إنه شأنك، فإن أردت عدم الابتسام، فلن يجبرك أحد على غيره، أما التكشير في الوجوه، فذاك أمر آخر، لأنه علامة عدائية، والعداء يجر حتما لعداء مضاد، والبادي أظلم !! أحد الزملاء قال إنه كان يقود سيارته سارحا، حيث اعتاد السرحان أثناء القيادة، بفعل الشوارع المتكدسة، والزحف اليومي وسط أرتال السيارات. وأثناء القيادة قام الزميل بتخطي سيارة أخرى بطريقة خاطئة، فتضايق سائق تلك السيارة، وأطلق العنان للبوري محتجا، ومرق بجانبه يريد مكافأته بمجموعة من الشتائم، ولما تلاقت الأعين، ابتسم زميلنا في وجه السائق الغاضب، ولدهشته، انطفأ بسرعة الشرر المتصاعد من عيني الأسد، وأجبر (الوحش) عضلات وجهه على الاسترخاء،ليرسم ابتسامة أنهت في لحظات الحالة المحتقنة بين الاثنين ! نعم .. كلنا نحب المبتسمين، وليس أجمل من وجه هاش باش، فالابتسامة لحسن الحظ ليست غالية، ولا يتم شراؤها مثل بعض الذمم بالفلوس (!!)، كل ما عليك هو أن تتحكم قليلا بعضلات وجهك .. وتحيلها من حالة الانكماش للانبساط، لتجد أنك قد فعلت الشيء المسمى بالابتسام !! أما التكشيرة، فهي علامة عداء، وربما يعقبها الشر الوخيم، فإذا كنت في مكان ما .. ورأيت شخصا لا تعرفه ينظر لك بتكشيرة شديدة، ثم شاهدته يتجه إليك، فأمامك أحد حلين، فإما أن تتحفز للشر، وتستدعي عضلاتك للانقباض والعدوان المضاد، أو أن تطلق ساقيك للريح، هربا من معتوه اختارك دون الناس جميعا، لتنفيس براكينه المتأججة في شخصك المتواضع !! طبعا هناك وجوه ليست بشوشة، ولكن يمكن ابتلاع شخصياتهم، خصوصا إذا كانوا ذكورا، أما الإناث، فليس أسوأ من صاحبة الوجه العبوس، القاطبة لحاجبيها، والمكشرة عن أنيابها. وشخصيا .. لا أعرف أنثى واحدة، استطاعت جرجرة رجل لعش الزوجية .. عن طريق وجهها المقطب، في حين أعرف العشرات، ممن قمن باصطياد العرسان .. من خلال وجه بشوش، وابتسامة لطيفة يصعب الفكاك من أسرها ! الآباء طبعا انتبهوا لأهمية الابتسامة .. فهم في الغالب قد تزوجوا تحت تأثير هذه القوة المغنطيسية، ولأنهم لا يريدون لبناتهم البوران، فقد احتاط الكثيرون منهم، وأطلقوا مسميات على كريماتهم مثل (ابتسام)، و(بسمة)، و(بسمات)، و(باسمة)، وهو أمر محمود، ومفهوم، على أمل أن يكون لبناتهم نصيب من أسمائهن. لكن ما لم أفهم مغزاه، إطلاق السودانيين على رأس النيفة مسمى (الباسم)، فمثلما لا أعرف من أين أتت كلمة النيفة .. لا أعرف أيضا مرجعية (الباسم)،والتي لا تتسق مع رأس مقطوع!! ابتسموا أو لا تبتسموا .. هذا شأنكم، وأثق في ذكائكم، لكن لا تكشروا أبدا، فتكونوا من الخاسرين .. وتكنّ من الخاسرات!