من الغرائب أن الانقلابيين العرب يكرهون كلمة انقلاب ولذلك فإنهم بعد أن ينفذوا الانقلاب مباشرة يسمونه ثورة. فقد سمى الضباط الأحرار في مصر بقيادة المقدم عبد الناصر انقلابهم العسكري ثورة. ومازال ذلك الانقلاب في الإعلام المصري الرسمي حتى الآن ثورة لكنه انقلاب من وجهة نظر حزب الوفد، وهي مجرد بيزنطيات فما حدث في مصر في يوليو 52 أن صغار الضباط استولوا بالقوة - طبعاً- على الحكم، ولم يعد في مقدور الأحزاب أن تحكم. ويرى البعض أنه ليس في كلمة انقلاب ما يعيب وليس في كلمة ثورة ما يستدعي الفخر، والمهم هو ما يترتب عليهما، فإن كان الذي تحقق بعد الاستيلاء على الحكم في صالح المواطنين وأنه أدى إلى تأييدهم كان ذلك هو المنشود أو أنه في مقدمة المنشودات من أية حكومة سواء جاءت عن طريق الانقلاب العسكري أو عن طريق الانتخابات. وقد سمى الفريق إبراهيم عبود ورفاقه انقلابهم العسكري الذي تمّ في 17 نوفمبر 1958م ثورة وقد كان انقلاباً عسكرياً غريباً، إذ لم يتحقق كرغبة حقيقية للذين قاموا به وإنما تحقق تنفيذاً لرغبة أو أوامر رئيس الوزراء ووزير الدفاع الضابط المتقاعد العميد عبد الله خليل. وبعد أكتوبر 64 عدنا نشير إلى ما حدث يوم 17 نوفمبر 58 على أنه انقلاب وفي أعمق أعماقنا نتصور أننا بذلك نقلل من قيمته. وقال قطب الاتحاديين الأستاذ المرحوم عبد الماجد أبو حسبو يقول عن ذلك الانقلاب إنه لأول مرة في التاريخ تقلب الحكومة نفسها. والأستاذ هيكل ممن يرون أن كلمة ثورة تضيف وكلمة انقلاب تنتقص، ولذلك فإن يوليو المصري ثورة وسبتمبر الليبي ثورة. ومايو السوداني «ما هواش ثورة».. وقبل مايو 69 كان من رأي الأستاذ محمد حسنين هيكل أن نوفمبر 58 ليس ثورة، ويُقال إنه اعترض على هذا الاسم أمام اللواء محمد طلعت عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقال الأستاذ هيكل إن اللواء طلعت فريد قال له ما معناه: أفرض عندك ولد (سميتو) محمد، خلاص الباقين دخلهم إيه؟ وفي السودان كان النظام المايوي منذ نشأته عام 69 حتى زواله في أبريل 1985م يعتبر ثورة وبعد ذلك التاريخ أصبح انقلاباً. وكما قلنا فهي بيزنطيات والمهم هو ما يأتي أو ما يتحقق بعد الوصول إلى الحكم، وعلى ضوئه يُقيّم حادث الاستيلاء على الحكم.