حكاية سودانية قديمة كدنا ننساها خاصة بعد ان صرنا من أبناء المدن/ قبلنا ذلك الواقع أم رفضنا. فالقصص دائماً ما تكون لها معانٍ عميقة وراسخة لدى الشخص الذي يدرك البيئة التي خرجت منها حتى يعطي تفسيراً معقولاً لما يسمع ويشاهد. عفواً إن ذهبت بعيداً عزيزي فالعنوان أعلاه (ح يلخبط حسابات ناس كتار زينا القاعدين في المدينة خاصة بره السودان). فالقصة أو النكتة تقول بأن سيدة تتجر في بعض الأشياء في سوق قريتها، وعندما تعود للمنتزل منهكة متعبة مساءً تلجأ ل(عنقريبها) الوحيد، وكان يشاركها في العنقريب كائن حي آخر عبارة عن (المرقوت)... والمرقوت لمن لا يعرفونه حشرة صغيرة إذا سكنت دارك لفضلت لسعات البعوض عليه، أو لفضلت عليه القمل الذي يعتبر أقل شراسة منه. المهم كانت تلك السيدة عندما تعود لدارها لا تجد راحتها بل لا تنام إلى الصباح بسبب تلك الحشرة (اللعينة). في أحد الأيام والسيدة في طريقها إلى البيت رأت حركة غير عادية والرجال ينادون بعضهم للنجدة، وعندما استفسرت ماذا هناك قيل بأن هناك بيتا في الحلة يحترق، وهي في الطريق تواصل السير والناس يحاولون قدر الإمكان تجنبها حتى يقومون بتهيئتها لإخبارها أن الدار التي احترقت ليست سوى دارها.. فعلاً جاء الناس وهم مستعدون لاحتمال وقوعها تحت تأثير الصدمة وقالوا: (بيتك حرق).. وكانت المفاجأة أن المرأة هي التي ادهشت الناس بالفرح الطاغي على كل الظروف عندما هتفت بسعادة: (عجبني للمرقوت). ولغير السودانيين، وبعض ابناء السودانيين الذين قد لا يفهمون هذه العبارة، فإن المرأة تقول بأن أجمل شئ وأفضله أن الدار التي احرقت دارها ستجعلها مرتاحة منذ اليوم من هذه الحشرة اللعينة. لم تفكر المرأة ابداً بأموالها وحاجاتها الأخرى الموجودة في الدار، ولم تفكر ابداً في حل المشكلة الأصلية.. اذ كان يمكن لها تغيير حبال العنقريب او شراء مبيد حشري يقضي على الحشرة، أو حتى على الأقل كان يمكنها الاستعانة بمن هم أكثر دراية بمعالجة مثل هذه المور لكنها فقط فرحت لحظة حريق دارها بسبب المرقوت الذي تجعلها لا تنام الليل. وفلسفة حريق الدار هذه التي تحرق المرقوت الموجود بداخل ديارنا عندما يرثها البعض تعمى العيون وتعطل العقول الا من حقيقة واحدة هي: ما لم ينته هذا النوع من الحشرات فالمشكلة لم تنته بحريق دار واحدة فقط. والمرقوت لم اتذكره سوى يوم الخميس الماضي وأنا أرى على صفحات عدد من الصحف الصادرة بالخرطوم إعلانات مدفوعة القيمة تروج لعدد من الشركات، تقول تلك الإعلانات إنها قامت بأعمال جبارة وإنجاز تحريك بقايا الطائرة التي احترقت!!!...لاحظوا معي الشركات هذه سودانية وجاءت تحتفل بإنجاز تحريك هيكل الطائرة التي احترقت والعالم كله كان يشاهد النيران تلتهم الطائرة السودانية التي بداخلها (مواطنون سوادنيون وليس جوالات فحم)، وتلك الشركات لم تقدر على إطفاء النيران!!. أذكر أنني شاهدت من قبل، وأتمنى أن اكون مخطئاً، في تلفزيون السودان صورة توضح جاهزية شرطة الدفاع المدني للتعامل مع الحرائق، وأذكر أن وزير الداخلية آنذاك اشاد وبيّن الاهتمام، وكانت هناك طائرة هيلوكوبتر قامت بإطفاء الحريق وجنود الدفاع المدني يلبسون ملابس واقية ضد الحريق.. أفيدوني ايها السادة الكرام، وكل من كان لديه معلومة: لماذا لم نشاهد هذه الجاهزية يوم الثلاثاء الماضي عندما احترقت طائرة حقيقية في مطار الخرطوم (الدولي)؟. لويل كودو - السوداني-العدد رقم 929- 2008-06-14