بعد إستيلاء الجيش على الحكم بالانقلاب العسكري الذي قادة في 14 يوليو 1958م عبدالكريم قاسم وعبد السلام عارف وإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية في العراق، كان المتوقع أن تنشأ علاقة خاصة قوية بين هذه الجمهورية وأقوى جمهورية عربية في ذلك الوقت وهي الجمهورية العربية المتحدة المكونة من مصر وسوريا وكان يرأسها جمال عبد الناصر. ولو حدث ذلك لتغيّر الكثير، فالجمهوريتان العراقية والعربية المتحدة تضمان ثلاث دول مؤثرة مفتاحية هي العراق وسوريا ومصر.. ولكل دولة من هذه الدول تجربتها الكبيرة في قيادة العالم العربي والإسلامي.. فقد تولّت سوريا قيادة العالم العربي فترة الخلافة الأموية وتولّاها العراق في العصر العباسي، ومصر في العصر الحديث وقبله أيضاً. وبالفعل حدث تقارب بين العراق والجمهورية العربية المتحدة بعد نجاح انقلاب 14 يوليو 58 وعمّ الفرح والتفاؤل الجميع في الجمهوريتين العراقية والعربية المتحدة، وملأ التوجس والحذر والخوف إسرائيل والقوى المحافظة في العالم العربي ولكن. لم تمض أسابيع إلا واستحالت العلاقة بين العراق والجمهورية العربية المتحدة إلى عداء، وأصبح البلدان يتبادلان المؤامرات والاساءات، في الصحافة والإذاعة ولم يكن التلفزيون قد ظهر بعد، وعلى المستوى القيادي الأعلى بين الرئيسين عبدالكريم قاسم وجمال عبدالناصر. وضاعت فرصة على العالم العربي قد لا تتكرر في المستقبل المنظور، ثم بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية استتبّ الأمر في العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي وتحديداً للرئيس صدام حسين. لكن الجمهورية العراقية التي نشأت في يوليو 58 انتهى بها الأمر في أبريل 2003م خاضعة بالكامل للاحتلال الأمريكي ولا تزال. وقد انفصلت سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة في 28 سبتمبر 1961م، ومازال جزء عزيز من ترابها الوطني خاضعاً للاحتلال الإسرائيلي. وبعد فترة من التآلف والازدهار عاشتهما الجمهورية المصرية وكانت خلالها تقود الشارع العربي من المحيط إلى الخليج تعرضت لهزيمة مذلة في حرب يونيو 1967م فقدت خلالها سيناء ووصل الإسرائيليون إلى قناة السويس، ثم بالحرب والسلام استردت سيناء، ثم انهت الحرب مع إسرائيل وأقامت معها علاقات دبلوماسية، وتراجع الدور المصري كما هو معروف ومعترف به داخل مصر وخارجها.