إنهزامية المعز    وزير الصحة    ما الخطوات القادمة لمصر والسودان بعد إعلان إثيوبيا اكتمال "سد النهضة" ودعوتهما لحضور الافتتاح؟    الي إللقاء مستر لقمان    الهلال والزمالة في مواجهة ساخنة    المريخ في اختبار صعب أمام احمر كردفان عصر اليوم بالدامر    رئيس الأهلي مدني يهاجم التحكيم    بالصورة.. الصحفية والشاعرة داليا الياس تتغزل في نفسها: (سندالة ثابتة وسحابة رابطة واشيي علي براي)    شاهد بالصورة.. بطريقة ساخرة أثارت ضحكات الجمهور.. وزير الصحة البروفيسور المعز عمر بخيت يرد على متابع سأله: (ح تحلف في المصحف القديم ولا في نسخة اليبورت؟)    شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل تحرك أنفها وأذنها بطريقة غريبة ومضحكة أثناء تفاعلها مع إحدى الأغنيات الأجنبية    مصر تغلق الطريق الدائري الإقليمي بعد حوادث مميتة    رئيس الوزراء يؤكد أهمية احكام العملية التعدينية وفقًا لرؤي وضوابط جديدة    الدعم السريع واستراتيجية الهروب للأمام    طيلة أيام الحرب ظلوا مختبئين في عواصم الصقيع والحيتان يراقبون مجريات الأحداث ينتظرون إنتصار أحد الطرفين    الاتحاد السوداني لكرة القدم يُهنئ اتحاد الدويم بتشكيل مجلس إدارته الجديد    قطَار الخَامسَة مَسَاءً يَأتِي عند التّاسِعَة!!    هيئة مياه الخرطوم: بدء التشغيل التجريبي لمحطتي بيت المال والمقرن    ريال مدريد يكمل المربع الذهبي    وزير الداخلية يتفقد دائرة القوات الخاصة بالشرطة الأمنية ويثمن تضحياتها في معركة الكرامة    تركي آل الشيخ يُوجّه رسالة للزعيم عادل إمام بعد حفل زفاف حفيده    البرهان أمس كان مع حميدتي، وقحت ضدّه؛ اليوم اتبادلوا المواقف    إيلون ماسك يعلن تأسيس "حزب أميركا"    تأشيرة سياحية موحدة لدول الخليج قريبًا.. صلاحية حتى 90 يومًا    ضوابط صارمة لإعادة التأهيل في الخرطوم    مصر .. فتاة مجهولة ببلوزة حمراء وشاب من الجالية السودانية: تفاصيل جديدة عن ضحايا حادث الجيزة المروع    باريس يكسر عقدة بايرن ويعبر لنصف نهائي المونديال    اداره المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تضبط شبكة إجرامية تنشط في جرائم النهب والسرقة بامبدة    حاج ماجد سوار يكتب: العودة إلى الخرطوم بين الواقع و المأمول (3)    مأساة في أمدرمان.. تفاصيل فاجعة مؤلمة    السيسي يؤكد على موقف مصر الثابت الداعم لليبيا والمؤسسات الوطنية الليبية    الطاهر ساتي يكتب: لحين النتائج ..!!    السودان..مجلس الأدوية والسُّموم يوقّع إتفاقية تعاون مشترك مع إندونيسيا    السودان.. الشرطة تلقي القبض على"عريس"    صفقوا للدكتور المعز عمر بالأمس وينصبون له اليوم مشانق الشتم لقبوله منصب وزاري    والي الخرطوم يصدر توجيهًا بشأن محطة" الصهريج"    المذيعة الحسناء سالي عثمان تكتب: (شريف الفحيل إلى أين؟!!!)    إعلان خطوة بشأن النشاط التجاري بالسوق المحلي الخرطوم    محكمة بحري: الحكم بالإعدام مع مصادرة المعروضات على متعاون مع القوات المتمردة    ابوقرون ينقذ الموسم الرياضي ويقود التنمية المستدامة في ولاية نهر النيل.    ترامب: سأكون حازما مع نتنياهو بشأن إنهاء حرب غزة    بعد زيارة رسمية لحفتر..3 وفود عسكرية من ليبيا في تركيا    إدارة المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تسدد جملة من البلاغات خاصة بسرقة السيارات وتوقف متهمين وتضبط سيارات مسروقة    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    لقاء بين"السيسي" و"حفتر"..ما الذي حدث في الاجتماع المثير وملف المرتزقة؟    مزارعو السودان يواجهون "أزمة مزدوجة"    رسائل "تخترق هاتفك" دون شبكة.. "غوغل" تحذّر من ثغرة خطيرة    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    مِين فينا المريض نحنُ أم شريف الفحيل؟    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    تراثنا في البازارات… رقص وهلس باسم السودان    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمير تاج السر : متاهات الافتراض
نشر في رماة الحدق يوم 23 - 07 - 2019

من الأشياء التي أتوقف عندها في مواقع التواصل الاجتماعي، بقوة أحيانا، وبحذر، أحيانا أخرى، تلك العبارات التي يأتي بها البعض، إما من كتب قرأوها أو تصفحوها مجرد تصفح، أو في شكل أقوال لشخصيات قد تكون معروفة لنا، من سياسيين وأدباء، وفنانين، وحتى لاعبي كرة.
