عندما أسمع بأن الحركة الشعبية بدأت تدق طبول الحرب وإعلان الجاهزية لخوضها ضد السودان وتعبئة سلفاكير لقواته للاستعداد لمعارك قادمة، استحضر غزوة بدر الكبرى التي كانت حداً فاصلاً بين الحق والباطل يوم أعدت ملة الكفر كل إمكاناتها لاستئصال شأفة الاسلام وإسقاط رايته، ثم كان نصر الله للمؤمنين محمد وصحبه.يوم أن وقف الصحابي الجليل سعد بن معاذ وقال يا رسول الله لكأنك تريدنا أن نمضي لما امرك الله به، والله ستجدنا صبراً في اللقاء لو خضت بنا البحر لخضناه معك، ولو سرت بنا الى برك العماد ما تخلف منا أحد. دولة الجنوب لم تبلغ الرشد وليس بها رجل رشيد، وأحسب ان رؤوسهم قد لعبت الكحول فأضحت تهذي بما لا تعلم، وكان عليها الالتفات لبناء دولتها وتحسين علاقاتها وانهاء نزاعاتها الداخلية، بدلاً من البحث عن حرب خاسرة، وقد جربتها لعقود مضت ما استطاعت خلالها الدخول لمدينة حتى جاءت كارثة نيفاشا. لكنها الأجندة الخارجية هي التي تسوقهم نحو الهاوية، إذا ما أقدموا على خوض حرب امام جيش نظامي وله كفاءة عالية ويمتلك كل احداثيات الجنوب. فعقلية الحركة الشعبية لم تتطور من حرب العصابات، وتفتقد لكل مقومات التخطيط الاستراتيجي لشن حرب مع دولة مثل السودان. ولعل الحركة تدرك إمكانات الجيش السوداني وقوات الدفاع الشعبي التي تقاتل إلى جانبه، فقد استعانت الحركة الشعبية في السابق بالدعم الأجنبي وبالقوات اليوغندية لتصبح معداتهم العسكرية غنائم للقوات المسلحة التي ألحقت بهم الهزائم ودحرتهم حتى مشارف الحدود. وإذا ما أقدمت الحركة على اتخاذ قرار الحرب فإن الجنوب سيتحول الى حريق يلتهم الاخضر واليابس، ولن تكون هنالك دولة اسمها الجنوب. أما الذين يتحدثون عن التفاوض ونيفاشا ثانية، فهولاء لم يدركوا حقيقة الحركة التي يخطط لها الأجنبي لتظل في خانة المتمترس غير الراغب فى الحلول السلمية مهما حدث من تنازل. إن تكلفة الحرب ستكون عالية في كل جوانبها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لكن ماذا تفعل اذا ما فرضت عليك؟ ونحن لا ندعو للحرب أو نقول يجب أن نبدأ بها، لكن كل المؤشرات تقول إن القوم في طريقهم نحو الحرب، ثم ماذا تفعل مع دولة تعمل جاهدة لتحطيم اقتصادك والكيد لك كل صباح؟ ماذا تصنع مع دولة تدعم العملاء والمأجورين لتقويض نظامك؟ وماذا تعمل مع دولة تحتضن كل حركات التمرد وتمدها بالسلاح والمال لزعزعة أمنك واستقرار دولتك؟ ماذا تصنع مع دولة تسعى لانتزاع منقطة أبيي من أهلها؟ ماذا تفعل مع دولة تريد أن يمر بترولها عبر دولتك ويتم تكريره وتصديره بربع دولار للبرميل؟ ماذا تقول في دولة ترفض ترسيم الحدود الفاصلة مع دولتك حتى تتمكن من الانقضاض على الأرض وخلق بؤر للنزاع والفوضى؟ أليس هذا كافياًَ لأن يعي أهل السودان حجم ما تخطط له الحركة الشعبية وقراءة المشهد بصورة واضحة لنكون في أعلى درجات الاستعداد والتعبئة والاستنفار؟ لكن في نفس الوقت فإن أهل السودان إذا ما دعا الداعي أن يا خيل الله اركبي، ستجد جموعهم تتقاطر نحو ميادين المواجهة لرد حقوقهم ونصرة بلادهم . فالمجاهدون ما لانت عزائمهم ولا ضعفت إرادتهم، فهم الذين خاضوا المعارك مع قواتهم المسلحة في متحركات صيف العبور والميل أربعين، وفي ملاحم سندوا وطريق توريت وعند جبل ملح ومتحرك الشهيد عبد العظيم في طريق نمولي بكل ألويتهم وكتائبهم من الدبابين والصادقين والبرق الخاطف والفرقان والأهوال، وفي لواء القعقاع والبشارة ومسك الختام، وفي فيالق وكتائب الشهداء الزبير وكرار وشمس الدين وعبيد ختم وغيرها، وقدموا الشهداء حتى تمكنوا من دحر المتمردين ولقنوهم دروساً كان عليهم ألا ينسوها.. ولسان حال المجاهدين لقائد المسيرة يقول: أخوانك معاك ما بدلوها قضية رابطين الخيول مازالوا في الردمية حافظين العهود البي الدموم مروية جاهزين للجهاد أفواج صباح وعشية عهداً كان معاك شلناهو ما بتخلى راية الحق ترفرف عالية بي شرع الله جيشك من دواس ما قالوا قبل ولى ضوق للعدو معنى الهوان والذلة والرسالة من المجاهدين للرئيس البشير راعي مسيرة الجهاد في السودان، نقول فيها سيدي الرئيس وأنت تقود هذه الأمة السودانية لك معها عهد أن تحافظ على حدودها وحقوقها وسيادتها وعزتها، ولك جيش مشهود له بالبسالة والإقدام، ومجاهدون صدق في الحق صبر في اللقاء، لا يقولون لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، إنما سيكون قولهم: اذهب أنت وربك فقاتلا وإنا معك مقاتلون. سيدي الرئيس إن الشعب السوداني الذي نصر ثورة الإنقاذ وخرج مجاهداً في ساحات الفداء، مازالت تجري في عروقه قيم التضحية لأنه لا ينكسر ولا يركع إلا لله، وسيخرج شبابه وأرواحهم فوق أكفهم لتمضي قوافل المجاهدين في مواكب النصر وأعراس الشهادة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب سينقلبون. السيد الرئيس إن الدفاع الشعبي الذي أرسيت قواعده في السودان، أصبح مدرسة للتربية الجهادية تخرج أجيالاً من المجاهدين صدقوا ما عاهدوا الله عليه منهم من قضى نحبه شهيداً ومنهم من ينتظر وما بدلوا، فاعمل على دعم هذه المؤسسة الجهادية وسخر لها كل الإمكانات لتؤدي دورها سنداً حقيقياً للقوات المسلحة السودانية.