زلّ سيد الخطيب وسقط سقوطاً شنيعاً حيث قال إن نظرية المعاملة بالمثل نظرية ساذجة، وقد أشرنا في المقال السابق إلى أن القرآن الكريم، النص الرباني، تبنى هذه النظرية أكثر من مرة في إطار التدافع ومواجهة بعض الخصوم كقوله تعالى: «وإمّا تخافنّ من قومٍ خيانةً فانبذ إليهم على سواء» لكن سيد الخطيب وهو في مناظرته مع الطيب مصطفى على شاشة قناة النيل الأزرق الأسبوع الماضي اتخذ موقفاً شخصياً من الطيب مصطفى، الأمر الذي كشف عن طبيعة المرجعية الفكرية لدى سيد الخطيب القائمة على التناقض والالتفاف.. وبدأ مسيئاً لأدب الحوار الذي عرف به الإسلاميون الخُلّص وكان ذلك واضحاً من خلال لغة جسده التي لا تكذب خلافاً للغة المقال المنطوقة التي كشف القرآن جانباً من جوانب الاحتيال والمصانعة والتعريض فيها حيث يقول عز وجل: «ولَتَعْرفَنَّهم في لحنِ القولِ». هذا الأمر جعل سيد الخطيب يدعي ويزعم تثبيت مواقف تخالف الواقع المعيش في المسألة السياسية السودانية كقوله: (نحن نمثل السودان كله) يعني وفدهم المفاوض وهنا سيد يتعامى عامداً متعمِّداً عن أصوات قوية في الرأي العام السوداني ومنها أصوات نافذة داخل المؤتمر الوطني نفسه غير راضية عن أداء الوفد المفاوض.. لكن لا غرو فسيد الخطيب هذا يتطاول ويتبجّح وهو في برج عاجي لا يعرف رأي الشعب، وحتى عضوية المؤتمر الوطني نفسه التي عدد كبير منهم ضد هذا الاتفاق الإطاري، دع عنك مرحلة التوقيع.. وسيد الخطيب هذا لم يغزُ في سبيل وأشكك كثيراً أن يكون قد حدَّث نفسه بالغزو وبالتالي هو لم يذهب قط إلى مناطق العمليات التي كشفت معادن الرجال، وميّزت بين الذين نفروا في سبيل الله وبين الخوالف الذي خلدوا إلى الأرض ويخشون الموت وهم في بروج مشيّدة وقصر منيف. وسيّد الخطيب هذا، لم يقدّم شهيداً في سبيل الله ولم يذهب إلى توريت أو جبل ملح كما فعل الطيب مصطفى!! وحين يقول سيد الخطيب إن قادة منبر السلام العادل يخافون من الحركة الشعبية إنما يعبِّر عن حالة نفسية يحسها هو داخل أغوار نفسه.. دعونا نطرح هذا السؤال على سبيل المثال: هذا أيُّهما يخشى الحركة الشعبية الذي قاتلها في الجنوب وقاتلها في الخرطوم وهزم مشروعها العصري باعترافها هي حين قدمت شكوى رسمية في عام 2011م إلى مجلس الأمن الدولي والبيت الأبيض الأمريكي تشكو المنبر وصحيفته «الإنتباهة» وتطلب من المجتمع الدولي أن يراقب «الإنتباهة».. أم الذي حمل في وجهها الراية البيضاء ولم يرفع رأساً حتى حين غزته في عقر داره؟ وذهب إليها حَمَلاً وديعاً مسالماً يتهافت على مائدة مفاوضاتها ذليلاً منكسراً يتحاشى حتى الألفاظ الجادة وصدق القرآن حين صور مشهداً من مشاهد الهوان النفسي فقال: «نخشى أن تصيبنا دائرة». إن أشد ما يعانيه السودان اليوم هو إنعدام الروح المعنوية لدى كثيرٍ من ساسته وبعض مثقفيه خاصة أولئك الذين تم تعميدهم في البيت الأبيض الأمريكي. أو بعض المحافل الماسونية في الغرب ثم ردوا إلينا وهم يحملون تصوراً جديداً مغايراً لمفاهيم الإسلام في بعض الأمور مثل الجهاد وعلاقة الإسلام بالغرب النصراني واليهود وطبيعة الحريات وحقوق الإنسان، وهي نظرية تمثل صورة التصوّر الأمريكي لما يعرف بالإسلام الجديد إسلام (أليجا مُحمّد) الإسلام الأمريكي القائم على مشروع إعادة كتابة المصحف الشريف «القرآن الكريم» الذي يسعى لنسخ بعض أي القرآن الكريم التي تعتبرها أمريكا تحرِّض على ما تسميه أمريكا بالإرهاب ودوافع الجهاد وترسيخ الأصولية..وأمريكا اليوم ترفض أن يحاكم جندي واحد من جنودها أمام محاكم خارج أمريكا، ولكنها تسلِّط سيف المحكمة الجنائية الدولية السياسي على الشعوب.. وأمريكا تقود حرباً على الإرهاب على نطاق واسع من العالم، وقد سقط جرّاء هذه الحملة البربرية آلاف الضحايا البريئة، ورغم ذلك ما تزال أمريكا ترفض اعتماد أي تعرف للإرهاب بصورة تحدد حيزه وموقعه في القانون الدولي ليس إلا لسبب واحد وهو أن يظل الباب أمامها مؤارباً للتدخل في أي شأن متى شاءت وكيف شاءت ولِمَ..!! وسيد الخطيب يقول أنتم في منبر السلام العادل تكيلون الشتائم وتطعنون في المفاوض..!! إنا لا نكيل الشتائم إن صحَّ هذا التعبير إلاّ لمن أراد أن يكون ملكاً أكثر من المارينز الأمريكي.. ولا نطعن خلف أحد إلاّ من تأكد لنا كما قال القرآن الكريم: «لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاّ خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين». إن تقليب الأمور والإبداع اللحظي الذي يسارع الخطى نحو إيجاد مشروع إنقاذ جديد للحركة الشعبية الحاكمة بالحديد والنار في دولة جنوب السودان هو مشروع تصدير الجياع والمرضى والمعاقين وضحايا الإيدز وذبابة الفرنتيت من جنوب السودان إلى السودان من خلال هذه الحريات الأربع، والهدف هو محاولة تعطيل مشروع الدستور الإسلامي القادم إلى السودان والقرآن الكريم يكشف هذه النفسية المنطوية على التآمر حين يقول: «لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمرُ الله وهم كارهون».نعم كارهون وسيظلوا كارهين لأن الحركة الشعبية تكره ذلك وأمريكا تكره ذلك. أحدهم أشبه بالفاقد التربوي نعرفه ونعرف تفاصيل حياته ومؤهلاته ولكن تسلل إلى الواجهة والأضواء وغيره كثير من أولئك النفعيين والإنتهازيين الذين تسللوا إلى مؤسسات الدولة والحزب الحاكم تحت ظلال المحسوبية والواسطة والولاء الضيِّق ولكن هؤلاء جميعاً يجيدون فن التطبيل ومهرة في قرع الأبواق ولهم حناجر جاهزة بالتكبير.. أحد هؤلاء كتب ينتقد بعضَ جملٍ قصيرة كتبها الطيب مصطفى تتعلق ببعض الثغرات التي ظهرت في معارك القوات المسلحة السودانية في معاركها مع الجيش الشعبي لتحرير السودان من الإسلام وثقافته العربية رغم ادعاء سيد الخطيب الأجوف بأن الجيش الشعبي لم يدخل أرض الشمال.. هذا الإعلامي الذي كتب لا نريد أن نقول له أنت كنت «مُراسلة» في استقبال