الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيوت تحت الأنقاض وخسائر بالمليارات الجيلي .... ما بعد الكارثة


الحلقة الأولى
مخاوف من عودة السيل مرة أخرى وشباب يؤكدون وجود "فتحات" بالجسر
عملية سطو يقودها مجهولون لمخازن تحتوى على مساعدات قدمتها منظمات مختلفة
مديرة مدرسة الجيلي تُطالب المتضررين بإخلاء المدرسة والأسر تحتج (نمشي وين )؟!
صاحب منزل سقط بالكامل: المحلية تتحمل المسؤولية ونطالب بخيام ومواد بناء
ظهور حميات وطفح جلدي وحالات اسهال مائي وسط المواطنيين
الهلال الأحمر : المنطقة تحتاج لعمليات رش مكثفة
الساعة كانت تُشير للثامنة صباحاً عندما غطت مياه السيل الذي تحدى ( متاريس) الجسر المُتهالكة مُسبقاً حي ( أبو صالح ) الشهير بالجيلي، دقائق معدودة كانت كافية لإحالة المئات من المنازل لحُطام عجز أصحابها عن انقاذ ( إبرة ) ففروا بما يرتدونه من ثياب.
منذ صباح الإثنين المنصرم والمئات من الأسر تتلحف العراء، بلا مأوى يقيهم أشعة الشمس الملتهبة، وسماء تُنذر سُحبها بأمطار غزيرة قادمة، خسائر قدروها بالمليارات وأثاث ثمين يُغطيه الطين، أفسدت المياه المنهمرة جُله.
خمس أيام مضت والجيلي تحت الأنقاض يلوذ سُكانها بالجسر والمدرسة خوفاً من الموت غرقاً، تتوالى نداءات الاستغاثة هُنا وهُناك ولا مسؤول يقول (لبيك).
( الجريدة) خاضت مع ربات المنازل الباحثات عن خِيم تأوي صِغارها، وفتية الحي المخندقين قُرب الجسر خوفاً من تكرار الكارثة، وأطفال أنقذتهم العناية الإلهية، مياهاً ملأت أزقة الشوارع وباحات البيوت، ونقلت مطالب مشروعة لمواطنين باتوا لا يعلمون أي باب يطرقون فالمصيبة هذه المرة على حد تعبيرهم أكبر من لجان المقاومة والأحياء .
مزارع الليمون
أُولى المنازل التي دلفنا إليها، منزل اُسرة الصائم محمد نعيم محمد، بحي" أبوصالح" جنوب السوق، ثلاثة بيوت في قلب حوش واحد انهارت تماماً، لم تصمد سوى (البوابة) وكأنها أرادت تخبئة فداحة ما تسبب به السيل!.
الصائم الذي بدا مُتماسكاً رغم أن المصاب جَلل قال في حديثه ل(الجريدة) : اقتحم السيل الحي من الناحية الأمامية في تمام الثامنة صباحاً، بلغ مُنتهاه بصورة خِلنا نحن الرجال أنها النهاية، وصل ارتفاع المياه النوافذ فإنهارت الغُرف في بضع دقائق، كُل شيء حدث في دقائق معدودة، لم نتمكن من انقاذ أي شيء، فررنا بما نرتديه من ثياب.
أغفل المسؤولون صيانة الجسر هذا العام، سابقاً عملية ترميمه وتهيئته، كانت تتم قبل الخريف بفترة وجيزة ( هذا مالم يحدث العام ) – يواصل والحديث للصائم محمد _ هذا إضافة إلى أن انشاء بعض مزارع الليمون حول الجسر شكل عائقاً ساهم بشكل كبير في الكارثة، ولا نعلم لمن تعود ملكيتها .
