سوريا هي أول بلد عربي عرف الانقلابات العسكرية بعد الحرب العالمية الثانية، وكان ذلك في عام 1949م وقد حدثت فيها ثلاثة انقلابات عسكرية قادها الضباط حسني الزعيم، وسامي الحناوي، وأديب الشيشكلي. وقد حدثت انقلابات أخرى بعد ذلك ترتَّب عليها عدم الاستقرار الذي هو آخر ما يفيد وما تتمناه أيَّة دولة نامية.. وكانت سوريا في العصر الحديث توصف بأنها قلب العروبة النابض فمنها انطلقت الدعوة للعروبة والوحدة العربية رداً على التتريك، وفيها نشأ حزب البعث العربي الاشتراكي أربعينيات القرن الماضي. ولم تكن وحدوية السوريين لفظية وإنما كانت عملية. فقد أقاموا وحدة اندماجية مع مصر عام 1958م وأصبح البلدان دولة واحدة حملت اسم (الجمهورية العربية المتحدة) لكنها انهارت يوم 28 سبتمبر 1961م بانقلاب عسكري سوري كانت وراءه أصابع عربية. وفي سنة 1963م وصل حزب البعث إلى السلطة بانقلاب عسكري واستمرت أجنحته العسكرية والمدنية تتصارع إلى أن استتب الأمر للفريق حافظ الأسد وبانقلاب عسكري أيضاً في نوفمبر 1970م. وخلال ذلك اندلعت حرب يونيو 67 وكان الأسد أثناءها هو وزير الدفاع وخسرت سوريا مرتفعات الجولان وكان أداء الجيش السوري في تلك الحرب سيئاً، وفي رواية أنه لم يكن له أصلاً وجوداً، ثم تحسّن الأداء العسكري السوري نسبياً في حرب أكتوبر 73 وإن لم تستعد سوريا مرتفعات الجولان التي مازالت حتى الآن خاضعة للإحتلال الإسرائيلي. وفي الفترة من نوفمبر 70 حتى الآن حكم سوريا رئيسان هما الفريق حافظ الأسد وابنه الدكتور بشّار. إذن.. كانت سوريا هي أول جمهورية عربية تأخذ بفكرة توريث الحكم، وهي أصلاً فكرة ملكية لكن الرئيس حافظ الأسد جعلها فكرة جمهورية. وفيما بعد حاول رؤساء عرب آخرون من أمثال المصري مبارك والعراقي صدام واليمني علي عبدالله صالح تنفيذ هذه الفكرة الملكية في جمهورياتهم لكنهم فشلوا بل أُطيح باثنين منهما. فقد أُطيح بالرئيس صدام بالغزو العسكري الأمريكي البريطاني عام 2003م وبالرئيس مبارك بالثورة الشعبية الشهر الماضي، ومازال الرئيس اليمني يواجه موقفاً صعباً فقد طالبه شعبه في تظاهرات هادرة لم تتوقف بعد بالرحيل. وحتى وقت قريب كان كثير من الناس يعتقدون أن سوريا في مأمن من تلك الهبّات الشعبية التي اجتاحت تونس ومصر واليمن والبحرين وليبيا، ولكن نزل السوريون إلى الشارع في «درعا» في الجنوب وفي مدن أخرى منها العاصمة دمشق. ومثل كل النُّظم العربية شرع النظام السوري في مواجهة المتظاهرين بالعنف، وهو حل أثبت فشله في تونس ومصر، وسوف يُثبت فشله في ليبيا. ويرى البعض أن سوريا لن تكون استثناءً.