ربما كانت حركة النشاط الثقافي بالولايات ضئيلة لا تكاد ترقى بالعمل الثقافي المنشود، وبعكس المركز الذي تغرق ساحاته بالمنتديات والمناشط الأسبوعية، إذ يُعتبر حظ الولايات ضعيفاً من ذلك.. (نجوع) جلست إلى وزير الثقافة بولاية الجزيرة بروفيسور إبراهيم القرشي لتقف معه على الآلية التي يسير بها العمل الثقافي بالولاية، وشكل النشاط الثقافي بالولاية، بجانب الأسباب التي أعاقت انطلاق القناة الفضائية بود مدني.. إذن هي جملة محاور نجدها عبر هذا الحوار: ٭٭ بدايةً حدِّثنا عن كيفية سير العمل الثقافي بالولاية؟ الولاية تتكئ على رصيد ثقافي ضخم ومتراكم، وأهل الجزيرة كأرضهم خصوبة الإبداع كامنة في بذرة تكوينهم، وهذه هي القاعدة الصلبة التي ينطلق منها العمل الثقافي.. أنجزنا بعض المشروعات الآنية بتحريك مسرح الجزيرة بكثير من الأعمال المحلية التي نالت قبولاً وشاركت في ليالي المسرح الأخيرة ونالت مواقع متقدِّمة.. بعثنا صندوق رعاية المبدعين وأنعشنا دور المصنفات، أما في المدى الطويل فشرعنا في موسوعة إعلام الجزيرة متزامنة مع توثيق المواقع والأحداث وجمع المخطوطات، وأعددنا كتباً للطباعة سترى النور قريباً إن شاء الله. يشغلنا هذه الأيام الإعداد لملتقى شعراء السودان بالجزيرة، ونعد للدوري الثقافي المقرَّر انطلاقه نهاية فترة اختبارات المدارس.. ولدينا نشاط أسبوعي حصيلته أربعة مناشط في الشهر هي ندوة ثقافية فكرية ومسرحية محلية أو من إحدى الولايات أو من المركز ، وليلة شعرية يشارك فيها مبدعو الولاية، وليلة ساهرة تكون غنائية مرة وإنشاداً ومديحاً مرة أخرى.. هذا بالإضافة إلى المشاركة في أنشطة الأندية الثقافية والاجتماعية والجامعات بأنحاء الولاية. ٭٭ سبق أن تحدَّثتم عن إنجازات كانت بمثابة اهتمام جمعيات ومراكز أي ليست بحجم الوزارة.. ما هي اهتماماتكم حاليًا؟ تواصُلنا مع المراكز والجمعيات هو أساس العمل؛ لأن خطة الوزارة الوصول إلى الجمهور في تجمعاته السكانية في القرى والأرياف.. وقد كانت لنا تجارب ناجحة في بعض القرى استفدنا منها وسنستفيد منها في تنزيل برنامج الدوري الثقافي، وقد استفدنا كثيراً من حراك التظاهرة الثقافية الشبابية وكنا أعضاء أصلاء فيها، بل إن فكرة التظاهرة أُخذت من فكرة الدوري الثقافي الذي طرحناه ولكنا أفسحنا المجال للتظاهرة لشمولها وحان وقت تحركنا الآن بعد ختام أنشطتها. ٭٭ ماذا عن انطلاق القناة الفضائية الزراعية مدني؟ انطلاق الفضائية الزراعية من مدني مؤمّن عليه من أهل الحل والعقد؛ لأن فكرتها منطقية وفائدتها مرجوة، فقط هنالك أمور تنسيقية جارية.. ونحن في ولاية الجزيرة جاهزون من حيث البنية الحالية والمستقبلية والكوادر والعزيمة والرغبة لا ينقصنا إلا القرار السيادي الذي يعطينا الضوء الأخضر للانطلاق بحول الله. ٭٭ حدِّثنا عن المحطة الإذاعية المتخصصة التي تُبثّ من مدينة رفاعة لنقل أدب وثقافة البطانة.. هل في رأيك تكفي هذه المحطة لإيصال ثقافة المنطقة أم ثمت وسيلة أخرى؟ المحطة الإذاعية المتخصصة في أدب البطانة إضافة حقيقية للإذاعات العاملة في أثير الجزيرة، ونحن نفخر بأن لنا إذاعة ناضجة وناهضة بأعبائها تماماً ينداح أثيرها ليغطي أنحاء الولاية والولايات المجاورة.. أما إذاعة البطانة فنتوقّع أن تشبع رغبات أهل البطانة، ونأمل أن يتّسع بثّها وتحيي ذلك التراث الحبيب إلى نفوس السودانيين قاطبة. ٭٭ يرى البعض أن العمل الثقافي في الولاية باهت! أهو نقص في الكادر الإبداعي أم تقصير من قبَل الوزارة؟ العمل الثقافي في الولاية ليس باهتاً، ولا نشكو من نقص الكوادر رغم الهجرة المحمومة تجاه المركز، ولا نرى الوزارة مقصرة لكن محلية المواعين الإعلامية هو أحد الأسباب، ونحن نجد تعاوناً كبيراً من التلفزيون القومي ومن قناة النيل الأزرق والشروق وتصل بعض جهودنا عبرها ونأمل في المزيد ولكن انصراف الناس عن أشيائهم الخاصة وانشغالهم بالفضاء المفتوح هو سبب آخر، يضاف إليه اهتمام الصحافة المقدر بالسياسة الذي نرجو أن يفتح صدره وآفاقه قليلاً للثقافة وأن تتاح الفرصة للولايات لإظهار ما فيها؛ لأنها هي ينابيع الإبداع.. والمتابع ينصف. ٭٭ غياب المكتبات والمسرح المدرسي والمناشط أضعف الملكة الإبداعية وظل هاجساً يؤرق المهتمين في المركز والولايات.. كيف تنظرون إلى ذلك؟ التقنيات الحديثة أضعفت دور الكتاب قليلاً، يضاف إلى هذا الضعف غياب المسرح المدرسي والجمعيات الأدبية والأنشطة التي تغرس في النشء حبّ الاطلاع وتنمي الملكات وتصقل المواهب.. وقد ظللنا ننادي ببعث كل ما كان مفيداً في الماضي ثم اندثر وبدأنا ننتقل من النداء إلى الفعل بالتعاون مع رصفائنا في التربية والتعليم وستنتهي جهودنا إلى خير إن شاء الله.. وقد أقمنا معرضاً ضخماً للكتاب في ثنايا احتفالاتنا بالاستقلال هذا العام وجد قبولاً وإقبالاً ملموساً يؤكد أن للكتاب مكانته وقيمته. ٭٭ هل ترى أن الدعم المادي يكفي لدفع عجلة الثقافة؟ الدعم الحكومي والأهلي لم يقصر في دفع عجلة الثقافة، وإن كان الذي يقدم هو دون المطلوب بكثير.. والناس دائماً يتحدَّثون عن الثقافة ودورها الرائد في التغيير وهو حق ولكن تجبرهم الأولويات على أن يكون نصيب الثقافة دائمًا فضول الزّاد.. ولن يمنعنا هذا من اعتماد الشراكات الذكية، ولا يفوتني هنا أن أنوِّه للدعم الكبير المشكور الذي نلقاه من شركات الاتصالات ورجال المال والأعمال. ٭٭ ختاماً: هل تعانون من قلَّة اهتمام المركز بالولايات وهي شكوى متكرِّرة؟ المركز يظهر اهتماماًً كبيراً بالثقافة والإعلام ونجد تشجيعاً كبيراً وملحوظاً على مستوى القادة لكني أعود وأكرِّر أن بعض الأولويات تؤثر كثيراً في حصة الثقافة التي نراها من الأولويات.