سقط عشرات القتلى والجرحى منذ بدء الإحتجاجات التي تعيشها عدد من المدن إضافة للعاصمة الخرطوم منذ الأربعاء الماضي، ووفقاً لتقارير غير حكومية فإن معظم حالات الوفاة جاءت نتيجة لإصابات برصاص في انحاء متفرقة من الجسم، يأتى ذلك في وقت نفت جميع الأجهزة النظامية علاقاتها بقتل المتظاهرين، وأكدت كل منها أنها لم تصدر اوامر بإطلاق الرصاص على المحتجين سلمياً، الأمر الذي يطرح عدد من التساؤلات حول القوى الخفية التي اطلقت الرصاص، ما يعيد للأذهان الأحداث التي شهدتها البلاد في سبتمبر 2013، وقتل فيها أكثر من (200) شخصاً برصاص، ذكرت نتائج التحقيقات الحكومية انه قد صدر من أفراد مجهولين، في وقت طالب نواب برلمانيين بضرورة تشكيل لجان تحقيق لمعرفة الجهة التي اطلقت الرصاص وقتلت المواطنين. وكانت لجنة أطباء السودان المركزية، قد اصدرت تقريراً عن الإصابات والوفيات بميادين التظاهر، وأوضحت أن الأخبار الواردة إليها من مستشفى القضارف تفيد بوفاة (3) أشخاص احدهم أصيب بطلق ناري اخترق زجاج غرفة العمليات وأصابه وهو يهم بنقل مريض خارج العملية، وأضافت أن طوارئ الجراحة بمستشفى القضارف استقبلت (3) حالات إصابة بطلق ناري في البطن و(2) حالة إصابة في الصدر والعديد من الاصابات في الأرجل، وأوضحت أنه توفي متظاهر واحد نتيجة اصابة بعيار ناري في مدينة بربر، كما توفي (2) من طلاب مدرسة ثانوية في مدينة كريمة، بجانب اصابة طالب بداخلية المجمع الطبي بجامعة الخرطوم برصاصة مطاطية في الرأس، وطالب آخر يعاني من كسور من الدرجة الرابعة بيده قد تحتاج الى بتر. ** الأجهزة النظامية تنفي .. وقبل صدور تقرير لجنة الأطباء أكد مدير عام جهاز الأمن والمخابرات صلاح قوش، مقتل (3) متظاهرين، (2) منهم في القضارف وآخر في عطبرة، وقال قوش لدى لقاء جمعه بالقيادات الاعلامية (إن قتيل عطبرة توفى نتيجة هجوم على مركز الشرطة)، وأضاف (القوات المسلحة، والأمن والشرطة يعملون بنسق تام لادارة الأحداث، فالقوات المسلحة مهمتها حماية المرافق، والشرطة التصدي للشغب والأمن توفير المعلومات ومساعدة الشرطة حال طلبها تدخله لفض الشغب). من ناحيتها قطعت قوات الدعم السريع بعدم وجود علاقة لها بعمليات الامن الداخلي مثل فض أعمال الشغب، وأكدت إن هذه الواجبات من مهام قوات الشرطة، وقال بيان صادر عن الإعلام الإلكتروني لقوات الدعم السريع، (إن بعض المرجفين سعوا لأن يجلعوا من قواتنا عدواً)، وأشار البيان إلى أن قوات الدعم السريع تعمل بانضباط عالٍ والتزام كامل بتوجيهات القيادة. وأضاف (من هذا المنطلق نؤكد أنه لا صحة لما يروج من شائعات مفرطة بحدوث تفلتات من هذة القوات). ووفقاً لبيان صادر عن الناطق الرسمي بإسم الحكومة بشارة جمعة أرو، فإن قوات الشرطة والأمن تعاملت مع المظاهرات التي تشهدها البلاد، بصورة حضارية دون كبحها او اعتراضها بحكم أن المواطنين يمارسون حقاً دستورياً مكفولاً لهم و بحكم أن الأزمة معلومة للحكومة. وقال الناطق بإسم الحكومة في بيانه (إن المظاهرات السلمية انحرفت عن مسارها و تحولت بفعل المندسين الي نشاط تخريبي استهدف المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة بالحرق والتدمير ومهاجمة حرق بعض مقار الشرطة) . وأوضح البيان أن التخريب والإعتداء علي الممتلكات وإثارة الذعر والفوضى العامة أمر مرفوض ومستهجن ومخالف لصريح القانون، وأشار الى أن الحكومة لن تتسامح مع ممارسات التخريب و لن تتهاون في حسم أي فوضى أو إنتهاك للقانون . ** مطالب بالتحقيق .. طالب مسئول نافذ بالبرلمان وكتلة نيابية الأحد، بتشكيل لجنة تحقيق فوراً، للتقصي في ملابسات قتل المتظاهرين سلمياًومحاسبة الجهات التي امرت بإطلاق الرصاص على المواطنين، مما ادى الى مقتل عدد منهم وإصابة المئات. وقال نائب رئيس كتلة قوى التغيير عبد العزيز دفع الله (ما حدث من اطلاق نار على المواطنين العزل يستدعي تحقيقاً عاجلاً). بينما طالب رئيس حزب الامة الوطني، رئيس لجنة الصناعة والتجارة بالبرلمان علي مسار، بتشكيل لجنة تحقيق للتقصي في وفاة المتظاهرين. وفي السياق قال نائب مدير برنامج شرق أفريقيا والقرن الأفريقي والبحيرات العظمى بمنظمة العفو الدولية سيف ماغانغو،(يجب أن تتوقف أعمال القتل هذه، فلا يمكن تبرير إطلاق النار على المحتجين العزل، فالمطلوب بوضوح الآن هو إجراء تحقيق مستقل وفعال في هذه الأحداث، ويجب تقديم جميع المسؤولين عن الاستخدام غير الضروري أو المفرط للقوة، بمن فيهم أولئك الذين يتحملون مسؤولية القيادة، إلى العدالة).. ** سيناريو سبتمبر .. نفى الأجهزة النظامية ممثلة في جهاز الأمن والشرطة وقوات الدعم السريع، إطلاق الرصاص على المحتجين سلمياً، أعاد للأذهان قضية ضحايا سبتمبر 2013، والذين قتلوا في الإحتجاجات التي شهدتها في العام. وفي نوفمبر من العام 2015 احتدم جدل كثيف في البرلمان حول عزم الحكومة تعويض أسر ضحايا الاحتجاجات، وبينما طالب نواب بتقدم المتورطين في الاحداث لمحاكمات عادلة وعلنية، تمسك وزير العدل السوداني الأسبق عوض الحسن النور، بالتعويض. وقال ردا على النواب، بان الذين قتلوا في الاحداث (86) شخصا منهم (4) لقوا مصرعهم خلال حوادث حركة اثناء فرارهم. الجريدة