«ولماذا نكتب؟؟أليس مسدس من ست رصاصات خيراً من كل ما نكتبه» وبعد أسبوع كانت الرصاصات تنطلق بالفعل.. والرجل الذي ينطلق وراء المال مثل الحريق يقتل. والكلمات كان من يكتبها عام «1950م» هو سيد قطب. وقبل فترة قبل «الإنتباهة» وكتاباتنا تصرخ دون جدوى، نطلق السطور الأولى ذات يوم وهي تحمل كلمات سيد قطب هذه. : وما يجعلنا نستعيد المشهد المصري هناك اليوم هو أن كل شيء في السودان الآن يتجه إلى مصر الخمسينيات أيام حريق الفساد يجعل القلوب تحترق. وأيام سكوت السلطة كان شيئاً يطلق المسدسات. شيء صغير واحد يختلف اليوم. وأمس الأول الجمعة على المنبر كان الخطيب يستعيد تفسير سيد قطب نفسه للآية «إنا كل شيء خلقناه بقدر». وقال «مصادفة صغيرة قبل أربعة آلاف عام هي السبب في أنك حي اليوم». قال «رجل هو سيدنا يعقوب وفي مصادفة في بيت أو في الطريق يلتقي بامرأة ويتزوجها.. وينجب يوسف. وبقية القصة حتى تفسيره للرؤيا التي أنقذت وادي النيل كله من سبع سنوات من المجاعة». قال: لو أن المجاعة ضربت الناس ولم يسبقها تفسير يوسف للرؤيا لما كان يبقى أحد.. سبع سنوات من الجوع لا يبقى بعدها حي واحد. وهكذا فإن مصادفة قبل أربعة آلاف عام في آسيا تجعلك أنت حياً اليوم». بعد الصلاة كان أحد قادة الوطني يقول لنا : لو أن محادثات أبوجا نجحت يومئذٍ لكان السودان قد انهار. فالدولة لم يكن عندها مليم لتنفيذ الاتفاقية الضخمة. قال نيفاشا جاءت مع البترول تماماً ونفذناها بنصف دخل البترول لو لم يأت البترول يومئذٍ.. في وقته تماماً لأصبحت نيفاشا كارثة مكتملة الأضلاع. قال «وكأنه يقدم شاهداً على حديثه». : الآن وفي أيام مؤامرة إيقاف البترول ما ينفجر هو الذهب والناس الذين ظلوا يمشون بأقدامهم فوق الذهب لعشرين ألف سنة ينحنون إليه اليوم فقط.. وبالكوريق والطورية ويستخرجونه بكميات تجعل بنك السودن يجعل الصرف على استخراج النفط يتراجع إلى الدرجة الثانية. قال: في يناير هذا وحده/ وبنك السودان قريب لمن يشاء السؤال/ السودان استخرج ما قيمته «450» مليون دولار. والتهريب عشرة أضعاف هذا، ويوم يضبط السودان مراكز التنقيب يصبح دولة غريبة. لكن.. حوار اليوم .. «وحوار اليوم عندنا هو كل ما تلقاه اليوم» كان يعيدنا إلى مصر وجنون المال والخيانة.. والمسدس. «2» وفي مصر مرة أخرى يعودون لفتح ملف اغتيال سعاد حسني. وسعاد حسني إن كانت هي بطلة فيلم «أيوب» فإن سخرية الأقدار تبلغ درجة مذهلة.. ففي الفيلم الجيد هذا كان عمر الشريف يمثل دور رجل المال والسياسة الذي يغوص في كل مستنقع لعشرين سنة. وذات يوم يقرر ويعلن أنه يكتب كتاباً يفضح فيه كل شيء وكل أحد.. وماذا ولماذا ومتى ومن وأين وكيف. .. بعدها وبينما عربته تتمهل عند إشارة مرور ينظر الرجل إلى نافذة في الطابق الرابع. كانت هناك بندقية مصوبة إليه. وسعاد حسني في لندن تعلن أنها تكتب كتاباً تفضح فيه كل من «عرفتهم». وألقوا بها من الطابق الرابع وقالوا انتحرت. وهيكل في كتابه الأخير يحدث أن «أشرف مروان» الرجل الثاني مع السادات ومبارك كان جاسوساً لإسرائيل، وعام 2006م أمره يفتضح. ويلقون به من الطابق السادس وقالوا انتحر. كلهم كان ما يقوده هو شهوة المال والسلطة. وفي السودان نظرة خاطفة لكل «الروائح» المنتنة التي تطل من الداخلية والمالية وغيرها كلها ما يجمع بينها هو أن حريق شهوة المال ينطلق. ومشهد الدولة التي تنظر في «بلادة» مشهد يتمدد. والمشهد هذا وهذا أشياء أخرى تجعل صيحة سيد قطب ومسدسه ربما أشياء تقترب. «3» لكن عند الالتفات إلى هذا تكتشف عيونك أنه «نيران التمويه» التي تجذب العيون إليها.. مجرد نيران تمويه.. وذلك حتى لا ترى النيران الحقيقية. ووزارة الداخلية وأمن المجتمع نهار الخميس تعلن إحصائية توجز في أن ثلث أو نصف طلاب الجامعات هم الآن شيء يعيش في«خمارة» ضخمة. خمارة جرى تصميمها بدقة وإطلاقها للعمل. و «205» جرائم فساد في جامعة الخرطوم وحدها «وكيف هي البقية». وقالوا أفعال فاضحة!! وقالوا «181» في مجمع و«18» في آخر و«6» في آخر. وقالوا:«55» مخدرات. وقالوا «624» خلوة غير شرعية. وقالوا «535» في آخر. والإحصائية أطول من شهيق الحسرة. والعمل مصنوع. والإحصائية ليس أطول منها إلا سكوت الدولة. وأول التسعينيات نكتب قصة مجرد قصة قصيرة. وفي القصة نجمع بين نوع من «الحكمة» وأحداث تنمو. وفي القصة شيخان يتنافسان. - صادقين تماماً في العمل الصالح. وفي النهاية أحدهما يذهب ليحفر قبره بنفسه ولأنه في غاية التعفف فإنه يرفض كل عون له رغم ضعفه الذي يمنعه من حفر شبر في اليوم. والناس حوله نهاراً ثم ليلاً ثم نهاراً. وفي الليلة الرابعة السأم يجعل الناس يوقدون نيران الشاي فوق المقابر. ثم رائحة الطعام ثم روائح شيء ليس هو الطعام. والشيخ ينظر إلى كل شيء في «فهم متفهم عميق». ثم حفل ترقص فيه طفلات صغيرات. ثم أخريات لسن صغيرات. والشيخ ينظر في فهم متفهم عميق. ثم الشيء ذو الرائحة والرقص أشياء تنتهي إلى أشياء. ثم لا أحد يبالي بالشيخ وتفهمه المتفهم العميق. والدولة الآن التي تنظر في فهم متفهم عميق سوف يتخطاها مسدس سيد قطب. لكن المسدس نفسه يقف محتاراً. وهو يجد جهة تتخطى شهوة الثراء وشهوة السلطة إلى شهوة لا نعرفها. والجهة هذه تشرع في أسلوب يبدأ بالتعامل مع مشكلة مطار الخرطوم الجديد. وإدارة مطار الخرطوم والهيئة بكاملها تطرد. ومطار الخرطوم يلقى به في مخزن هيئة الطيران.