في عهدٍ ليس بالبعيد كانت الفتاة التي تحظى بعريس مغترب تعتبر هي زينة فتيات الحي وأوفرهن حظًا، وفي ذلك الوقت كانت أغاني الدلوكة تتضمَّن تمجيد العريس المغترب، وفي مسمَّياتها ومضامينها: (جاب الصندل بالأرطال وسد مالو بالدولار)، ولطالما الدولار عملة أجنبية مما يدل على العز والجاه، ولكن الأوضاع الاجتماعية التي تعرَّض إليها أغلبية المغتربين وخاصة السودانيين باعتبار أن الاغتراب عندهم «استيطاني» بعكس بقية الشعوب، حيث يكون اغترابهم في شكل انتداب، ونتيجة لعودتهم القسرية إبان قيام الثورات العربية فهي أحدثت خللاً في التوازن الاجتماعي مما أثر سلبًا على حياتهم.. (البيت الكبير) كانت له وقفة في هذا الشأن مستشهدًا ببعض الآراء.. ابتدرت هدى محمد حديثها قائلة: (الزول ما بيعرف قسمته لكن لو الخيار متروك لي فأُفضِّل العريس المقيم وبكل صراحة في الاغتراب يعيش الإنسان في واقع غير واقعه وأعتقد أن مع الشخص المقيم تسير حياتنا على حسب الوضع المادي لدينا وكل شيء يكون ظاهرًا ومحسوسًا وليس فيه توقعات وهمية، وكثيرٌ من الشابات يتم اقترانهن بشباب مغتربين تجمع بينهم فقط أيام الزواج الأولى وبعدها يعود بعدها إلى حيث هو مغترب وتبقى هي مع أهلها وهذا بدوره يؤدي إلى تفكُّك العلاقة الزوجية وكما يقول المثل «البعد بجيب الجفا والطولة بتجيب النسى».. وتضيف سمية علي قائلة: ليس هنالك ما يمنع الزواج من المغترب، خاصة أن الاغتراب يُحقِّق للإنسان أحلامه وطموحاته بسرعة ويحسِّن الوضع الاجتماعي والأكاديمي للمغتربين في دول أمريكا والاتحاد الأوربي عمومًا.. ولكن بصراحة شديدة لا أُحبذ الاغتراب مدى الحياة؛ لأن الإنسان لا يكون رأسه مرفوعًا ولا عزيزًا إلا في وطنه، وتستدرك سمية حديثها قائلة: أرفض تمامًا فكرة أن يغترب الزوج ويترك زوجته وراءه؛ لأن غياب الزوج يؤثر سلبًا على الزوجة والأبناء خاصة عندما يكونوا في سن المراهقة.. بالنسبة للرجال آراؤهم في العزوف عن زواج العريس المغترب تحدث أبو بكر حسن قائلاً: حواء السودانية أصبحت تعلم أنه ليس هنالك فرق مادي شاسع بين المغترب وغيره نتيجة لمعرفتها عبر وسائل المعرفة المختلفة لطبيعة واقتصاديات الدول الأخرى فإن كانت هي تعيش نفس الوضع الذى يمكن أن تعيشه داخل وطنها فلماذا تعيش في الغربة وفي الآخر تحصد سرابًا وهي توقن الأمر وما أعقبه من أحداث طالت الوطن العربي ووقفت شاهدًا على أحوال كثير من المغتربين. أما الأستاذة نور «مديرة مركز نور للإرشاد النفسي والاجتماعي» فتضيف: اغتراب الزوج لفترات طويلة وبُعده عن أسرته يؤدي إلى الطلاق، ومن ثم تتفكَّك الأسرة، ويكون الحصاد ضياع الأبناء، وأيضًا شيوع النمط الاستهلاكي الترفي أفرز عادات ضارة من التفاخر والتباهي مما يزيد الضغوطات النفسية والاجتماعية لمجاراة هذه الظواهر، وأما الآثار النفسية فتتمثَّل في عدم الشعور بالأمن والعزة والكرامة، وأيضًا التمييز العلني والمبطن يؤدي إلى البطالة.