لوزارة الاتصالات، كما أيضاً وكالة سونا للأنباء والتي يُعرف عنها استقلالها منذ أن أُنشئت، إضافة إلى جسم (هلامي) هو مجلس تنسيق إعلامي للمكاتب الإعلامية للوزارات دون المساس بقدرة هذه المكاتب في تحديد مسار وزارتها ولهذا فإن وزارة الإعلام الجديدة التي يقودها الدكتور كمال عبيد والأستاذة سناء محمد والأستاذ عبد الدافع الخطيب، يصبح همها في الإيفاء بمتطلبات النطق الرسمي للدولة بما يتطلبه ذلك من وجود مستمر في كل وسائل الاتصال ووسائطه بما يعني أن اللواء محمد الحسن الركابي الذي يدير مكتب الناطق الرسمي قد توسع دوره واتسع محيط فعله خصوصاً وأن المرحلة المقبلة لإعلام مستقل هي المرحلة المفصلية للسودان في أن يبقى واحداً موحداً أو يصبح شلواً ممزعاً!! وبعد أن أصبحت وزارة الإعلام هكذا وزارة قائمة بذاتها مع تقلُّص وسائطها المالية بعد ذهاب الاتصالات بروافدها وتزايد حاجتها إلى الوجود الفاعل في كل سوح القرار الرسمي للحكومة والدولة والأمة معاً، بما يعني ذلك من إشراف مستمر على هذا الوجود عبر عناصر ترتبط مباشرة بالوزير الناطق الرسمي للدولة والحكومة معاً تبقى مسألة المال وتوفيره لهذه الوزارة التي أقعدتها الحاجة المالية عن أداء دورها المنوط بها ولكن هذا الدور تعاظم جداً بحسب الخطة التي أُعلنت الجمعة الماضية، وهي العمل للتبشير بالوحدة والتخطيط الإستراتيجي والسلام والتنمية بمعنى قيادة سياسة الدولة المُعلنة وتنفيذ برنامج الرئيس الانتخابي لأن المال الذي كانت تمنحه الحكومة لهذه الوزارة يحتاج إلى معجزة لتسيير دولابها ولولا حنكة أمينها العام الأستاذ عبد الدافع الخطيب في جلب المال لها من هنا وهناك وعلاقة وزيرها السابق بمؤسسة الرئاسة، لامتدت يدها. إذ أن مالية وزارة الإعلام في ميزانية الدولة تقبع في الدرجة التاسعة عشر وتحت مسمى الثقافة وتصرف من بنك السودان بنداً بنداً من الفصل الأول وحتى الفصل الثالث ولهذا فأنا مع دعوة البروفيسور علي شمو التي أعلنها في اجتماع جمعية الإعلاميين السودانيين بأن الإعلاميين الذين هم أفقر الناس لا يريدون أن يتصدى لها أحد ولا أن تكون يدهم السفلى وهم الذين يديرون توجيه الرأي العام خصوصاً في هذه المرحلة المفصلية من حياة السودان. ومن المعلوم أن الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون وبالرغم من الخطة الطموحة التي وضعتها لتطوير أدائها من بعد سبعين عاماً من العطاء، تدخل دائرة «الفلس» حتى أن العاملين لا ينالون أجورهم المسماة إلا في العاشر من كل شهر وأن بعض استحقاقاتنا كمتعاونين مع التلفزيون لم تُصرف حتى الآن لأكثر من عام ويزيد!! إن اشتراكات الفضائية السودانية في دوائر بث الأقمارالاصطناعية تتطلب أموالاً من اليورو أو الدولار إن لم يتوفر انقطع البث عبرها. المهم أن وزارة الإعلام التي تزايدت أعباؤها بعد أن أصبحت وزارة للإعلام فقط، يتوجّب عليها الوجود الفاعل في كل السوح المهمة في وقت واحد لن يكفيها ما تقرره لها الميزانية.. وإلى متى يبقى الإعلام أقصر قامة من وزارة الخارجية مثلاً؟!!