انتقد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون – بشدة – الأسبوع الماضي السلطات الحكومية بجنوب السودان ووصف تعامل الحكومة الجنوبية مع الأزمة الناشبة في ولاية جونقلي بالبطيء رغم ما قدمته الأممالمتحدة هناك من إنذار مبكر! وقال مون في جلسة مغلقة لمجلس الأمن بهذا الصدد، أن الحاجة تبدو ماسة جداً لتطوير وتقوية مؤسسات الدولة الجنوبية الوليدة للقيام بدورها. في ذات المنحي حذر مجلس الأمن من ما أسماها التداعيات السالبة التي ترتبت على وقف دولة الجنوب لصادراتها النفطية مما أوجد فجوة غذائية ووضعاً إنسانياً مزرياً في دولة الجنوب. وفي سياق ذي صلة دعت المسئولة الأممية (راديكا كومار) ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة فيما يخص الأطفال والصراعات المسلحة إلى وقف استخدام تجنيد الأطفال في صفوف الجيش الشعبي بدولة جنوب السودان مشيرة إلى أنه لا يزال يوجد حتى الآن حوالي (2000) طفل يجري تجنيدهم داخل الجيش الشعبي وقالت (كومار) (من المهم للغاية تسريح هؤلاء الأطفال من الخدمة العسكرية بالسرعة الممكنة) وأضافت (في حالة الاستمرار فإن هناك احتمالاً لفرض عقوبات). وتشير هذه الوقائع الى أن دولة جنوب السودان باتت من الدول المثيرة للقلق دولياً وهو ما سبق وأن أشار إليه أمين عام الأممالمتحدة غير ما مرة قبل انفصال جنوب السودان وقبل إجراء عملية الاستفتاء على تقرير مصيره حيث تشير متابعات (سودان سفاري) أن جنوب السودان تم وضعه في العام (2003) في قائمة سوداء تضم الدول أو الأقاليم التي يتم فيها تجنيد الأطفال وهو لا يزال على هذه القائمة وجرت محاولات في السنوات الماضية أسفرت عن تسريح حوالي (3000) طفل من المجندين بالجيش الشعبي وتقول منظمة اليونسيف في هذا الصدد أن السودان قدم عدة شكاوي أشار فيها إلى قيام متمردين باختطاف الأطفال من دارفور وكردفان وتجنيدهم في معسكرات مخصصة لهذا الغرض في ولايات جنوبية مثل معسكر (فاريانغ) بولاية الوحدة والذي قيل انه يضم ما يجاوز ال (2000) طفل مختطفين من دارفور وكردفان. ولعل هذه الأوضاع المتردية على كافة الأصعدة في دولة جنوب السودان والتي لا ينتظر أن تشهد تحسناً على المدى القريب باتت بالفعل تقلق المجتمع الدولي وليس أدل على ذلك من الانتقاد الحاد الذي وجهه أمين عام المنظمة الدولية لدولة الجنوب والسلطات الحاكمة فيها من ما وصفه (البطء) في التعامل مع الأوضاع في ولاية جونقلي حيث يتصاعد الصراع وتزداد الأوضاع سوءاً وحيث نزح عشرات الالاف وسقط ما يجاوز ال(3000) قتيل من قبيلة المرلي. أن ما يجري في جنوب السودان دون شك أسوأ مما يتم تداوله إعلامياً ولكن المؤكد أن هذا الوضع الذي ينذر بكارثة لن يكون لها مثيل في المنطقة سوف يدفع المجتمع الدولي عاجلاً أم آجلاً للتدخل، وهو تدخل يستصحب معه صداماً حتمياً بين المجتمع الدولي والحكومة الجنوبية إذ من المعروف سياسياً أن الصداقات لا مكان لها في التعامل السياسي، وان الغرب عموماً وفي مقدمتهم الولاياتالمتحدة تشعر بأن قادة الحركة الشعبية الحاكمين في دولة جنوب السودان لا يزالوا منغمسين في فسادهم وجمع الأموال والحصول على المزيد الأمر الذي يجعلهم أقل نشاطاً في مجال معالجة مشاكل الدولة الجنوبية الوليدة، كما أن هؤلاء القادة يبدو في نظر واشنطن أنهم (استنفذوا) أغراضهم وليست هنالك حاجة لاستخدامهم في المرحلة المقبلة. على كل تتصاعد الأمور، وتتفاعل والصدام قادم لا محالة!!