هذه العبارات أو الأقوال من المؤكد أعجبت الذي وضعها على صفحته، وشكلت له في فترة تعرفه إليها معنى معرفيا وجماليا معينا، أراد أن ينقله للآخرين. وفي الحقيقة تبدو المسألة محبطة أحيانا حين يمر المتابع على بعض تلك الأقوال التي تحيط بها علامات الإعجاب، ليخرج بلا شيء، مجرد سطور اقتطعت من رواية، قطعة نثرية، خاطرة، لن تمنحه تلك الإيحاءات التي منحتها لمن وضعها على الصفحة.
وقد قرأت في صفحات كثيرة بالفعل سطورا مجتزأة من روايات، لم أجد فيها جمالا أو حكمة، وقرأت أيضا جملا منسوبة لكافكا وأيزنهاور وبنيامين فرانكلين ومحمد علي كلاي ومارلين مونرو، لم تكن خلاصة لتجربة أي منهم، مجرد جملة، لا أعرف حتى مدى صحتها.
أعتقد من أهم وظائف مواقع مثل تويتر وفيسبوك، الاحتكاك وتبادل الخبرات والمعارف، كل يمنحنا شيئا مما يعرفه، ونمنحه بالمقابل شيئا مما نعرف، إضافة للدعاية المعروفة للأعمال الفنية والإبداعية، والندوات والأمسيات الثقافية، والمعارض. ولأن هذه الوسائط مفتوحة، ولا يحتاج التسجيل فيها، والتفاعل بعد ذلك لأي مجهود، نجد أنها تحولت إلى بيت كبير، حقيقة تحولت إلى قارة تضم من يعرف ومن لا يعرف، من يشارك بعمق، ومن يود أن يشارك حتى ولو بسطحية، وبالتالي تنبت مثل تلك المشاركات التي وصفتها بالهشة، أو التي لا تستند إلى دليل حقيقي، ينقلها أحدهم من كتاب، ويأتي من ينقلها من صفحة، ويضعها على صفحة أخرى، وفي كل الأحوال تجد من يعجب بها ويضع تلك العلامة السحرية التي يسعى إليها الكل.
ولعل السعي إلى علامة "لايك" من تلك الأشياء الغريبة التي تحتاج إلى دراسة عنها، ليس مهما ماذا كتبت، ولمن توجهت في منشورك؟
ليس مهما جمال الصورة التي وضعتها، والحالة المزاجية التي وصفتها؟
وليس مهما أي شيء، في أي شيء، وفقط علامة " لايك"، تحسن مزاج من طرح شيئا على صفحته وجلس ينتظر، وقد يصبح الانتظار قاسيا حين يرى صاحب المنشور أصدقاء له موجودين، ونشطين من حول منشوره، من دون أي التفات له. وقد أخبرتني صديقة مرة، اعتادت أن تضع تلك الأقوال المجتزأة من روايات، أو المنسوبة لشخصيات عامة، أنها تضع قائمة بالذين تود أن تحصل على إعجابهم، وتظل مرابطة حول منشورها، تحذف من القائمة، كل من يمر، ويعجب بالمنشور أو يعلق عليه، وتتكدر جدا، إذا ما انتهى اليوم، من دون أن يمر كل الذين توقعت مرورهم، وقد ترسل عتابا عبر الرسائل الخاصة للبعض.
