يرجع تاريخ المدفعية إلى ما قبل فتح السودان حيث كانت مكوَّنة من بلكين (سريتين) (سواري) ضمن الجيش المصري.. اشتركت هذه الوحدات في إعادة فتح السودان في عام (1898م)، كما خاضت معارك عديدة قبل ذلك سيأتي ذكرها خلال هذا البحث.. (أما سلاح المدفعية الحالي فيرجع تاريخه إلى سواري شندي الشهيرة آنذاك التي تم تسريحها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وعلى أنقاضها تم تشكيل تروب أُطلق عليه اسم التروب الحامي وكان هذا أول نواة لسلاح المدفعية الحالي). ولا شك أن المتتبع لتاريخ الجيش السوداني يقف بالفخر والعرفان لسلاح المدفعية باعتباره النواة التي تم بها تكوين كثير من أسلحة ووحدات الجيش السوداني في التاريخ القديم والمعاصر، ولعلي أورد هنا بعض الأسلحة على سبيل المثال وهذا ما جادت به ذاكرة من شهدوا هذه الأمجاد: أ/ سلاح المدرعات: كان يُطلق عليه في البداية سلاح الفرسان، وقد تم إنشاؤه بجنود من سلاح المدفعية، وكانوا اللبنة الأولى لسلاح المدرعات الذي نشهده اليوم. ب/ سلاح البحرية. ج/ سلاح الأسلحة والمهمات. د/ القيادة الشمالية: اللواء العاشر تم تدريب هذا اللواء وإنشاؤه في سلاح المدفعية. ه/ الدفاع الجوي: تم إنشاء الدفاع الجوي بالالاي السابع كنواة أولى، وما الالاي السابع إلا وحدة من وحدات المدفعية تم نقلها للدفاع الجوي. و/ المؤسسة التعاونية للقوات المسلحة: قامت هذه المؤسسة بواسطة ضباط وضباط صف نُقلوا من المدفعية لتأسيس أول مؤسسة تعاونية على مستوى القوات المسلحة على نمط المؤسسة التعاونية لسلاح المدفعية. مرحلة ما قبل السودنة: بعد إخضاع السودان والاستيلاء عليه بواسطة قوات كتشنر عسكرت وحدات السواري بمنطقة ود حامد بالقرب من مركز شندي وذلك في عام (1906) وبعد تشييد المباني المستديمة لهذه القوة بشندي تم تحويلها إلى هناك حيث كانت تُعرف ببلكات (الخدير).. كانت القوة تتكوَّن من جنود سودانيين تحت قيادة ضباط بريطانيين، يعاونهم ضباط مصريون وسودانيون.. تم إعادة تكوين هذه القوة في شندي وأُطلق عليها اسم البيادة الراكبة وكان توزيعها كالآتي: أ/ بلكين سواري بيادة راكبة بشندي. ب/ بلك سواري بيادة راكبة في خور شمبات بالضفة الغربية شمال أم درمان. ولقد تم في أعقاب أحداث عام (1924م) إجلاء القوات المصرية من السودان، وأُعيد تكوين الوحدات السودانية وسميت بقوة دفاع السودان (ق. د. س) وعملت هذه القوات بعد ذلك تحت قيادة ضباط بريطانيين. عند بداية الحرب العالمية الثانية كانت وحدات السواري تتكوَّن من البلك الأول والثاني والثالث، ولما برزت أهمية الحملة الميكانيكية السريعة وكذلك وحدات المدفعية للوقوف أمام العدو الذي كان يتسلح بتلك الأسلحة منذ ذلك التاريخ أبطل استخدام الخيول وأعيد تنظيم وتسليح الوحدات المقاتلة، حيث تم تنظيم وتسليح الوحدات المقاتلة وتم تكوين طبجية السودان من السواري، وتم تعيين قائد لها هو الأميرالاي أ.