عجيب أمر ما يجري وأعجب منه أن تدري زوجتي كانت تصرُّ على الذهاب لزيارة صديقة لها قابلتها بعد فترة انقطاع طويلة امتدت لسنوات.. ولما كنت لا أعرف الرجل الذي أصر على دعوتنا قررت أن أقوم بعملية قتل وقت أخرج منها على الأقل بقتل ثلاث ساعات كاملات.. وتوابع أخرى. استقبلنا الرجل بترحاب هو وزوجته في شقته وبعد الونسة والسلام والكلام والذي منه والأشياء الباردة والشاي.. قدت الحديث حتى وصلت إلى واقعة معينة قائلاً: تصوروا دي حكاية أصلها ما معقولة.. غايتو إلا تقولها ليكم هي.. أنا ما بقدر أوصف الحصل لينا شنو يوم كنا راجعين من المطار.. اسمعي أحكي ليهم بالله الحكاية.. وترفض زوجتي وتقول لي: لا أحكيها أنت... أنت بتعرف تحكي أحسن مني. وأصرّ أنا على أن تحكي هي الحكاية: لا يا شيخة.. ما تسمعوا الكلام دا.. خلوها بالله تحكي ليكم.. ويتدخل الرجل: والله شوقتونا.. يلا أحكوا. وتجامله زوجته: أي والله شحتفتوا روحنا. هذه الشحتفة تقتل من الوقت نصف ساعة كاملة.. وتبدأ زوجتي القصة: أصلو كنا راجعين من المطار بعدما ودعنا بتي وزوجها فأُقاطعها: بتك وزوجها شنو؟ يا مرة إنتي خرفتي؟ زوجها وين.. دي كانت ماشة تلحقو. وترد زوجتي: - لا أنت الخرفت أنا بتكلم في المرة الأولى لما كانوا ماشين شهر العسل.. يعني كيف بتمشي شهر العسل براها؟ وأوافق أنا على مضض: طيب.. طيب.. واصلي.. واصلي! كنا راجعين من المطار بعد ما ودعنا بتي وزوجها والطيارة قامت بالليل.. ونحنا في اللفة جات عربية من الناحية التانية. وأصيح أنا: من الناحية التانية شنو؟ دا حمار جا طالع من الخشة الجنب المطار. وترد زوجتي بعصبية: يا أخي.. الحمار د ما جا في الأول.. جا بعد ما لاقينا العربية من الناحية الثانية. وليه نسيتي الزول الكان واقف في الركن وحتى الأولاد علقوا قالوا: دا هسه لو ما حمار بقيف هنا؟ وتصيح الزوجة: يا أخي زول شنو؟ وركن شنو؟ دا ما كان في اليوم داك لما ناس رنا سافروا.. دا كان يوم ما إنت جيت.. ومشينا نقابلك.. وتقول بعصبية: طيب يا أخي أحكي أنت الحكاية.. وأصرُّ أنا من جانبي: لا.. لازم تحكي أنتي.. أنتي صاحبة القصة.. وترفض بشدة: لا أنت متذكر أحسن مني.. أنا معقول أكون متذكر؟.. أنا عندي ذاكرة؟ ويتدخل المضيف ويطلب منها أن تواصل.. فتقول: القصة وما فيها.. لما لاقينا العربية التانية حاول يتفداها قام ظهر الحمار.. وهو ما شايف الحمار.. فاعترض بشدة: لا.. أنا كنت شايف الحمار حتى قلت ليكم .. شايفين الحمار دا مدحش كدا كيف؟ وصاحب العربة التانية هو زاتو ما ما ظهر في الوكت داك..... يعني وكت ظهور الحمار.. أنتي بس اتذكري شوية.. وتصر زوجتي على موقفها وعلى أنني لم أكن منتبهاً للحمار: يا أخي أنت الزول لما نزل من العربية أول حاجة مش قال ليك: أنت ما شايف الحمار دا كلو ....أنت قلت ليهو شنو؟ وأجادل أنا بضراوة: لكين هو ما نزل من العربية.. أنا النزلت من العربية .... حتى قلت ليهو هسع الحمار كان حيودينا في داهية.!! وترد زوجتي: أيوا طيب ما قال ليك أنت الحمار ما كنت شايفو؟ وأصرُّ أنا على موقفي. لكين هو قال كدا بعد ما أنا قلت ليهو إنت الحمار ما شايفو؟ وتجادل هي: بس أنت أظنك خرفت. وزي ما قلت ذاكرتك بقت ضعيفة وتعبانة. وأدافع عن ذاكرتي وعن نفسي. أيوا.. أنا الذاكرة القريبة عندي شوية تعبانة، لكين الذاكرة البعيدة زي الولعة. ويظهرعلى زوجتي الانشراح. خلاص.. الحكاية دي حصلت ليها كم شهر وبتقع في نطاق الذاكرة القريبة.. واواصل ردي: وكمان قولي إنك بتعرفي أحسن مني؟ أنتي بس واصلي قصتك وأنا بصحح ليكي معلوماتك. معلومات بتاعة شنو؟ لما تحكي أنت مش بتجيبي معلومات؟ وأفرض؟ ماهو.. المعلومات دي بعضها بكون ما صحيح وبضطر أنا أصححو. يا سلام عليك.... كمان دي معلومات عايزة تصحيح؟ كيف ما عايزة تصحيح؟ أنتي تجيبي الزول بتاع العربية قبل الحمار ولما أنا أصحح المعلومة دي تقعدي تغالطي؟... طيب كيف حتحكي القصة والحمار ما جا في الأول؟. لأنو بعدين بوليس الحركة لما جا ما كان عارف انو الحمار ظهر بعد ما الزول التاني جا من الناحية الثانية. وأصرُّ أنا على هذه النقطة: وبالله كيف يكون وصل من الصينية والحمار يا دوبك ظهر؟ ولمحت صاحب البيت المضيف وهو قد ضاع في وصول الرجل من الناحية الثانية، وبين ظهور الحمار وزوجته التي تشحتفت روحها أكثر لأنها كانت متشوقة لتعرف كنه الحكاية. طبعاً لا زوجتي ولا صاحبتها ولا زوج صاحبتها..... حتى تلك اللحظة كانوا يدركون أن القضية ليست هي قصة الحمار ولا الرجل الآتي من الناحية التانية، ولكن القضية تكمن في أمور هي من صميم تعليمات كبيرنا لقتل الوقت. وخرجت من تلك المجادلة وعدنا إلى البيت وكنا قد قضينا على ثلاث ساعات كاملة ولم نترك للوقت صفحة يرقد عليها وتذكرت صديقي الفنان الراحل أبو داؤود يرحمه الله رأى ساعاتياً يسمكر ساعة فيطرق عليها بشاكوش كو... كو.. فسأله صديقه أحمد داؤود عليه رحمة الله: تفتكر دا بعمل في شنو يا أبو داؤود؟ أجاب أبو داؤود بكسر في الدقايق. آخر الكلام: دلْ على وعيك البيئي.. لا تقطع شجرة ولا تقبل ولا تشترِ ولا تهدِ هدية مصنوعة من جلد النمر أو التمساح أو الورل أو الأصلة أو سن الفيل وليكن شعارك الحياة لنا ولسوانا. ولكي تحافظ على تلك الحياة الغالية لا تتكلم في الموبايل وأنت تقود السيارة أوتعبر الشارع. وأغلقه أو اجعله صامتاً وأنت في المسجد.