بدأ موسم حصاد القمح بمناطق زراعته.. وتفيد المؤشرات الأولى بشائر إنتاجية معتبرة هذا الموسم لأسباب عديدة أهمها عطاء الطبيعة والموسم الشتوي الذي استمر لفترة طويلة.. وهي فترة مطلوبة لإنجاح موسم القمح والفول وبقية البقوليات خاصة بالولاية الشمالية ونهر النيل بما يفيد بإنتاجية عالية للفدان لا تقل على أسوأ الفروض عن العشر جوالات من سعة المائة كيلو للفدان الواحد.. ووفقاً للمساحات التي زُرعت قمحاً هذا الموسم فإن الوضع مطمئن إلى درجة كبيرة سوف تغنينا كثيراً عن الاستيراد والوقوع في فخ الاستلاب الغذائي «الأمريكي» الذي ينتظر أي زلة في تأمين غذائنا لكي يشهر في وجوهنا أسلحته الاقتصادية التي تظن أنها تُلحق بنا الضرر وتدفعنا للركوع لأجندتها والخروج على ديننا لأجل معوناتها المسمومة بعد ثلاثين عاماً من الاستهداف والحرب الاقتصادية والإعلامية والسياسية رغم اختلاف الحكومات ورغم التغيرات التي ظهرت على الخارطة السودانية. السيد وزير الزراعة في الولاية الشمالية متفائل جداً بالرغم من أن المساحات التي زُرعت قمحاً هذا الموسم أقل من تلك التي زُرعت في الموسم الماضي إلا أن اعتدال المناخ واستطالة المناخ الشتوي البارد سوف يحقق إنتاجية عالية وستكون هناك معادلة جيدة في تكاليف الزراعة بعد أن تحولت عدة مشروعات من استخدام الجازولين إلى الطلمبات الكهربائية ودخول الكهرباء خاصة في المشروعات الزراعية الكبيرة مما سيقلل من تكلفة الإنتاج إضافة إلى نوعية المنتج والزيادة التي سوف تتحقق بفضل ذلك.. وفي تصريحات السيد وزير الزراعة الاتحادي بالأمس جاء أنه قد تقرر تحديد سعر جوال القمح من قبل الحكومة بمبلغ مائة وخمسين جنيهًا.. وهذا أمر جيد ومبشر أيضاً حتى لا تضيع جهود المزارعين هباء تحت وطأة العرض والطلب في السوق العام.. وهذا تدخُّل حميد سوف يحقق الحماية للمزارع ويركز أسعار هذه السلعة الإستراتيجية المهمة.. ويدفع المزارعين ويحفزهم لبذل المزيد. إن عملية النهضة الزراعية لا يمكن أن تحقق أهدافها مالم يقم القائمون بأمرها بجدية وقوة باتخاذ خطوات وتدابير تضمن وتطمئن المزارع بأن ما يقوم به يمكن أن يضمن له الفائدة والاستقرار.. ويتطلب ذلك في المقام الأول وقد توفرت الطاقة الكهربائية أو الطاقة الصديقة والنظيفة والميسرة أن تقوم إدارة النهضة بتوفير المعينات خاصة على التحفير الجيد للأرض والمحسنات ومكافحة الآفات الزراعية مثل الحشائش وإدخال الحيوان ومنتجاته في الدورة الزراعية.. وتركيز شركة جياد بتوفير المتحركات التي تعين على إصلاح التربة مثل المحاريث والحاصدات وفوق هذا وذاك يجب إعادة النظر في المشروعات الكبيرة وإحيائها من جديد وعلى رأسها مؤسسة الشمالية الزراعية والمشروعات الأخرى التي وُئدت واغتيلت وأهملت.. ولن تتحقق نهضة تذكر إذا لم نعد النظر في المشروعات الكبيرة التي يمكن أن تحقق الكثير من إعادة النظر في علاقات الإنتاج والدور الذي يمكن أن تؤديه إدارة النهضة الزراعية قبل الزراعة وبعد الحصاد.. الأمر الأكثر أهمية هو ضمانة لهوية المشروعات الزراعية الكبيرة والصغيرة وعدم الركون لأمزجة صغار الموظفين وقصيري النظر والتفكير والمقاصد.. فهناك مشروعات كثيرة «صغيرة وكبيرة» لم تتم كهربتها بحجج واهية بعدم وجود أو توفر المحولات أو الأعمدة.. وهذا أمر مضر بالمستثمرين كباراً وصغاراً.. ولم يتوقف أحد في الالتزام بمقابل خدمات الكهرباء إذا ما طلب منه ذلك لأن المزارع يعلم تماماً الفارق الكبير في تكلفة الإنتاج ما بين الكهرباء والجازولين مما يدعو المسؤولين عن كهربة المشروعات الزراعية إلى ضرورة التحرك الفوري وترك التباطؤ والاتكالية والتماس المبررات لتأخير كهربة المشروعات الجاهزة للعمل.. ونموذج بسيط يمكن أن أختم به هذا المقال بأن أحد المستثمرين سعى حثيثاً لإدخال الطاقة في مشروعه الزراعي بالشمالية واضطر أن يلتزم بتحمل كلفة إنشاء محطة كهرباء لتغذية مشروعه والمشروعات الأخرى بالمنطقة ورغم ذلك لم يتحرك المعنيون.. بم نفسِّر ذلك!؟