ح زنوف بك والذي كان ضابط مدفعية.. وتم تكوين وحدات المدفعية على النحو التالي: أ/ البلك الأول سواري تحوَّل إلى مدفعية مضادة للطائرات من ثلاث بطاريات وسلحت بالمدفع (20 م خ م ط). ب/ البلك الثاني سواري تحوَّل إلى مدفعية ميدان من ثلاثة تروبات وسلحت بالمدفع (3.7). ج. البلك الثالث سواري تحوَّل إلى بلك سريع وسلح بالمدافع الفكرز على عربات خفيفة. في الرابع من أكتوبر (1940) تحرَّك التروب «1» مدفعية ميدان من شندي إلى كسلا في معاونة المجموعة الأولى من قوة دفاع السودان للهجوم على القوات الإيطالية.. في الثالث من ديسمبر «1940» تحرَّك التروب «ب» إلى كبري البطانة في معاونة المجموعة الثانية من «ق. د. س»، في السابع من ديسمبر «1940» تحرك التروب «ج» إلى الرصيرص حيث كانت منطقة تجمع المجموعة الثالثة من «ق. د. س» تحركت بطاريتان م/ط لحراسة مطار ميناء بورتسودان. بهذا التكوين للقوة تمكَّنت «ق. د. س» من طرد العدو الإيطالي إلى إريتريا والحبشة من مدينة وبارنتو التي تم فتحها بعد معركة عنيفة دامت أحد عشر يومًا، كما تمكَّنت نفس المدفعية من قذف وتدمير أغوردات وبعدها زحف الجيش نحو كرن حيث تمكنت «ق. د. س» بالرغم من قلة عددها وعتادها من الصمود أمام العدو لمدة ستة وخمسين يومًا تمكَّنوا بعدها من الاستيلاء على كرن، ما زالت الأغاني والترانيم التي قيلت في كرن تُردَّد على أفواه المواطنين (يجوا عايدين الفتحوا كرن باينين).. إلخ.. في أوائل عام «1943م» تم استبدال المدافع «3.7» بالمدافع «25» رطل كما تم استبادل المدفع «20 مم خ م ط» بالمدافع البوفر «40 مم خ م ط» وتجمعت البطاريتان المضادة للطائرات بوادي قارورا بالقرب من سنكات حيث تم تدريبها وأُطلق عليهم اسم البطارية الأولى والثانية. في أغسطس «1943م» أُرسلت البطارية الأولى م/ط للدفاع عن ميناء طرابلس ومطار كاسترينو كما أُرسلت البطارية الثانية م/ط لحماية مطار وميناء بنغازي.. في نفس عام «1943» تحركت البطارية الأولى والثانية من ليبيا إلى قناة السويس للدفاع ما بين السويس وبورسعيد وتحرك التروب «1» ومدفعية ميدان «25» رطل إلى كل من ميناء مصوع ومرسى ميناء بورتسودان للدفاع ضد غواصات ومدمرات العدو.. في سبتمبر «1944» عادت البطارية الساحلية من مصوع إلى السودان، حيث تم تسريح أفرادها لتكوين التروب الحامي الذي استلم قيادته البكباشي الطاهر إبراهيم العبد الذي صار أول قائد سوداني للمدفعية منذ أول عام «1945م» وكان مقر التروب الحامي الخرطوم بحري وكان واجبه الحراسات العامة.. في عام «1947» أُعيد تسليح هذا التروب بالمدافع «3.7» كما فتح باب التجنيد للمسرحين وتم تكوين بطاريتين م/ط.. في حوالى عام «1952م» تحركت البطاريتان م/ط من الخرطوم بحري إلى عطبرة لاستلام ثكنات الجيش الإنجليزي من بلتون كان يتبع للهجانة كذلك أوكلت لها مهمة حراسة كبري عطبرة وورش ومنشآت السكة حديد آنذاك.. تحركت البطاريتان عام «1952م» من الخرطوم بحري إلى عطبرة بقيادة البكباشي الطاهر إبراهيم العبد ومعه كان الملازم أحمد المجذوب البحاري والملازم محمد المهدي حامد وكانت هذه أول نواة لسلاح المدفعية الحالي.. استمر فتح باب التجنيد إلى أن اكتملت البطاريتان وسميت بالبطارية الأولى والثانية وسلحت بالمدافع «40 مم م/ط». المادة من ارشيف المدفعية ومفكرة اللواء الركن «م» عمر دج