تكبدت الأسرة خسائر فادحة يعجز عن تقديرها، عزاءهم الوحيد أنّ الأرواح مُعافاة رغم ماعاشته مِن عناء. صغاره ووالدته وأُسرة شقيقه المُتوفي في العراء، لاشيء يحول بينهم وأشعة الشمس المُلتهبة، كما أن الخريف مازال في أوله، والسماء تُنذر بالمزيد. لا يُريد " الصائم " مُؤن ومواد غذائية، ( الجيلي لا تجوع )، هو فقط يُريد خِياماً تأوي أبنائه لحين اعادة البِناء مرةً أُخرى، لافتاً إلى أن هُناك بعض المُنظمات قامت بتوزيعها بيد أنها قليلة لم تُغطي ثُلث المتضررين، إضافة لإشكالية التوزيع، وقال : بعض الأحياء غير المتضررة تُعافر من أجل اقتسام كافة المُساعدات مع من يعشون في العراء، الأطماع وعدم الاتفاق سيدا الموقف، ولا جهة رسمية تُريد تحمل نتائج الكارثة التي نكتوي بلظاها نحن المساكين، مُشدداً على أن الجسر الذي شيده الزعيم اسماعيل الأزهري لحماية أهالي الجيلي من فيضان (1946) أنذاك يُواجهون اليوم خطراً أعظم منه بمراحل بيد أنهم هذه المرة وحدهم بلا ( الأزهري )، منوهاً إلى أن حيي ( أبو صالح ، و الشمامير ) الذي يقع غرب مدرسة الأساس أكثر الأحياء ضرراً.
حي أبو صالح
(الجريدة) تجولت داخل أكثر أحياء الجيلي ضرراً، رؤية منزل جُدرانه مُتماسكة، كان من المُحال ، والبيوتات التي قاومت يبدو عليها الإنهاك الشديد، وتلحظ أن قبضة رجل واحد قادرة على رميها، المياه تمكنت من اختراقها تماماً فأصبحت رخوة آيلة للسقوط في أي لحظة .
لفيف من النساء خضنا المياه المُتراكمة بين أزقة الأحياء للوصول إليهن، أحداهن زجرت ابنها ذا الثمانية أعوام عله يترك السباحة في مياه لا تدري ماذا يُخبئ باطنها وأمرته باللذهاب للمنزل، فأجاب الصغير المُشاكس أمه :( يمة هو فضل فيها بيت أمشي ليه )؟!، كانت إجابته قاسية للغاية، بيد أنه لم يقل إلا الحقيقة، منزله تحول لأربعة ( قنايات) غرزتهم أمه بين حُطام غرفتها المُتراكم واستعانت ب(ملايات) بالية تركها السيل على مقربة من المنزل لتقيهم الشمس فقط، قالت في مطلع حديثها وابتسامة ساخرة تغطي وجهها : ( راكوبتي دِي هبوب بس يرميها).
لو أن السيل اجتاح الحي ليلاً ما نجا أحد، تسرد مُختطفة الحديث من رفيقاتها قائلة : استيقظتُ فزعة، أصوات صُراخ جاراتي مازال يُقلق مضجعي، وقبل أن تُكمل حديثها صرخت جارة على مقربة مِنهن فهببن مُسرعات لنجدتها، وجدنها تُحاول النُهوض من بركة مياه غطت مِنها كُل شيء عدا وجهها، انتشلنها بمساعدة بعض الفتية، وعاد الحديث مجدداً، وصلت المياه حد رقابنا، ولو لم يتكاتف أبناء الحي بمعية الرجال لإنقاذ العجزة وطاعني السن لماتوا جميعاً.
غُرفة العريس
يقطن العم عبدالدائم خلف الله بحي أبو صالح في منزله الذي استحال رُكاماً مُنذ (40) سنة، قضاها بمعية أُسرته التي تفرعت مِنها أُسر صغيرة كُلها يحتضنها ( حوش ) واحد .
يقول ل( الجريدة ) : الأمطار التي سبقت السيل بسويعات، امتلأت بها باحات منزل جارنا، ذهبنا لمُساعدته، ولكن ( صراخ) النساء حال دُون اكمال المهمة، فزعنا إليهم لنجد أن البيوت ( ماصت ) تماماً فأخرجناهم بأعجوبة ناحية المدرسة، ولكننا عجزنا عن انقاذ ( ابرة ) بالمنزل. مُؤكداً أن خسائر أسرته تجاوزت المليار ونيف، بما فيها ( شيلة ) إبنه الذي كان يتهيب لتأسيس أسرة وأثاث منزله الذي تحول لرُكام، مشيرا بيده ( دي غُرفة العريس ).
