بعد أن صلى الرئيس على جنازة «محمد وردي» كان تعليق العضو البارز بالحزب الشيوعي الشفيع خضر هو أن الراحل وردي لم يجد بعد وفاته ما يليق به وبقامته وأن السلطة سيطرت على تشييعه؛ ولأنه ينتمي إلى الحزب الشيوعي فإننا نقوم بتأبينه بما يليق به، لكن ماذا يليق به بعد رحيله أكثر من صلاة على جنازته يؤمها رئيس الدولة وكبار المسؤولين بالدولة؟! هل وضع إكليل الزهور على قبره كما كان يفعل من يزورون موسكو على قبر لينين؟!.. بالمناسبة سبق أن زار السيد الصادق المهدي حينما كان رئيساً للوزراء موسكو ووضع إكليل الزهور على قبر لينين.. لكن المهم في الأمر الآن هو أن الشفيع خضر استنكر وداع الراحل وردي على الطريقة الإسلامية وبواسطة رئيس الجمهورية، وتحدَّث عن إعادة الوداع بطريقة شيوعية تليق بالراحل.. مع أنه يقول إن رحيل وردي فقدٌ لكل الشعب السوداني.. فهل كل الشعب السوداني ينتمي إلى الحزب الشيوعي؟! إن عضوية جماعة التكفير والهجرة أكبر من عضوية الحزب الشيوعي السوداني لذلك فإن أغلبية المعجبين بغناء وردي من السودانيين ليسوا شيوعيين، فلماذا إذن تريد الأقلية الشيوعية في قائمة المعجبين أن تسيطر على تشييع وردي وتشيّعه بطريقة تشييع لينين واستالين وخورتشوف وجيفارا؟! لكن ما مناسبة كل هذه المقدمة؟! المناسبة هي رحيل الشاعر الشايقي محمد الحسن سالم حميد الذي كان ينظم الشعر باللهجة الشايقية وينتمي هو إلى أسرة ختمية محبة لقراءة القرآن الكريم.. وقد أمّ الصلاة على جنازته الأمين العام لهيئة شؤون الختمية الشيخ الجليل صلاح سر الختم.. لكن وباعتبار أن الشاعر حميد كان يقع في دائرة الاحتكار السياسي الشيوعي مثل مصطفى سيد أحمد وأبو عركي البخيت، فقد وقعوا جميعهم ضحايا للاستقطاب الأيدولوجي والاستلاب السياسي، لكنهم ظنوا أنهم يحسنون صنعاً باعتبار أن الشاعر حميد يقع في شعور الحزب الشيوعي بأنهم أولى به من غيرهم تُرى هل سيرفض الشفيع خضر أن يصلي على جنازة الراحل الأمين العام لهيئة شؤون الختمية الشيخ صلاح سر الختم؟!. هل سيقول إن طريقة تشييعه لا تليق به كما قال في تشييع وردي؟ إن أدبيات الحزب الشيوعي ليس فيها أسماء الله الحسنى ولا حتى البسلمة وهي التي تخلو منها صحيفة الحزب المعروفة، لكن ربما قرأ الشيخ صلاح سر الختم أو استمع إلى قصيدة حميد التي يبدأها بقوله: «فتّاح يا عليم رزّاق يا كريم» وقال إنه دعاء الختمية ولذلك استحق أن يصلي عليه شيوخ الختمية وبالفعل كان في مقدمة موكب التشييع السيد أحمد محمد عثمان الميرغني وصلى على الجنازة الشيخ صلاح سر الختم الأمين العام لهيئة شؤون الختمية.. ولم يكن الهتاف في التشييع كما كان أثناء ساعات حكم الشيوعيين الاثنين وسبعين عام 1971م حيث كانوا يرددون بأعلى أصواتهم «سايرين سايرين على طريق لينين».. «الخرطوم ليست مكة».. مع أن في ذاك الوقت لم يكن انقلاب هاشم العطا وأبو شيبة والعقيد عبد المنعم الهاموش على نظام إسلامي يحكم بالشريعة الإسلامية وحتى نظام الأزهري الذي سبقه لم يحكم بالشريعة الإسلامية غير أنه استعد لقبول ورقة الدستور الإسلامي وهي التي وصفها جعفر نميري بالوريقة الصفراء وقال: «مذقناها» ثم كان انقلاب الشيوعيين عليه. فلماذا إذن يكون الهتاف وقتها: «الخرطوم ليست مكة»؟!. إن الختمية شيعوا شاعر الشايقية المتأثر جداً بالبيئة الشايقية بالتهليل «لا إله إلا الله» ولم يقولوا كما تقول النظرية الشيوعية: «لا إله والحياة مادة».. إن الشاعر الراحل بدأ قصيدته الشهيرة «عم عبد الرحيم» بقوله: «فتّاح يا عليم رزّاق يا كريم» تُرى هل قال الحزب الشيوعي «اللهم افتح علينا وارزقنا يا كريم»؟ إن مشكلة الشيوعيين في العالم الإسلامي تبقى نفسية بالدرجة الأولى لذلك يدخلون في «الحصبيص».