{ بداخل قاعة ناكوري في عاصمة الجنوب ظهر يوم الخميس الماضي كان الفنان نور الجيلاني يغني للنائب الأول لرئيس الجمهورية سلفاكير ميارديت ونائب الرئيس علي عثمان محمد طه بحضور الوزراء والولاة أغنية الوحدة قبل إجراء الاستفتاء في مطلع شهر يناير القادم، كلمات الأغنية تجاوب معها الحضور بالتفاؤل بتحقيق الوحدة وهي تقول ( داير روحك تفرحها تنسي همومك وتروحها يلا ودع قوم سيب الخرطوم خلي الخرطوم وسافر جوبا). وعملت رئاسة الجمهورية بقول الجيلاني وهي تستصحب بمعيتها شركات لتنفيذ مشروعات تنموية بالجنوب تبلغ قيمتها 200 مليون دولار تمثل 10% من قيمة القرض الصيني في مرحلته الأولى والذي يبلغ ملياري دولار في مسعى من الحكومة لإزالة آثار الحرب التي استمرت لأكثر من عشرين عاما. { طائرة الايرباص التابعة لشركة سودانير وقفت أمام الصالة الرئاسية تستجدي ركابها تحقيق آمال اهل الجنوب حتى لا يختاروا الانفصال.. الولاة والوزراء اتخذوا مقاعدهم في الصفوف الأولى وجلس بجوارهم رؤساء تحرير الصحف ومراسلو القنوات الفضائية ومن خلفهم الفنانون، ومضى الزمن مسرعا حتى لاحت غابات الاستوائية تحتضن جوبا تغطيها بأشجار عالية مخضرة، نزل الوفد في مطارها والتقطت العدسات مشهد المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني السابق صلاح عبدالله وهو يسند منصور خالد في سلم الطائرة حتى لامست قدماه الارض، وامتدت المراقبة لعلاقة الرجلين اللذين التقيا مرة أخرى داخل القاعة وعند المغادرة، وتنتظر مجالس المدينة تفسيرا للعلاقة الحميمة بين الرجلين. { انتظر الوزراء والولاة - (الاتحاديون وبحكومة الجنوب) - لأكثر من نصف ساعة قبل أن يدخل نائب الرئيس علي عثمان ومن بعده سلفاكير الذي داعبهم بالقول: (كنت أتمنى أن تستقبلكم الأمطار عشان تبدلوا سخانة الخرطوم هنا في جوبا وانتاو جايبين بركات واتمنى لكم الخير، ويومكم في جوبا ان شاء الله يكون سعيد). { لكن السماء لم تمطر حتى مغادرة الوفد في الساعة السادسة مساء من يوم الخميس وإن تغير الجو الى نحو أفضل بعد (كتمة) خفيفة، وقال نائب الرئيس علي عثمان: (سعيد أن أكون بين أهلي في جوبا بمعية وفد كبير يضم ولاة ولايات التمازج ووزراء وفنيين، وهذا اللقاء يأتي مواصلة لتحويل نصوص اتفاقية السلام الشامل من اتفاق سياسي إلى نصوص قانونية ودستورية تنفذ على أرض الواقع). وقال نائب الرئيس الجمهورية إنه ببلوغ هذه المرحلة يكون صندوق دعم الوحدة قد انتقل الى محور البرامج والمشروعات بعد الانتهاء من إعداد الدراسات الفنية لإقامة مشروعات التنمية في المناطق التي تأثرت بالحرب لتنفيذ واستكمال مستحقات السلام حتى نهاية الفترة الانتقالية. وأوضح طه أن الحكومة الاتحادية ستسهم في هذه المشروعات بنسبة 89% فيما تسهم حكومة الجنوب بنسبة 11%، بينما تساهم الولايات المنتجة للبترول بنسب مقدرة. { بعد ساعة من حديث سلفاكير وعلي عثمان ونائب الأمين العام لصندوق دعم الوحدة شارلس مجاك ألير ووزير الكهرباء والسدود أسامة عبدالله، جاء قرار بإبعاد الصحفيين عن حضور جلسة مناقشة المشروعات وتنفيذها التي استمرت لأكثر