كما لم تستثن المياه ( مكنة الخياطة )، مصدر رزقه وقوت أبنائه فدُمرت بالكامل، حتى أنه لم يستطيع اخراجها من بين الركام. لافتا إلى أن منظمة سعودية أحضرت ( رغيف ، فول ، سكر ) وقامت بتوزيعها على الأسر المتضررة، مُستنكراً توزيع مواد تموينية على من يقبعون في العراء بقوله : ( ما جعانين تب ، ولا نُريد مئن ، الحقونا بالخيم فقط ).
قُرب الجِسر
الوصول للمتضررين بالضفة الأُخرى من حي (أبو صالح) لم يكن هيناً، المياه تُغطي أزقه الشوارع تماماً وبعمق، تفاجأ الذين استطلعناهم، كيف وصلتم هُنا ؟! ، فقلنا: ( خضنا مع الخائضين).
الفاتح أحمد محمد نور – حي أبو صالح - يُؤكد ل( الجريدة ) أن كُل المسؤولين اكتفوا بزيارة مقدمة الأحياء المتضررة فقط، ( لم يأتي غيركم قط هُنا ). مُضيفاً: حجم الضرر كبير للغاية، فقدتُ كل شيء، إضافة للمستندات الرسمية أصبحت بلا مأوى أو هوية ( مصيبة يصعب التعبير عنها ).
يعمل (الفاتح) في صِناعة الأحذية الجلدية مُتخذاً من فناء منزله معملاً ومركزاً للبيع، سيما لأهالي المنطقة المعروف لديهم، ورشتة باتت الأن " خُردة "، هذا إضافة لفقدان ابنائه مرقدهم . ساهم سوء التخطيط بالمنطقة لتفاقم الأزمة، وحال دون وصول سيارات الأسعاف لإنقاذ الجرحى مؤكداً وجود اصابات وسط أطفال عجزوا عن ايصالها للمستشفيات، كما أن سوء التصريف بالشوارع تأمر مع السيل فأدى لهدم قُرابة ال(300) منزل كُلياً ( مافيها طوبة واحدة واقفة )، مُطالباً الحكومة الجديدة ممثلة في رئيس الوزراء بضرورة الوقوف على كارثة الجيلي من أرض الحدث مباشرة ( تعالوا شوفوا بأعينكم ).
نِداء استغاثة
الشاب مدثر موسى ومن أمام الجسر أطلق صرخات مدوية ونداء استغاثة صوبه أولاً للجهات المختصة، الغضب بصوته المبحوح لم يمنعه عن سرد تفاصيل كارثة قادمة مالم يتم تداركها فقال : " الترس" بالجسر فاتح، مُنذ بزوغ الفجر وحتى الأن لم نبتعد عنه ثانية خوفاً من تسرب المياه عبره، نُريد " كراكات" لإغلاقه تماماً، طالبنا المحلية بذلك، لكنها تتذرع بالمياه وتتحجج بصعوبة دخولها، ورغم أنها وعدتنا في اليوم الاول بإحضارها " قلابات" تُراب لسد الفجوة لكنها لم تف بوعدها حتى الان، طرقنا أبوابهم في أوقات متفاوتة، مسؤول يحولنا لأخر، ( قنعنا منهم )، نحن الآن نقوم بتعبئة ( شوالات) من طين وطمي وكل ما نجده أمامنا ومن ثمة " تتريس" الفجوات به، نعمل بالتناوب، ونهرع إلى هُناك فور سماع ( صافرة ) الإنذار وصياح الرفاق.مدثر يُؤكد ل( الجريدة) أن الوضع خطير للغاية صوب الجسر سيما بعد فتح خزان الرصيرص والكنجر، واحتمالية عودة السيل كبيرة مع عدم وجود مقدرة لصده هذه المرة ( كملت مروتنا )، لافتاً لوجود ( فتحات ) كبيرة بالجسر تم صُنعها لتنفيس المياه وهي الأن تُشكل الخطر الأكبر، مُستنكراً توزيع مؤن غذائية في منطقة معروفة بالتكافل الاجتماعي ( لا نُريد مواد غذائية ، الأحياء المجاورة ما مقصرة ، ما نريده خيم نحمي بها نسائنا والصغار من الشمس والمطر ) مُردفاً : المياه تُغطي بالكامل أزقة الأحياء مشكلة خُطورة كبيرة على كبار السن خاصة لذا يجب (شطفها ) وتجفيفها بأسرع مايمكن، مُشدداً على عدم عدالة توزيع المساعدات القادمة من قبل بعص المنظمات بالرغم من ضآلتها ، ماذا يمكن أن تفعل (20) خيمة لحي يقطنه اكثر من (500) أسرة ؟!.
