نخرج اليوم على المألوف ونستأذن الأخ العميد فني محمد عجيب لنعيد نشر مقاله الذي نشره بصحيفة القوات المسلحة العدد رقم 2338 بتاريخ 7 مارس الجاري تحت هذا العنوان.. والأخ محمد عجيب هو رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة السابق، وقد أصبحت هذه الصحيفة لها وزنها السياسي والاجتماعي والثقافي ولها كُتاب لا يُشقُّ لهم غبار، ولكن ما زالت الصحيفة داخل البيت العسكري وأتمنى أن تجد طريقها لعامة القُراء.. الأخ محمد عجيب له أسلوب في الكتابة مشوق وقد سبق أن وصفته بصاحب القلم الرشيق وهو يستحق ذلك الوصف، كتب هذا المقال معلقاً على مقالي يوم الأحد الماضي ووعدتُ القُراء من خلال اتكاءة محارب بنشر مقاله.. دعونا نذهب في سياحة انضباطية ولغوية لا تخلو من بعض الفكاهات العسكرية والمدنية.. فماذا يقول العميد محمد عجيب في مقاله: حكايات عن المدفعية.. وبعض الحذافير أحياناً.. أتعثر بوكيل عريف يقول لي: قرأت ما كتبت.. وأعجبني.. في تلك الأحيان أحس بأني أطير زهواً.. وبأخمصي أطأُ الثريّا.. أُحسُّ أن الدنيا لا تسعني.. كل الناس يحبّون المدح والثناء.. لكن عندما يقع الثناء على ما أكتب من فريق ركن في قامة سعادة الفريق الركن إبراهيم الرشيد لا أحس أن الدنيا لا تسعني.. بل أحس أني وسعت الدنيا كلها.. أحس أني آمنٌ في سربي القوات المسلحة معافىً في بدني.. أملك قوت يومي وقد حيزت لي الدنيا بحذافيرها.. حذفوراً حذفورًا.. بالطبع أنا لستُ متاكداً أن حذافير هذه هي جمع حذفور.. لكن خطأً مع قليل من «الكبكبة» في حضرة فريق خيرٌ من صوابٍ مع كثير من الثبات أمام وكيل عريف.. «رواه شخصي الضعيف».. سيَّما وأن بعض الملكية في القوات المسلحة يرى أن الكبكبة في حضرة فريق من أسمى آيات الضبط والربط التي لا يُثاب فاعلُها ويُعقاب تاركُها بجريرة العقوق العسكري! والعقوق العسكري من «الذنوب» التي يعجّل الجيش عقوبتها في الحياة الدنيا قبل «الكشف..!» ولعل سقف الانضباط العسكري في سلاح المدفعية المشهور بهذه السمة يرى في الانضباط «بالكبكبة» فقط بدون إسناد مدفعي جيد يرى فيه حسنات الأبرار التي هي سيئات المقربين..! طبعاً إنتو عارفين «إسناد مدفعي جيد» يعني شنو.. المهم.. المهم أن المدفعية في الضبط والربط من المقرَّبين.. ولعل فقه الانضباط العسكري عند المدفعية «الطوبجية» يبلغ من الحسم والشدة ما يرشحهم لحمل لواء التشدُّد والمتشددين.. المتشددين في الضبط والربط العسكريين.. لكن لنعد للوراء قليلاً لمعالجة ما قمتُ به من اجتهاد في اللغة في إسناد حذفور «أعلاه» إلى حذافير.. أذكر أنني سمعتُ ذات مرة لغوياً ضليعاً يؤخذ عنه ويُردُّ يقول: فطاحيل واحدهم فطحول.. والفعل تفطحل يتفطحل فطحلةً وتفطحلاً.. فهو متفطحل.. وصيغة المبالغة فطحول! ثم إنني سمعتُ فقيهاً «أضلع» من ذلك اللغوي يقول إن القياس من مصادر التشريع.. فبدا لي أن أقيس حذافير على فطاحيل ثم أُنزّل حذفور على فطحول.. أو حتى على ذهلول.. حا حيصل شنو يعني؟! فمن المعروف أن «السودان أرض الفرص».. وهذه فرصة أتمطّى فيها لغوياً وأشد المعاني والحروف وأدخل في دائرة الفكر والإبداع اللغوي.. فأنا أعرف وربما أنت أيضاً تعرف كثيرًا من حَمَلَة لقب «مبدع» و«مفكر» ممن لا يعرف من التفكير والإبداع أكثر مما يعرفه شخصي الضعيف في أن حذافير جمع حذفور.. وفطاحيل جمع فطحول.. أو حتى أن سواطير جمع ساطور.. ونواطير جمع ناطور.. ويبقى ذلك المفكر مفكرًا! إشمعني أنا يعني.. فإن كان المفكر يحمل لقب دكتور أو بروف فأنا أحمل لقب «القلم الرشيق».. ومن فريق! عندك راي تاني؟ عطفاً على ما سبق فإن غاية ما أتمناه أن شيك «القلم الرشيق» المعتمد والصادر من سيادتو إبراهيم الرشيد يُصرف في بنك سيادة اللواء حقوقي مصطفى إبراهيم مدير شؤون الضباط مساعدة وبسعر السوق الموازي الكائن جوار برج البركة! أو بالعدم بالسعر غير الموازي المعمول به في السوق «الما موازي» في المبنى الضخم القابع عند مقرن النيلين.. أي واحد سيادتك.. ما بيناتنا.. و«تاني» عطفاً على ما سبق وبقليل من التصرف.. وباستخدام منهج القياس.. نستطيع القول إن دساتير جمع دستور.. ونواسير جمع ناسور.. ومواسير جمع ماسور«ة».. و.. سيبك من التاء المربوطة دي عشان القافية تجي معاك.. يعني خلاص حبكت.. ما البلد كلها مواسير بالتاء المربوطة والتاء «الماشة على حل شعرها».. ولاّ بس جات علي التاء بتاعتي أنا دي.. هنا دعنا نقف دقيقة حدادًًا عند دستور التي سبقت ناسور وماسور «بدون تاء».. لكن بلاش.. موضوع الدستور هذا موضوع شائك.. أعدكم بالحديث عنه بعد «الكشف».. والحديث عن الكشف يقود إلى طبيب الأمراض النفسية الذي «بدا» له أن يسرِّح بعض مرضاه الذين تعافوا «نوعًا ما» باستخدام الكشف.. الكشف الطبي.. مش الكشف اللي في بالك.. وأول مريض نفسي يخرج من الطبيب بعد الكشف يأخذ «إفراج» وخروج من المستشفى عندما أجاب عن بعض الأسئلة البسيطة.. وبشهادة توصي بالتعامل معه بحذر! لكن زملاءه المتجمعين في الخارج يتجاهلون موضوع «التعامل بحذر» ويسألونه بلهفة عن أسئلة الامتحان الشفهي التي تسمح بمغادرة المستشفى.. والزميل يوحي للرفاق أن الأسئلة كلها حول الأحذية! ويقول لهم «الدكتور قال لي في حاجة نلبسها في الرِّجل وعندها رباط.. دي شنو؟ فقلت له «حذاء» قال لي مبروك.. خروج..».. عندما دخل المريض التالي على الطبيب لم يكن يدور في عقله شيء غير الأحذية.. ولما سأله الطبيب عن شيء نلبسه في اليد وله عقارب ونعرف به الوقت؟ سأل المريض الطبيب قائلاً: الحاجة دي عندها رباط ولا ما عندها؟ فأجابه الطبيب: ما عندها.. ما عندها أي رباط.. المريض: إذن دي جزمة كشف! الطبيب: خش العنبر.. سريع! حاشية: ورد في هذا المقال بعض الكلمات الغامضة التي تحتاج إلى مذكرة تفسيرية.. من تلك الكلمات كلمة ذهلول.. ذهلول في القاموس العسكري حالة موغلة في الذهللة الاندهاشية تصيب الطالب الحربي المستجد في أول أيامه بأم الكلالي ويفيق منها غالباً بعد أسابيع قليلة.. لكن إذا لم يفق منها بعد «الكونفايمنت» فإنها تتحول إلى متلازمة تلازمه من المهد إلى «الكشف..».. وبعد داك إمكن يفيق وإمكن لا.. والذهللة حالة غالباً ما تصطدم بها هنا أو هناك.. وهي تختلف عن الكبكبة باعتبار أن الكبكبة حالة ظرفية طارئة تزول بزوال المؤثر «المكَبكِب.. أي المُتكَبْكَب له».. وهو الشخص المثير للكَبْكَبَة تجاه المُتكَبْكِبين.. بينما تتميز الذهللة بالثبات والديمومة والاستقرار.. ثم التعبير عن نفسها في السر والعلن.. في الرضا والغضب.. وتأخذ الذهللة عدة أشكال منها التحليق البعيد.. ومنها التحليق على الأرض.. ومنها حالة انظر إليك ولا أراك.. ومنها: أراك عصي الدمع.. ربنا يستر..