٭ دعك من كل ما يطلقه باقان أموم من تصريحات ممزوجة بالعدوان والهزيمة السياسية التي تعيشها حركته الحاكمة في دولة جنوب السودان، هذه الهزيمة تبقى هي قرار وقف إنتاج النفط حينما يقول لصحيفة «الشرق الأوسط» التي تعمل على طريقة بعض القنوات التآمرية ضد بعض الدول يقول لها إن: «وقف إنتاج النفط يؤثر على ميزانية الدولة التي تعتمد عليه بنسبة 98 %». ومعلوم أن «على نفسها جنت براقش».. دعك من كل هذا، ودعنا نسأل: لماذا يقول باقان أموم لنفس الصحيفة آنفة الذكر إن السودان استرق «35» ألفاً من مواطني دولة جنوب السودان؟!.. قال: «الخرطوم مارست الرق ضد «35» ألفاً من مواطني الجنوب يقيمون في مناطق في شمال السودان». وهنا نسأل: هل هذا الاستراق بدأ بعد إعلان انفصال جنوب السودان قبل عدة شهور أم كان قبل الانفصال؟! البارونة كارولين كوكس اتهمت قبل أكثر من عشر سنوات السودان بأنه يرعى عمليات استرقاق في جنوب كردفان، وحاولت أن تعزز هذا الاتهام لينال اقتناع الرأي العام في الداخل والخارج حينما دفعت منظمتها «منظمة التضامن المسيحي» ببعض أبناء جنوب كردفان لرسم سيناريو ضد الملحق الثقافي الأسبق بسفارة السودان بلندن الأستاذ عبد المحمود الكرنكي، لكنه وجد البراءة من المحكمة العليا البريطانية، وكان من الطبيعي أن يرفض القضاء البريطاني رغم كراهية بريطانية الرسمية حينها للسودان الرسمي بأن تكون سمعته ضحية بسبب قضية منسوجة بخيوط سياسية، ويبدو أن باقان كان متعجلاً وهو يتهم السودان بممارسة الرق ضد «الأجانب» الذين يستحبون البقاء في هذه البلاد على العودة إلى موطنهم الأصلي دولة جنوب السودان، يبدو أنه كان متعجلاً وهو يعلم السابقة القضائية التي وثقتها المحكمة العليا البريطانية لصالح براءة السودان من ممارسة الرق في أي منطقة سواء كانت جبال النوبة أو أبيي أو أم درمان أو رفاعة. ويبقى الاسترقاق الحقيقي هو الاسترقاق السياسي الذي تمارسه الحركة الشعبية ضد المواطنين الجنوبيين، ولعل هذا من أهم الأسباب التي أبقت على أعداد كبيرة من الجنوبيين في الشمال بعد الانفصال. فلو كان في الحركة الشعبية خير لكان هؤلاء الجنوبيون استعجلوا العودة ولو مشياً على الأقدام، وهم أصلاً كانوا قد نزحوا إلى الشمال أيام التمرد طلباً للأمن والاستقرار ولقمة العيش ولم يجدوا الاسترقاق، فلماذا يجدونه بعد أن حرَّرتهم الحركة الشعبية «لتحرير السودان» كما تدَّعي؟!.. لماذا لا تقوم الحركة الشعبية بإجراءات سريعة لعودة كل رعايا دولة الجنوب إنقاذاً من الاسترقاقا المزعوم؟!. ثم إن الذين قاموا بإحصاء «35» ألفاً من الجنوبيين تعرضوا للاسترقاق في السودان قبل الانفصال أو بعده لماذا لم يحددوا المناطق التي أشار إليها باقان؟! وإن كان يعلمها لماذا لم يسمِّها؟!. مماذا يخشى؟!.. هل يريد استمرار استرقاقهم وزيادة عددهم؟!. ما هي الخطوة التي ستتخذها حكومة جوبا لإنقاذ رعاياها من الرق؟!.. وهل الحركة الشعبية الآن بصدد إعادة إنتاج سيناريو على غرار سيناريو البارونة كوكس؟! لا فرق بين عقلية باقان حينما كان طالبًا يفكر في ترك الدراسة للتوجه إلى التمرد وعقليته وهو الآن أمين للحزب الحاكم ووزير بحكومة جوبا، وإلا لما سوَّلت له نفسه أن يصرح لصحيفة «الشرق الأوسط» وليس موقع «الفيس بوك» قائلاً: «إن الخرطوم تمارس الرق ضد 35 ألفاً من الجنوبيين». لكن لماذا لم تسأله الصحيفة عن كيفية وإمكانية إثبات هذا الأمر، لعلها تريد الاكتفاء بمجرد إطلاق التهمة. إن الايام تدور، وباقان الذي قال ذات مرة إن الشماليين هم جالية عربية إسلامية في السودان يجب طردهم، فها هي تحكم دولة جديدة وها هم بعض أبناء الجنوب هم جالية في السودان الذي يتهمه بأنه يسترق أبناء الجالية الجنوبية.. إن أبناء الجاليات في السودان بما فيها الجالية الجنوبية يجدون في السودان ما لم يجدوه في بلدانهم. فهم لم يجدوا الاسترقاق ولن يجدوه، لكنها «نظرية كوكس»... نلتقي غداً بإذن الله.