لجان تسيرية
لغط كبير دار حول توزيع ماجادت به قريحة بعض المنظمات، المتضررون يشكون من عدم نزاهة صاحبت عملية التوزيع، وهذا ما أكده عماد الدين بدوي – حي ابو صالح – في حديثه مع ( الجريدة ) : تم تشكيل لجان تسيريه فور وقوع الكارثة من قبل أبناء الأحياء المتضررة والبالغة عددها أربعة لجان، الدعم لم يكن كافياً كما أن من تم اختيارهم لتولي المهمة ( ماشغالين صاح )، بعضهم استلم المواد لكنه لم يقم بتوزيعها على المتضررين ، أو قام بتوزيعها على أشخاص أقل ضرراً .
عملية سطو
تعرضت المخازن لعملية سطو من قبل أفراد لا نعلمهم، ولكنهم ليسوا من سكان الجيلي، حاولنا صدهم، ولكنهم كانوا كثيرون وتمكنوا من الهرب، مسببين إصابات لبعض الأهالي من ضمنهم أنا، ويضيف " بدوي" لم نجد أي فرد من القوات النظامية لحمايتنا، وحاليا المخازن خاوية إلا من أشياء بسيطة ، الشيء الذي جعلنا نُخلي مسؤوليتنا منها تماماً . لافتاً إلى أن عملية التنظيم يشوبها الكثير من الخلل مطالباً الجميع بمراعاة الله في هؤلاء المساكين الذين باتوا الأن بلا مأوى، منوهاً إلى أن عملية توزيع المؤن على قلتها بيد القوات النظامية المتواجدة حالياً في محيط مدرسة الجيلي الأساسية.
مدرسة الجيلي الأساسية
العشرات من الأسر بعد أن فقدت مأواها لم تجد أمامها سوى باحة المدرسة لتلوذ بها، أسرّة مُتناثرة، حقائب بقلبها ما نجى من كُل بيت، بعض الثياب المُنقذة، وأمهات يحتضن أبنائهن في ترقب تام.
مديرة المدرسة المُطالبة وبإلحاح مغادرة تجمعات الأسر المنكوبة باحة المدرسة، قوبل طلبها برفض تام من قبلهم، ( نمشي وين )؟! ، كانت الإجابة واحدة. وجهت ( الجريدة ) سؤال المتضررين صوبها ، نسرين محمد عثمان ، مديرة مدرسة الجيلي الأساسية فقالت : نُريد إخلاء المدرسة في حال أعلنت الوزارة عن فتح المدارس يوم الأحد لاستقبال الطلاب. عن أيّ طُلاب تتحدثين، وقد كان جُلهم يتخذ من فصوله الدراسية مأوى، بينما يحرس البقية " ترس " الجسر خوفاً من الغرق ؟! . تقول: سنعمل على معالجة الأمر، وتهيئة البيئة المناسبة، مضيفة : حتى الأن الوضع يمكن تداركه.
التف حولنا العديد من الأسر، مطالبة بالسؤال عن مايحدث من تخبط في عملية التوزيع ، تقول " نسرين " : ( لا تُوجد أي مشكلة حتى الآن، المواد متوفرة، بيد أن الاشكالية تكمن في صعوبة تركيب الخيم نظراً لامتلاء الشوارع والبيوت بالماء، لذلك يجب تجفيف المياه أولاً ، مردفة : بدأت عملية توزيع كل المواد على المتضررين نهار أمس ولكنهم توقفوا بحلول الليل نظرا لانقطاع التيار الكهربائي بالمنطقة ، على امل المواصلة اليوم ، ولكنهم حتى الساعة الرابعة عصراً لم يأتوا .
