يسقط الطماطم .. وأبو الطماطم .. ما دام مستمرا في جنونه الموسمي المعروف، وما دام قد بلغ العشرين جنيها للكيلو هذا العام !! أدهشني والله هذا الرقم الذي كشف عنه تحقيق (زواهر الصديق) المنشور بهذه الصحيفة أمس، فقد أوردت الزميلة التي بذلت جهدا مميزا، ما يشير إلى أن الطماطم قد بات في حالة هجوم أهوج، ورغم متابعات سابقة لصويحبكم بشأن تحركات أسعار البندورة، والتدلل الذي مارسته العام الماضي، فكتبت وقتذاك ما كتبت .. رغم ذلك فالرقم لم يكن يبلغ العشرين جنيها للكيلو، بل ولم يقترب من ذلك أبدا . هذه المفارقات .. تجعل من الضرورة أن نلجم ألسنتنا، وننسى ما نردده لأنفسنا .. ولغيرنا .. بأن في السودان مائة وخمسين مليون فدان .. صالحة للزراعة الفورية .. وتنتظر فقط من يحمل الطورية .. ليطعم جياع العالم من الخير الوفير الموجود ! علينا السكوت، وفتح ملفات جانبية، عن كيف يصبح الطماطم، وغيره من منتجاتنا الزراعية الموسمية، سلعة مثل الدولار .. لا يحظى بها إلا أصحاب الحظوة، وكيف تتبخر منتجات البيوت المحمية، والتي تتدفق فيها الأموال، لتوفير منتجات زراعية غذائية على مدار العام، مثلما يفعل كل الناس في الدنيا، فلا نرى أثرا فعليا لها في السوق ! علينا أن نقر .. بأننا ما زلنا نعيش زراعيا .. في القرن التاسع عشر، وعلينا أن نعترف بأن الانتاج الرأسي للرقع الزراعية المتوفرة ما زال في مؤخرة الركب، كما علينا أن نهز رأسنا إيجابا، بأننا .. مهما عزفنا على وتر امكانياتنا الزراعية .. لا نوفر مكانا حقيقيا للاهتمام بالقطاع الزراعي، حيث تركزت عيوننا على الذهب الأسود الناضب، مثلما انشغلنا بالذهب اللامع وبريقه في ولاية النيل. أسهل الحلول، أن نترك الطماطم وشأنه، فكما سبق أن قلت كثيرا، فلن يموت أحد بسبب ترك الطماطم، أما الحل الآخر، فهو فتح باب الاستيراد العريض له، فماذا يضير إذا أحضرنا الطماطم من الشام أو كوستاريكا أو جنوب افريقيا، فقد غرقت أسواقنا في كل السلع الجيدة والرديئة، وأهدرنا مدخراتنا (الصعبة) يمينا وشمالا، وما دامت البيوت المحمية لم توفر لنا سلعة كالطماطم بأسعار معقولة، فالاستيراد سيوفرها لنا .. وبأسعار لا يمكن أبدا مقارنتها بهذه الأسعار المجنونة .. السائدة في العاصمة حاليا ! شخصيا .. أصدرت تعليماتي البيتية المشددة على مقاطعة الطماطم، وسأمحو كل ذكرياتي الطيبة معه، ولن أفسح له مجالا في قائمة اهتماماتي، حتى يهدأ جنونه، ويعود إلى رشده، ويتواضع ليصل إلى الصفيحة أم جنيهين. ساندوني يا قوم .. وقولوا معي : ليسقط الطماطم وأبو الطماطم !!