قبل أن يجف مداد الخبر الذي تداولته الوسائط الإعلامية بشأن عدد ضحايا العنف والمواجهات الدامية التي انطلقت مجدداً في ولاية جونقلي بدولة جنوب السودان والذي كان قد بلغ (170) أمس الأول إذ بالعدد، وفي قفزة جنونية يرتفع لأكثر من (800) قتيل، وقال محافظ منطقة (أوكوبو) ان إحصاءاتهم المبدئية الاثنين الماضي أشارت إلى أن عدد الضحايا يتراوح ما بين (500) و (800) واصفاً الوضع بحد تعبيره بالكارثة ومناشداً المجتمع الدولي المسارعة في المساعدة والعون. ولعل أسوأ ما في هذا التطور الأمني السالب في دولة جنوب السودان أنه يجيء في ظل أوضاع إنسانية ومعيشية آخذة في التردي والتدهور جراء النقص الحاد في احتياجات المواطنين، وجراء إدراك مواطني جنوب السودان أن النفط قد توقف تصديره وليس من المنظور معاودة التصدير في المدى القريب في ظل غياب أية بدائل ومن ثم خروج ما يصل إلى 98 % من إيراد النفط من موازنة الدولة الأمر الذي يجعل من المستحيل أن تمضي الحياة في دولة جنوب السودان بالطريقة المطلوبة أو المرجوة. ويشير ناشطين في جونقلي إلى أن هذا الوضع المتأزم وعلى العكس مما كانت عليه تقديرات الحكومة الجنوبية بدأ يوجد حالة تمرد متنامية في صفوف الجيش الشعبي بعدما بدأ هؤلاء يدركون أن هنالك صعوبات قائمة بشأن مرتبات الجند، وتعيناتهم واحتياجاتهم وتشير متابعات (سودان سفاري) بهذا الصدد أن ولاية جونقلي وحدها، فقدت بالتزامن مع أحداث العنف حوالي (204) جندي من الجيش الشعبي تمردوا على سلطة الدولة والتحقوا بالثوار الذين تشير التقريرات إلى أنهم في حالة تزايد وان اغلبهم من قبيلة المورلي ويشار أيضاً في هذا الصدد إلى أن الولاياتالمتحدة التي (تطوعت) الشهر الفائت بسداد رواتب الجيش الشعبي في ظل خواء الخزينة الجنوبية لتوقف صادر البترول، لا تبدو أن لديها الرغبة في سداد مرتبات الشهر الماضي أو المقبل اذا لم تعمل حكومة جنوب السودان على معالجة أزمة ملف النفط مع السودان، ولم يخف الرئيس الأمريكي أوباما قلقه من الآثار السالبة بحسب قوله الناجمة عن وقف تصدير النفط الجنوبي وما يمكن أن تحدثه من أوضاع لا تحبذها واشنطن لكونها تضطرها لتقديم المساعدات ومحاولة إيجاد حلول في حين أن الحلول العملية متاحة وممكنة الآن. وتورد (سودان سفاري) في هذا الصدد أن ولاية الوحدة القريبة من حدود السودان الجنوبية، هي الأخرى تبدو مرشحة لانفجار أزمة إنسانية طاحنة سببها الرئيسي غياب الغذاء والمشروعات التنموية حيث لا مخزون للحبوب، ولا إمكانيات تعين على الزراعة، كما أن الحدود أقرب ما تكون إلى الإغلاق بعدما كثرت الاضطرابات والتفلتات على الجانب الجنوبي. وهكذا فان الوضع في دولة جنوب السودان يبدو كارثياً بكل ما تعنيه الكلمة ويتجه ليخلق بؤرة لأنشطة تخريبية وأمراض فتاكة وحالات جوع ووباء تكلف العالم ملايين الدولارات، فقط لأن دولة جنوب السودان تستكثر الدولارات القليلة التي يطلبها السودان لنقل وتصدير النفط الجنوبي!!