في عددها الصادر أمس الأحد الموافق 25 يوليو نشرت جريدة (القدس العربي) مقالاً لكاتب مصري مقيم بلندن ومما جاء فيه أن السيد إسماعيل الأزهري رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحزب الوطني الاتحادي غيّر موقفه من الاتحاد مع مصر إلى إعلان إستقلال السودان في 19/12/1955 من داخل البرلمان بعد زيارته للندن التي تمت قبل فترة قصيرة من ذلك التاريخ. وفي ذلك إيحاء بأن الزعيم الأزهري تعرّض في لندن إلى ضغط أو إغراء أو كليهما معاً ليهجر الاتحاد مع مصر ويُعلن الإستقلال ولا نعتقد أن ذلك صحيح فالرجل الذي كافح وعارض الإستعمار البريطاني منذ شبابه الأول وأنفق أنضر سنوات عمره في قلب الحركة الوطنية الساعية إلى إزالة الإستعمار البريطاني ليس هو الذي يستجيب. وقد فوّضه الشعب السوداني بالفوز الكبير الذي حققه هو وحزبه في انتخابات نوفمبر 1953م للضغوط والإغراءات سواء صدرت من بريطانيا أو غيرها. ونفى الكاتب المصري المقيم بلندن ما تردد كثيراً من أن السودانيين غيّروا موقفهم من الاتحاد مع مصر إلى الإستقلال بعد إقصاء اللواء محمد نجيب من الرئاسة. وأضاف أنهم خرجوا بالألوف يحملون الحراب والسيوف إلى مطار الخرطوم في مارس 1954 لقتل اللواء نجيب الذي جاء إلى الخرطوم للمشاركة في الاحتفال بافتتاح البرلمان. والحقيقة أنه لم يكن كل السودانيين من الراغبين في الاتحاد مع مصر فقد كان هناك كثيرون يرفضون هذا الاتحاد وكان في مقدمة هؤلاء الرافضين الأنصار وإمامهم السيد عبدالرحمن المهدي. ومن الحقيقة أيضاً أن إقصاء اللواء نجيب من رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الثورة كان من أسباب انحسار المد الاتحادي داخل السودان وتحوُّله في نفس الوقت إلى مد إستقلالي ويقولون أيضاً أنه كان من الأسباب، أسباب انتكاس فكرة الاتحاد مع مصر في السودان المعاملة المُهينة التي صار يتلقاها معارضو الثورة المصرية من إخوان مسملين وغيرهم ثم أنّه ليس من الحقيقة أبداً أن الأنصار الذين ذهبوا بالألوف ذلك الصباح من صباحات مارس 1954م وهم يحملون السيوف والحراب كانوا يريدون قتل اللواء نجيب لكنهم كانوا يريدون أن يسمعوه الصوت الآخر.. صوت الإستقلال وأن السودان للسودانيين وما عُرف عن الأنصار أنهم يقتلون الضيوف. وما أكثر الأخطاء التي يقترفها الكُتّاب والصحافيون المصريون في كثير مما هو متصل بالسودان.. ورغم أن الظن الغالب هو أنها أخطاء غير مقصودة، إلا أنها تؤثر سلبياً على موقف السودانيين من مصر التي يحبونها. لكننا نعذرهم ما دام كبيرهم الأستاذ محمد حسنين هيكل يعتقد أو يصدق أن إمام الأنصار الراحل السيد الهادي عبدالرحمن المهدي قُتل بمنقة ملغومة!