من 4 ساعات، وكان التعليق الخافت قبل الخروج أن سلفاكير يتابع حديث علي عثمان لدرجة أنه فتح (المايك) له عندما أراد التعقيب على حديث من سبقه.. الجنوب يتابع حديث الشمال بكل دقة.. كما ضجت القاعة بالضحك عندما كان شارلس يقرأ من ورقة أمامه تكلفة مشاريع التنمية بخصوص حفر آبار في 5 ولايات جنوبية ب (مليون دولار وحاجات صغار) وذلك عندما أراد أن يتجاوز الأرقام العشرية المكونة لكل التكلفة (1.740.125) مليون دولار. وعند نهاية الجلسة علّق علي عثمان للصحفيين بعد إبعادهم من القاعة: لقد حرموكم متابعة نقاش مثمر وهادف. { شملت مشاريع التنمية بالجنوب توقيع شركة الغدير للمياه على عقد لحفر آبار بولاية واراب وغرب بحر الغزال بتكلفة إجمالية تبلغ ثلاثة ملايين و850 ألف جنيه، فيما وقعت شركة تباك على مشروعات حفائر وآبار بولاية غرب بحر الغزال بتكلفة 5.625,000 جنيه سوداني. وفي محور الطرق السريعة بين الولايات وقعت شركة دانفوديو للمقاولات والإنشاءات عقد تنفيذ طريق الميرم أويل القطاع الأول بتكلفة بلغت 47.496.000 جنيه سوداني بطول 55 كلم، فيما ستنفذ شركة البشائر القطاع الثاني منه بطول 55 كلم. كما وقعت شركة زادنا عقد تنفيذ القطاع الثالث من الطريق وتنفذ شركة هجليج وشركات أخرى إنشاء طريق المجلد الميرم بقطاعاته الثلاثة. ووقعت شركة سودان بايل عقد لتنفيذ طريق تلودي تونجا بقطاعاته الثلاثة، فيما وقعت الشركات على تنفيذ طرق داخلية في بعض مدن الجنوب مثل أويل بطول 10 كلم بتكلفة 21.721.000 جنيه، ورمبيك بتكلفة 22.397.000 جنيه، وطريق جوبا منقلا بطول 75 كلم، بالإضافة إلى طرق مدينة بور الداخلية. { في الاحتفال اقترب المصورون من منصة سلفاكير وعلي عثمان وحاول أحد الحراس أن يبعدهم فتدخل نائب الرئيس بعصاة يحملها في يده اليمنى ووكزه بلطف فتركهم يوثقون اللحظات التاريخية. { وزير الإعلام كمال عبيد قال ل (الأهرام اليوم) بعد نهاية الاحتفال: (هذا إنجاز كبير لصندوق دعم الوحدة) ولم يكمل حديثه فقد كان عليه أن يرافق نائب الرئيس في رحلة العودة، أما وزير مجلس الوزراء لوكا بيونق فقد علق بالقول: (هذا يعكس التزام الحكومة بالمرحلة القادمة ويؤكد على أن علاقة الشمال بالجنوب ليست بالقول بل بالفعل، وهذه رسالة لشعب جنوب السودان بأن الحكومة القومية قدرت أن تعمل بعض المشروعات الحية، وهذا حدث كبير)، ونفى وجود أي نقاش بين علي عثمان وسلفاكير بخصوص طرح الكونفدرالية. وزير الإعلام بحكومة الجنوب برنابا بنجامين أكد كذلك ما قاله لوكا، وأضاف أن حكومة الجنوب ستساهم في هذه المشاريع من خلال التزامها لصندوق دعم الوحدة. { طرحت (الاهرام اليوم) السؤال على الامين العام للحركة الشعبية باقان أموم وزير السلام بحكومة الجنوب لكنه لم يرد وطلب من برنابا أن يجيب بصفته ناطقا باسم الحكومة. { عدنا للخرطوم والضحكات مرسومة على أفواه مراسلي القنوات: (محي الدين جبريل وسعد الدين حسن وفائز الزاكي) ومندوب الإذاعة السودانية الحاج أحمد مصطفي وهم يستمعون لتعلقيات الأستاذ حسين خوجلي، وتركنا الفنان نور الجيلاني يغني: (قوم قوم.. قوم بارحها).