سئل «محمود» عن ادعائه سقوط الصلاة ذات الحركات عنه مع أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يؤديها الى أن التحق بالرفيق الأعلى فكتب عن ذلك يقول: «ولما كان النبي صاحب شريعة فردية من حيث إنه نبي فقد جاء تكليفه في القمة فهو وإن كانت الصلاة المكتوبة مفروضة عليه وعلى أمته فهو يؤديها كما يؤدونها من حيث الهيئة ، الا أنه كان مخصوصًا بصلاة الليل فهي فرض عليه حيث لم تجيء في حق أمته إلا عن طريق الندب أي التأسي به قال تعالى: «يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا» ص38 وكذلك الصيام فإنه يصوم صومًا متصلاً ثلاثة أيام وليلتين من غير أن يفطر أثناءها، ولما أراد أصحابه تقليده ونهاهم ، وقال: «إني لست كأحدكم فإني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني، فليس طعامًا ماديًا بل هو اليقين، فأركان الإسلام عنده تختلف عن أصحابه وإن أداها في في الظاهر الصوري». وهذا كله مخالف لنصوص القرآن ومتواتر السنة مما هو معلوم ولا يحتاج أحد للاستشهاد له و«محمود» يقصد من ذلك أنه في حالة النبوة ودرجة الرسول صلى الله عليه وسلم فصلاته كما قال: صلاة أصالة وليست الصلاة ذات الحركات، وأذكر أن الأستاذ أحمد البيلي «حفظه الله» سأل «محمود» عن ما هي نواقض وضوء هذه الصلاة؟ --يقول «محمود»: عن حجاب المرأة إن الأصل فيه السفور يقول في ص159 من الرسالة الثانية «الأصل في الإسلام السفور لأن مراد الإسلام العفة وهو يريدها عفة في صدور النساء والرجال لا عفة مضروبة بالباب المقفول والثوب المسدول، ولكن ليس إلى هذه العفة الغالبة من سبيل إلا عن طريق التربية والتقويم ، وهذه تحتاج إلى فترة انتقال لا تتحقق أثناءها العفة إلا عن طريق الحجاب؛ ولذلك شرع الحجاب فكان الأصل ما كان عليه «آدم وحواء» قبل أن يزلا.. وهذا مخالف لقول الله تعالى: «وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن» إلخ الآية وقوله تعالى: «وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله» وقوله سبحانه وتعالى: «يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين» وبناء على رأيه في أصالة السفور يفسر قوله تعالى: «واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم» يقول: «اذا توافرت الأدلة على اعوجاج سلوكها بما لا يرقى إلى الحد؛ تصادر حريتها بحرمانها من حقها في حرية السفور وتحبس في المنزل حتى يتوفاهن الموت» ص161 ومعروف أن الآية المذكورة من الآيات المنسوخة الحكم بآية الحدود ويقول في الصفحة نفسها: «الأصل في الإسلام المجتمع المختلط بين الرجال والنساء ثم هو مجتمع سليم من عيوب السلوك التي أصيبت بها المجتمعات المختلطة الحاضرة. الم أقل إن معين أصحابنا من الشيوخ الذين ردوا إلى أرذل العمر هو الفكر الباطني؟ --يرى «محمود» أن الإنسان قد يرقى في مراتب العبادة فيتقرب بصفته من الله ثم يتحد معه ثم يكون هو الله!!! فيكون عالمًا علم الله، ومريدًا إرادة الله وقادرًا قدرة الله ويكون الله!! وفي تفصيل تلك المراحل يقول: «فهو حين يدخل من مدخل شهادة لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله يجاهد ليرقى باتقان تقليد المعصوم الى مرتبة فاعلم أنه لا اله الا الله، ثم يجاهد باتقان هذا التقليد حتى يرقى بشهادة التوحيد الى مرتبة «يتخلى فيها عن الشهادة!! ولايرى الا أن الشاهد هو المشهود ويطالع بقوله تعالى: «شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائمًا بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم» وعندئذٍ يقف على الأعتاب