أعود لمسألة المعاني المراد توصيلها وقد تصل أو لا تصل من وضع الجمل المأخوذة من الكتب، والأقوال المنسوبة للشخصيات، وأؤكد أنني أكون سعيدا جدا حين أجد جملة محفزة من رواية لماركيز أو يوسا، أو قصيدة لمحمود درويش ولوركا، وبابلو نيرودا، أجد فيها معنى جديدا وجديرا، وأجد داخلها حكمة تدهشني، وقطعا لن أتفاعل جيدا، حين لا أجد شيئا من ذلك.
المعنى مهم جدا، والمغزى الجمالي والفلسفي مهم أيضا، وكلنا نستمتع ونندهش من جملة شعرية مثل "نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا"، التي تكتب كثيرا، وتدهش في كل مرة، أكثر من جملة شعرية أخرى مثل "مطر… مطر"، التي تكتب أيضا، ولن تمنح أي إيحاء هكذا ما لم تقرأ القصيدة الكاملة الجميلة للسياب.
منذ سنوات وقبل انتشار وسائط التواصل الاجتماعي، كنا نتحدث أنا والكاتب المصري الراحل يوسف أبو رية عن المعاني العالقة بالجمل التي يتناقلها الناس. كان يوسف يرى أن تلك الجمل التي تكتسب صيتا معينا، حتى ولو لم تكن ذات مغزى واضح، هي جمل محظوظة، والذين كتبوها هم محظوظون بلا شك، وأذكر أنه صرح بأمنيته، أن يتناقل الناس جملة له. تلك الأيام كنت نشرت روايتي "مهر الصياح"، وهي للذين لا يعرفونها ملحمة تاريخية كبيرة عن القهر، في كل العصور، استللت عدة جمل من تلك الرواية، قلتها ليوسف، وسألته عن إمكانية أن تصبح جملا، قد يرددها أحد، فاختار واحدة، سعدت كثيرا أنها حققت توقعه في ما بعد. لكن الأمر ليس مكسبا في الحقيقة، ويمكن تأويل مثل تلك الجمل أيضا وإقحامها في ما لم تقل من أجله، كأن تستخدم جملة قيلت في مناسبة عرس داخل نص روائي، كأداة سياسية ضد نظام ما، وهذا ما لم يقله الكاتب.
بالتأكيد الرغبة في المشاركة ما دام الإنسان يملك صفحة مفعلة في موقع اجتماعي، هي ما يدفع بالكثير المنطقي وغير المنطقي لينشر على الناس، وتجد من ينشرون صور أطباق الطعام، ومن ينشرون صور الغسيل المنشور على حبل، ومن يقتحمون عالم البسطاء، الذي يجاهدون في الحفاظ عليه نقيا، ليلتقطون الصور، ويعممونه، وهكذا رغبات قوية في المشاركة، والحصول على" لايك".
والمتابع إما تطربه تلك الأشياء فعلا وإما تضجره، وفي النهاية لا غنى عن الوسائط الاجتماعية، إنها المجتمع الحداثي الذي يعيش فيه معظم من يملكون طريقة للوصول للإنترنت، وهجروا من أجله المجتمع الحقيقي. وأظنني كتبت مرة: أنك حين تعلن عن أمسية أو ندوة أو توقيع كتاب في بلد تزوره، ولك فيه أصدقاء كثيرين، سواء أن كانوا حقيقيين أو افتراضيين، ستجد من يتفاعل ومن يكتب: أول الحضور. وتذهب وتقيم ندوتك، ولا تجد أحدا من الذين أكدوا حضورهم، لكنك ستجد علامة "لايك" منهم، بمجرد أن تضع صورا للأمسية.
ذلك ببساطة أنهم يعيشون في المجتمع الآخر، ولن يغادروا مواقعهم من أجل أمسية واقعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.