أحد مؤسسات القوات المسلحة لكن بفعل قادر تسللت إلى الأضواء.. لكن نود أن نقول إن منبر السلام العادل خاض كل معارك الكرامة مع القوات المسلحة وسند ظهرها وحرّض الجماهير والمجاهدين وأئمة المساجد لدعم القوات المسلحة في حربها المقدس مع الجيش الشعبي والطابور الخامس والعصابات والخلايا الناعمة التي بدأت هذه الأيام أكثر سعادة بعد أن سمعت عن خطيئة إدريس عبدالقادر وسيد الخطيب الجديدة التي تحت ظلالها يسير أحدهم من دندرو أو كاودا إلى المناقل أو غابة نخيل القرير أو ديم العرب في بورتسودان لا يخاف إلاّ الله ثم تحذيرات منبر السلام العادل وذلك في إطار منحة سيد الخطيب (الحريات الأربع) التي شابه في عاقبتها السيئة المنحة الأمريكية للسودان بعد زوال حكم الرئيس الأسبق المشير جعفر نميري رحمه الله حين دفقت الذرة الرفيعة والذرة الشامية في بعض مناطق السودان لمواجهة الفجوة التي ضربت وقتها بعض أجزاء السودان، ولكن دست من خلال هذه المحاصيل بذور نباتات ضارة وسامة بالبيئة ومنها المسكيت وطفيليات أخرى يدفع اليوم ثمنها السودان وهكذا أيضا سوف تفعل منحة سيد الخطيب هبة من لا يملك لمن لا يستحق. ويقفز سيد الخطيب قفزة في الهواء يتعرى فيها عن الفكر والعقل وأمانة اللسان وصدق المؤمن ليقول إن منبر السلام العادل يضع في علاقته مع الحركة الشعبية شروطاً من أجل الحوار «لا يبررها ديننا ولا تاريخنا» هنا نسأل سيد الخطيب أي الدينين والتاريخين تريد دينَ وتاريخَ ما قبل أن تكتب ما كتبت في سلسلة رسائل البعث الحضاري كما كتب مثلك البروفسير أحمد علي الإمام وأحمد إبراهيم الطاهر وغيرهما، أم دين وتاريخ ما بعد نيفاشا وأديس أبابا؟ حين كنت أهم بتقديم الطيب مصطفى رئيس منبر السلام العادل للحديث في مؤتمر صحفي مناهض للحريات الأربع بقاعة الشهيد الزبير صرخ رجل بكلمات عجاف بدأ في مظهره كأنه مخبول مهووس أدركنا بعد ثوانٍ من هو.. قال الرجل من أنتم؟ ومن أين تستمدون قوتكم؟ ومِنْ مَنْ تتلقون الدعم؟ أنتم الذين فصلتم الجنوب غضب عليه بعض الحضور ولكن طلبنا منهم أن يتجاوزوه لأن كثيرًا من الحضور كان يعتقد اأه مجنون لكن تبين لهم فيما بعد أن المتحدث المشاغب هذا هو الصحفي عمار.. لكن أنت أيُّها القارئ الكريم تتعجب وتدهش لو علمت أن عماراً بعد هذه الأسئلة القوية التي حسبنا أن وراء صاحبها عقلاً راشداً وموقفاً مبدئياً.. لكن انهارت كل هذه الظنون حتى اشترى أحد الحضور لسان الرجل ليكف عن الحديث والمقاطعة أثناء المؤتمر الصحفي فقط بعشرة جنيهات ووضعت في جيبه فصمت صمت أهل القبور..!! هذا صنف من إعلاميين يناطحون قرن منبر السلام العادل وهو في الجوزاء. أما عن أسئلته، فنحن منبر السلام العادل انتباهة في زمن الغفلة نستمد قوتنا من الله ثم من هذا الشعب، ثم من قوة وأصالة مبادئنا وأهدافنا.. ولن نتلقى دعماً من أحد غير ذاتنا. نعم كان لنا نصيب الأسد في فكرة فصل الجنوب وهذا شرف لنا.