ويخاطب كفاحًا بغير حجاب» قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون» وقل هنا تعني «كن» وها هنا مقام الشرائع الفردية، وحيث يرقى السالك في مدارج الرسالة الثانية من مدخل الرسالة الأولى على النحو الذي بينا؛ يكون قد قطع درجات السلم السباعي من درجة الاسلام الى الايمان الى الاحسان الى علم اليقين الى حق اليقين الى الاسلام من جديد ثم يبدأ من جديد على مستوى جديد دورته الجديدة وهكذا دواليك. ان الاسلام سلم لولبي أوله عندنا في الشريعة الجماعية وآخره عند الله حيث لاعند وحيث لا حيث..ص24 ومعنى هذا أن يرقى الى هذه الدرجة التي لم نسمع أو نقرأ أن وصل اليها أحد من الخلفاء الراشدين وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- وعباد وصالحو هذه الأمة منذ أن جاء الاسلام والى يومنا هذا. وليثبت «محمود» أنه هو المسيح وأنه الله يقول بالثنائية في الوجود بما في ذلك الله نفسه فهو الله الذات «المطلق» والله الاسم «المجسد» فالله في ذاته المطلقة لا يوصف ولا يسمى ولا يرى ولكنه تنزل من المطلق الى المجسد فصار يسمى ويوصف ويرى، فالذين قالوا: ان المسيح هو الله لم يكفروا وانما كفر الذين قالوا: ان الله هو المسيح ؛ لأنهم قيدوا المطلق وهذا لايجوز؛ فاذا كان من الممكن أن نقول :ان المسيح هو الله فيمكن ببساطة أن نقول :ان محمود محمد طه هو الله أيضًا لأن المسألة ليست حكرًا على المسيح وحده، تعالى الله عن ذلك كله علوًا كبيرًا. اذكر اذا لم تخني الذاكرة ان احد اتباع «محمود» من أهل مدني ولعله يدعى «ذا النون» انه ذكر في محاضرة في نادي «سواكن» بمدينة «بورتسودان» ونحن طلاب أن رسالة «محمود» ستعم العالم وانه اخبرهم بأن هذه الرسالة اذا لم تنتشر في حياته فهي باطلة وسأله احدهم ماذا لو جاءتك برقية بوفاة «محمود» قال أتأكد أنها رسالة باطلة وارجع مباشرة الى «مدني» لا أدري ما موقف أصحابه منه الآن وكان هذا رأي أقرب تلاميذه آنذاك. وأختم هذا الموضوع بما كتبه فضيلة الدكتور «محمد عبد الرحمن بيصار «شيخ الأزهر رحمه الله - عندما كان امينًا عامًا لمجمع البحوث الإسلامية بتاريخ 5/6/1972 «فقد وقع تحت يدي لجنة الفتوى بالأزهر الشريف كتاب «الرسالة الثانية من الاسلام» تأليف «محمود محمد طه»ط. ام درمان ط4عام 1971.. وقد تضمن هذا الكتاب أن الرسول بُعث برسالتين فرعية ورسالة أصلية وقد بلغ الرسالة الفرعية، أما الأصلية فيبلغها رسول يأتي بعده لأنها لا تتفق والزمن الذي فيه الرسول، وبما أن هذا كفر صراح ولا يصح السكوت عليه فالرجاء التكرم باتخاذ ما ترونه من مصادرة لهذا الفكر الملحد والعمل على ايقاف هذا النشاط الفكري الهدام خاصة في بلدكم الاسلامي العريق» هذه كانت رسالة الأزهر في القطع في ارتداد «محمود» وان كنت لا أتفق معها في مواجهة هذه الآراء بالمصادرة لأن المفترض أن تواجه بالفكر والمناقشة والحجج التي تدحض اساس الفكرة ومصدرها حتى لا يخرج علينا كل يوم مدع يردد آراء أصحاب الملل والنحل والأهواء فنصفه بأنه مجدد ومفكر وعبقري محيط بعلوم الدنيا كلها لأن أغلب من تبعوا هذا الفكر وفكر أمثاله من المنظرين الجدد هم دائمًا ممن لا يملكون خلفية فكرية ومعرفة فقهيه لمقاصد الشرع ووسائله كما تجد قلة في زادهم عن الحياة والكون والإنسان لأنهم نشأوا في مجتمعات تعرف من الإسلام شعائره وتجهل شرائعة وفقهه وانتشار الفكر الديني الواعي جدير بإسقاط مثل هذه الآراء الى الأبد كما انتهت كثير من الدعاوى الشبيهة التي ماتت قبل موت دعاتها ويظل الفكر الإسلامي الواعي الصحيح هو الباقي والخالد.