تحذير جبهة الدستور الإسلامي للحكومة من استدعاء «الربيع العربي الإسلامي» إلى السودان إذا تراجعت عن تطبيق الشريعة الإسلامية أول ما يعنيه هو أنها تعترف بتطبيق الشريعة في السودان بالرغم من التحديات الخارجية المعروفة، ولذلك تكون قيمة البيان الذي وقعت عليه بعض الأحزاب والجماعات الإسلامية في المؤتمر التأسيسي لجبهة الدستور الإسلامي هي تأييداً ومبايعة لولاية حزب المؤتمر الوطني التي مضت عليها سنتان تقريباً، وهذه القيمة إذن لابد أن يستفيد منها المؤتمر الوطني في المنافسة الانتخابية القادمة لكسب ولاية أخرى جديدة تبدأ بإذن الله عام 4102م. وحتى تُترجم هذه العزيمة إلى عمل إسلامي بدلاً من أن تقف فقط في حدود التعبير بالقول خاصة وأن حزب الأمة القومي وهو حزب كبير خارج جبهة الدستور الإسلامي رغم إطلاق زعيمه إمام الأنصار للفتاوى بدون استفتاء، لابد كما يحث الشرع أيضاً من بناء كيان سياسي واحد يتألف من أحزاب وجماعات جبهة الدستور الإسلامي، فهو على الأقل سيذيب المفاصلة بين المؤتمرين الوطني والشعبي بداخله بعد أن شارك الجناح الإسلامي في حزب الترابي بقيادة عبد الله حسن أحمد في المؤتمر التأسيسي لجبهة الدستور الإسلامي وهو يعلم أن المؤتمر الوطني من المشاركين، ولعل هناك فرقًا بين عبد الله حسن أحمد وكمال عمر الذي ينتظر أن تمنحه الحركة الشعبية جنسية دولة جنوب السودان كما طالب هو نفسه عبر بعض القنوات الفضائية التي كان أصحابها ومازالوا يعادون فكرة تثبيت الهوية الإسلامية في السودان. لكن هل عبد الله حسن أحمد على استعداد إلى أن تكون جبهة الدستور الإسلامي حزباً واحداً بكل تياراتها وتخوض الانتخابات بمرشح واحد ضد الصادق المهدي؟! إذا كان هذا صحيحاً فستكون بالنسبة له هى العودة عن طريق القضية السامية وهي المحافظة على تحكيم الشريعة الإسلامية. لن تكون عودته إلى المؤتمر الوطني، لكنها ستكون للكيان الإسلامي الجامع الذي يمكن أن ينبثق من أحزاب وجماعات جبهة الدستور الإسلامي. فالمشاركة في هذا المؤتمر التأسيسي تلزم السيد عبد الله حسن أحمد أن يفك ارتباط حزبه أو تياره بداخل الحزب بتحالف جوبا أو أي تحالف معارضة يضم أبو عيسى وعرمان ونقد ومن شايعهم.. ولعله كان موقف حزب الأمة القومي الرافض للانضمام لجبهة الدستور الإسلامي بسبب ألا يلعب بطريقة مكشوفة على حبال التناقض، إذ لا يمكن أن يستمر في النشاط السياسي المعارض لوجود النظام الحاكم دعك من تطبيق الشريعة الإسلامية وفي نفس الوقت يأتي ويوقع على البيان التأسيسي لجبهة الدستور الإسلامي.. ويمكن أن نفهم من هذا الموقف أن السيد الصادق المهدي رغم اطلاق فتاواه الخاصة بوضع المرأة في الإسلام ومشروعية الغناء والموسيقا في الإسلام إلا أنه لا يسعه أن يدير ظهره لمكونات تحالف جوبا، بل يبقى من المنافسين لأبي عيسى في رئاسة هذا التحالف إنه دائماً يريد أن يكون إما رئيس الحكومة وإما رئيس تحالف المعارضة مع الاستمرار في الفتاوى الخاصة بالمرأة وليس بالدولة في الإسلام.. وربما ينظر الصادق المهدي إلى أحزاب وجماعات جبهة الدستور وفيهم المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي «جناح عبد الله» وأنصار السنة والصوفية، ربما ينظر إليهم أنهم يجتمعون في مناسبات قليلة ويفترقون في مناسبات كثيرة، وبالطبع يبقى هذا مأخذًا عليهم إذا لم يُدخلوا إلى حيز التنفيذ قوله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» وهذا يعني أن يتحولوا إلى حزب واحد قوي ومتين يستبعد من الساحة من يرفضون الدولة الإسلامية .. فهل هم فاعلون؟