قبل أن تكمل " نسرين " حديثها قاطعها المواطنون احتجاجاً على ما أدلت به، مؤكدين أنهم لم يستلموا وحتى هذه اللحظة أي شيء، ( لا خيم ولا ناموسيات )، مستنكرين مطالبتها إياهم اخلاء المدرسة . تشكي : سيدة بيوتنا ( اتمسحت ) بالكامل، وما أحضروه ظل حتى هذه اللحظة مجرد اقاويل لم نر منها شيء، ( لا نريد سوى خيم ) .
وعضض أمين عبدالرزاق ماذكرَته قائلاً : يطالبونا بإخلاء المدرسة وكأننا نحبب البقاء بها، جاءت بنا الكارثة ، لم نأتي رغبة منا.
مخاطر صحية
ووفقاً لإحصائية صادرة من لجنة شُكلت من قبل أبناء حي أبو صالح فإن (536) منزلاً تعرض للهدم بينها منازل هُدمت كُلياً وبعضها جُزئي، يقول عضو اللجنة المقداد محمد ادريس ل(الجريدة ): تلوح في الأفق مخاطر صحية جمة نظراً لتراكم المياه بالبيوت والشوارع، لافتا إلى ظهور حالات حميات وطفح جلدي، اما ما يُقلق فعلاً هو ظهور حالات إسهال مائي بين المرضى الذين ارتادوا العيادة بالحي.
الهلال الأحمر
من جانبها كشفت جمعية الهلال الأحمر، المتواجدة منذ اليوم الأول بالمنطقة عن مخاوف صحية مرتقبة في حال لم يتم التعامل مع الأمر بالسرعة القصوى، لافتة إلى ضرورة رش المياه الراكدة والتي تُعد مرتعاً جيداً للباعوض والذباب، مشددة على أهمية تجفيف المياه اولاً، قائلة : ( المنطقة تحتاج لعملية رش مكثفة )، مشيرة لتعاملها مع الجرحى واجراء الاسعافات الاولية للمصابين ، منوهة لعدم وجود حالات خطرة.
رسائل في بريد حمدوك
في طريق خُروجنا من الجيلي، التقينا بالخالة عوضية محمد - ربة منزل - سألتْ بلهفة بينما كانت تهم لقطع " خور " ملئ بالمياه يحول بينها والطريق إلى المدرسة بعد أن نبأ لعلمها وجود " خِيم " توزع هُناك.
بادرت مُتسائلة :(أنتم المسؤولين،عندي رسالة بدور أقولها) ؟!، وأضافت الجيلي ماجعانة، لا نُريد سكر، زيت ، ودقيق ... الخ ، "من شجر ليمونة وبرتقالنا ده بنأكل"، نُريد ما يقينا الشمس والمطر، أصبحنا في العراء، بيوتنا والأرض واحدة، وأردفت: أبنائنا يبتون عند الجسر لحراستنا، نخشى أن نستيقظ الصباح ولا نجدهم ( يشيلم السيل)، كل ما بوسعهم فعلوه، وبات الأمر أكبر من طاقتهم ، ( دِي مهمة الحكومة) .
وتواصل: كُنا دائماً نُؤيد أبنائنا الذين خرجوا وانتفضوا ضد البشير ونظامه السابق، لم نمنعهم يوماً من الذهاب للقيادة او الخروج للشوارع، لأننا أكثر منهم ضرراً، اكتوينا بنيران الأسعار المرتفعة، والمحسوبية التي حالت دون توظيفهم رغم شهاداتهم ( السمحة ). هتفنا معاهم ( حرية ، سلام ، وعدالة ) ، وهسّه " دايرين العدالة " فقط ، في كل شئ.
وتابعت: اللجان التي تم تشكيلها سربت المواد خارج الحي، وقامت بتوزيع ما نستحقه لغيرنا، بعضهم منازلهم لم يشوبها أي ضرر، بينما انهارت منازلنا بالكامل، ومع ذلك لم نتمكن من الحصول على خيم واحدة تأوينا إلى أن ننهض من جديد ونتمكن من بناء غُرفة واحدة فقط.
نواصل في الحلقة القادمة
الجريدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.