عجيب أمر ما يجري وأعجب منه أن تدري وصلتني الرسالة التالية من أخ عزيز يقول فيها: «هذه الحادثة من الذاكرة في تسعينيات القرن الماضي، وأنا في طريقي إلى باريس، هبطنا في مطار بيروت في الخامسة فجراً في انتظار الطائرة التي ستقلنا إلى باريس وتمت استضافتنا في صالة الترانزيت كانت فترة الاستجمام في هذه الصالة من عناء التعب، وأخبرنا أن الطائرة ستغادر مساءً، وهنا إسترخيت حتى نمت وأنا بكامل هيئتي «البدلة والكرفتة والجزمة» وبعد نوم متقطع استيقظت وكانت قدماي تؤلماني وفكرت في خلع الحذاء وعندما أخرجتها من قدمي لاحظت أنهما فد تورمتا وبقيتُ على هذا الحال حتى أعلن المايكرفون الداخلي عن قيام طائرتنا بعد قليل فقمت من استرخائي وأخذت الحذاء لألبسه لكن قدميّ قد تورمتا حتى لم تعودا تتحملان «الهبشة» و هنا اضطربت اضطراباً شديداً فكيف أذهب إلى الطائرة حافياً كل هذه المسافة وأنا بكامل أناقتي وفكرت فيما يفكر فيه المفكرون «السفنجة» وكانت لحسن الحظ في الشنطة الهاندباك التي كنت أحملها معي مما يعني أنني سأجبر على انتعالها حتى باريس وأنا بكامل هيئتي الأنيقة ما عدا القدمين صدقوني إنني لو دفعوا لي كل أموال الدنيا «لما خرجت من خشم بيتنا» وأنا بهذه الصورة الكوميدية ولم يكن هنالك سواء في بيروت أو باريس من يشغل باله بهذه الصورة الكوميدية المذكورة آنفاً وكانت الطامة أننا سنقابل كبار مسؤولي شركة «طمسون» في مقر الشركة التي ارتفع العلم السوداني بجانب علم فرنسا في ساريتها قمت بمحاولة فاشلة بارتداء الحذاء مرةً أخرى إلا أنها محاولة فاشلة فعادت السفنجة مرة أخرة لتحل محل الحذاء، قد تكون أسطورة الأخ الطمبوري من الأساطير التى تتكرر في أزمان مختلفة وأشخاص مختلفين إلا أن تتواصل حكاية ألأحذية مع هذا الطمبوري وفي نفس رحلته هذه فهذا أمر قد يجعل الطمبوري ذاتو يضع يديه فوق رأسه دهشةً واستغراباً; ذلك أنني ذهبت إلى سوق تاتي »Tati« في أحد أحياء باريس الشعبية حيث سعد قشرة وسوق ستة لشراء بعض مستلزمات الأطفال وهذا السوق يبعد عن موقع سكني الذي يقع في شارع Champ Elyse وفي رواية أخرى «الشانزيليزيه» و يحتاج المرء الى نصف ساعة للوصول إليه وعندما قمت بتجهيز حقيبتي استعداداً للسفر اكتشفت أن هنالك زوجًا من الأحذية متشابه أي أن الفردتين شمال ذعرت زعراً شديداً واتجهت إلى غرفة الأخ حسن وأخبرته بذلك الخطب الجلل الذي هدّأني قليلاً وخرج معي مرة أخرى إلى السوق بعد أن انتصف الليل ووجدنا قطار الميترو يعمل فامتطيناه ووجدنا كل المحلات تعمل ولم ينته دوام العمل بعد فاتجهت إلى ذلك المحل الذي اشتريت منه الأحذية وقلت لصاحب المحل: إن هاتين الفردتين متشابهتين فرجوته للبحث عن الفردة الصحيحة وفعلاً وجدناها فأخذتها ووضعتها في الكيس وأنا في غاية الفرحة وعدت إلى الفندق ووضعت الكيس في الشنطة فتوكلت على الله وعدت إلى السودان وعند توزيع الهدايا اكتشفت أني نسيت الفردتين الخطأ عند صاحب المحل وعليَّ أن أقنع من الغنيمة بالإياب وعلى صاحبة الحذاء المفقود انتعاله بالتناوب مرة في القدم اليمين ومرة في القدم الشمال ويا الطمبوري لست وحدك فلديك فردة بجاي في السودان. الأخ الدكتور محمد عبدالله الريح أرجو نشر هذه الغيبونة قد تكون عظة لكل من تحدثه نفسه بعدم النظر تحت قدميه» مهندس عبدالمنعم أبوبكر «تلفزيوني معتق» تعليق: معليش يا أخ عبدالمنعم تعيش وتنتعل غيرها وربما يكون عزاؤك فيما سأرويه لك عن رجل غير التاريخ هو طمبوري روسيا فلاديمير ألييتش أوليانوف لينين. لقد وصل لينين ورفاقه بعد نجاح الثورة الروسية إلى سدة الحكم في اكتوبر 1917م.. وأول شيء فعله هو أن أعلن خطته الخمسية 1917 - 1922م التي راهن فيها على نمو اقتصادي مدروس ينادي بالكمية دون النوعية (Quantity without Quality) أي أنه على المصانع في روسيا أن تنتج لتغذي وتلبس شعبها دون الاهتمام بنوعية الإنتاج. فأنتجت مصانع الأحذية 6 ملايين حذاء وتم الاحتفال بذلك في العيد الاول للإنتاج ولكنهم اكتشفوا أنها كلها كانت «الفردة الشمال». ولم يعش لينين طويلاً ليصحح هذه الغلطة الطمبورية إذ أنه أصيب بعدد من الجلطات أفقدته النطق فمات عام 1924.. وهكذا ترى أن لعنة الأخ الطمبوري متأصلة في التاريخ البشري من لدن سندريلا التي إنتهت نهاية سعيدة إلى حذائك الباريسي ذي الفردة الواحدة. تحياتي. آخر الكلام: دل على وعيك البيئي.. لا تقطع شجرة ولا تقبل ولا تشتر ولا تهد هدية مصنوعة من جلد النمر أو التمساح أو الورل أو الأصلة أو سن الفيل وليكن شعارك الحياة لنا ولسوانا. ولكي تحافظ على تلك الحياة الغالية لا تتكلم في الموبايل وأنت تقود السيارة أوتعبر الشارع. وأغلقه أو اجعله صامتاً وأنت في المسجد.