كثير من المغتربين في بلادي وعند عودتهم لأرض الوطن يكتشفون أن أحلامهم الكبيرة كانت مجرد سراب في أرض الواقع الذي يفرض نفسه، ويأتي ذلك نتيجة لسوء التخطيط من البداية أو السفر بدون هدف محدد.. كم مغترب تجرّع كأسات فشل أحلامه وطموحه عند عودته النهائية لأسباب كثيرة .. قمنا باستطلاع وسط عدد من المغتربين كما اصطحبنا معنا رأي الطب النفسي من ذوي الاختصاص لمعرفة أسباب فقد حلم الاغتراب.. كتبت: سحر بشير سالم بداية التقينا ع، م مغترب سابق ويقيم الآن بالسودان وأفادنا قائلاً: سوء التخطيط هو السبب وراء ضياع حلم الاغتراب فيجب على الشخص الذي يفكر في الاغتراب أن يحدد هدفه في البداية ويخطط لما يريد وكما يقولون التخطيط مهارة الجادين، فإن عدم التخطيط يؤثر حتى في العمل العادي فإن ما تنجزه في يوم وانت مخطط له تنجزه في ثلاثة ايام في ظل غياب التخطيط، كما يجب عليه اي المغترب ان يجمع معلومات كافية ويفترض التوقعات المستقبلية ويضع اجنده لتحقيق اهدافه ويجيب عن تساؤلات من اجل تحقيق الهدف «أين؟ ومتى؟ وكيف؟» اين تتعلق بالمكان الذي يريد السفر اليه ودراسته جيدًا، ومتى تكون بتحديد الفترة الزمنية التي يريد فيها تحقيق أهدافه، فتحديد الزمن مهم وتركه مفتوحًا يؤدي للتسويف، وايضًا يجب عليه ان يضع البدائل في حال فشل التخطيط الأول . ونحن السودانيين مثلاً نصرف كثيرًا من الأموال في احضار الهدايا للأهل والجيران وبإسراف مما يؤثرسلبًا على مستقبلنا المادي. محمد العجب مغترب من الرياض افادنا بقوله: الأحلام نفسها تختلف من شخص لآخر ولكن في كل الحالات يكون الشخص محبطًا جدًا لدرجة التفكير في العودة للوطن مرة أخرى، وفي أحيان كثيرة عندما يفقد المغترب حلم الاغتراب من الممكن أن يكون ذلك سببًا في انحراف مسار حياته ويتحول لشخص غير مسؤول ويكون فريسة للأمراض النفسية، وهنا مثلاً يوجد أناس مغتربين لمدة «10 15» سنة بدون هدف محدد نتيجة لفقدانهم للهدف الأساس وبعضهم أصبح محبوساً على ذمة قضايا مخدرات ولا يُعرف مصيرهم حتى الآن.. واتمنى من الله ان يستر على جميع المغتربين وان يجنبنا شر ذلك. بابكر موسى مغترب: حقيقة الوضع في السودان والصعوبات التي واجهتنا عندما كنا في الاجازة الفائتة جعلت أملنا في العودة النهائية أمرًا شبه مستحيل نتيجة للتسويف في انجاز المهام من قبل الجهات المعنية والصعوبات الكثيرة في المعاملات الخاصة بالمغترب جعلتني أفضل البقاء بالغربة رغم مرارتها وقسوتها. ه، ع يحكي عن تجربته مع العودة النهائية وفقدانه لآماله: كنت مغتربًا بإحدى دول الخليج وعندما قررت العودة النهائية لم يكن في خاطري على أسوء الفروض أن أصل الى ما أنا فيه الآن! فالحال يغني عن السؤال وانا اعمل حاليًا سائقًا بالاجرة في عربة أمجاد بالرغم من المبالغ الطائلة التي كانت بمعيتي عند عودتي ولكن سوء التخطيط هو ما قادني الى وضعي الحالي، في بداية عودتي كنت اصرف بلا حساب على اكرام اهلي وضيوفي وبعضهم للأسف استغلني استغلالاًَ سيئًا وعندما قررت الاستثمار أشار علي بعضهم بالعمل في التجارة وبما انني لا املك الخبرة الكافية فقد كنت ضحية للشيكات «الطايرة و.. استمر الحال وكما ترين الآن والحمد لله على كل حال. ص، م لزوجها حكاية مع تلك الأحلام تسردها قائلة: لزوجي اخ عُرف بعدم المسؤولية والعطالة ولكن عندما سافر زوجي للخارج بغرض تحسين الاوضاع اصبح اخ زوجي هو المسئول عن مصروفات المنزل والتي يقوم زوجي بارسالها خاصة وانا مقيمة مع اسرته وكان زوجي عندما يرسل تلك الاموال يهاتفني ويخبرني أنه ينوى شراء منزل في مخطط سكني وان اخاه هو من ينوب عنه في تلك المهمة وعندما أبدي رأيي في ان تكون الاموال في يد ذلك الشاب الطائش يتهمني زوجي بأني اقوم بتحريضه على اخيه وأن اخاه اصبح مسؤولاً ويعتمد عليه وانه دائم الاتصال عليه ويتابع اجراءات تسديد الأقساط، فآثرت الصمت رغم علمي يقينًا بكذب ما يدعيه شقيق زوجي الى ان كانت الطامة الكبرى وعند عودة زوجي تفاجأ بتسجيل المنزل باسم شقيقه وبالطبع ليس لديه مايثبت به ملكيته للمنزل! الاختصاصي النفسي زكريا آدم محمد صالح قال في افادته: الإنسان بطبعه وفطرته يسعى دائمًا لخلق واقع أفضل لنفسه لذلك نجد أن الاغتراب هو واحد من الطرق التي تحقق ذلك، خاصة اذا كان موطن الشخص لا تتوفر فيه الفرص الأفضل التي تساعد في تحقيق الاهداف والطموحات والآمال. إن بعض ما يتعرض له بعض المغتربين عند اتخاذهم قرار العودة الى الوطن مرورهم بمرحلة الإحباطات والصراعات النفسية خاصة اذا كان مايرسله المغترب من مبالغ مالية لإنجاز بعض المهام الاساسية المتعلقة باستقراره لا تصب في وعائها الصحيح وعند عودته يكتشف عدم تحقيق وتطبيق الشيء المطلوب والمتفق عليه وهذا يخلق التردد والشك وفقدان الثقة في الغير. كذلك نجد أن ضعف الخبرات الاجتماعية ومتطلبات الواقع الجديد وعدم التخطيط السليم وأطماع بعض الأفراد فيما عند المغترب كلها أسباب تؤدي الى فشل المغترب في تحقيق طموحه وآماله وأهدافه وتؤثر عليه سلبًا وتدخله في دائرة الإحباط والصراع النفسي، ولو تعرض المغترب لصدمة أكبر ربما يدخل في دائرة المرض النفسي.