وهكذا تدور الدوائر ويفضح الله مكر الماكرين اللاهين العابثين بسيادة البلاد وأمنها القومي، وسمعة وكرامة الشعب السوداني الذي ضرب الأمثلة الرائعة بين العالمين في الشجاعة والبطولة والكرم والشهامة والمروءة وعزة النفس، ورفض الذل والهوان والانكسار وطأطأة الرؤوس وانكسار العيون. ماذا يقول لنا سيد الخطيب وإدريس عبد القادر وصحبهما الكرام أولاد السودان البررة الذين طاروا في الأجواء وعبروا الصحراء وركبوا البحار وقدموا عصارة عصف أذهانهم، حتى جلبوا لنا السلام والأمان وحققوا الاستقرار في ربوع البلاد، حيث أمن الناس في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وصمت صوت السلاح إلى الأبد، وأمن المسيرية في أرضهم الشمالية في أبيي، وعاشت هجليج باسمة في حضن الوطن، وجاء شؤم الحركات الشعبية وأمينها العام رئيس وفود مفاوضيها باقان أموم إلى الخرطوم طائعاً مختاراً مؤدباً مهذباً بعد أن قدم له سيد الخطيب وإدريس عبد القادر الدروس والعبر، وتم ترويضه وتحذيره وتأديبه حتى لا يفعل ما فعله من قبل.. نعم جاء باقان ووفده وأفلح سيد وعبد القادر في توزيع البسمات وروعة المعانقات لوفد دولة جنوب السودان الشقيقة الصديقة المسالمة التي تهيأت لاستقبال الرئيس البشير في جوبا، بعد أن أفلحت عقلية سيد الخطيب وإدريس عبد القادر الجبارة في إقناع سلفا كير وحكومته رهبة ورغبة بأهمية رعاية العهود والمواثيق، ووافقت حكومة جنوب السودان لأن الحجة كانت دامغة، والعقلية متفتقة عن الإبداع والعين حمراء والسوط مرفوع، والعصا منصوبة والجزرة مقبوضة. دعونا أيها الكرام الإخوة القراء الأعزاء ننقل لكم بعضاً من رسائل قراء كرام يصرون على أنهم مؤتمر وطني ولكنهم يقرأون «الإنتباهة» لا الرائد، ويحترمون موقف منبر السلام العادل من قضايا وطنية وسياسية كثيرة قال فيها منبر السلام العادل قولاً.. وقال فيها الآخرون قولاً آخر.. كيف كانت النهائيات وعن ماذا انجلى فيها الأمر؟ ونختار رسالة أو أكثر من بين هذه الرسائل لأهمية ما يرد فيها من مواقف تعبر بوضوح عن أن رؤية منبر السلام العادل في قضايا كثيرة كانت محل صحة وحقيقة وصدق ورؤية ثاقبة قرأت الأحداث بعين زرقاء اليمامة.. وهي كياسة المسلم الكيس الفطن الذي لا ينخدع.. ولا يلدغ من جحر واحد مرتين، ولا يتبع سنن اليهود والنصارى ولا يغفل عن لحن المنافقين. تقول إحدى هذه الرسائل وهى تتحدث عن أولاد نيفاشا (هؤلاء مجموعة من المتساهلين منبطحين ومما أرعبهم وجود تيار قوي وكبير داخل الحزب ضد الاتفاق وضدهم ومع خط «الإنتباهة» فأصبحوا يطنطنون في الصحف والمؤتمرات ويطلقون عبارات خرقاء مستعارة من تحالف جوبا ومن لف لفهم (عنصريون، دعاة حرب، تهديد الأمن القومي) وغيرها من الهرطقات التي تبين ضعف حجتهم، والله هم الآن مندهشون من هذه «الإنتباهة» والصحوة، فبعد أن كانوا يلعبون بمصيرالأمة على راحتهم أصبحوا لا ينامون هانئين، إذا وقعوا اتفاقاً إطارياً فقط.. وهم الآن يتوسلون لباقان ألا يحرجهم مع الشعب والدولة بشن هجوم على السودان ويخذلهم باقان.. هذه شهادة شاهد من أهلها.. وأقسم بالله العظيم هذه وصلتني هكذا.. وهذه ثانية تقول: (ها هو كيد سيد الخطيب يرتد اليه في نحره ليذبح اتفاقيته وتلقى في مزبلة التاريخ بهجوم الجيش الشعبي، وهنا تظهر حكمة الله بنصر مؤزر للباشمهندس الطيب مصطفى، والندم والحسرة أمام الملأ لسيد الخطيب وكأنهما (يدعوان الله لإظهار الحق). وبعد هذا أتمنى أن يستحي ومعه إدريس والوفد) إ. ه. وهذه ثالثة جاءتني تعليقاً على مقالي الثاني الذي كان تحت عنوان: (الانتباهيون ومعارك الكرامة «2») تقول: (مساك الله بالخير.. نعم يا بني أنتم لكم الشرف في فصل هذا الجزء العاهة من الجسم السوداني.. وحتى نحن «مؤتمر وطني».. لنا الشرف بكم ورب الكعبة.. المنبر هو الحزب الوحيد الذي لا يدنس بماسونيين كالشعبي، ولا هو مخلوط ببني علمان كالمؤتمر الوطني الذي نحن منه، وإني أخشى أن تكون هناك أيدٍ خبيثة) إ. ه. هذه شهادات غير مجروحة من داخل صف المؤتمر الوطني.. وهل هناك وصف أدق لأولاد نيفاشا من ذاك الوصف الذي أطلقه عليهم في صحف أول أمس د. قطبي المهدي حين وصفهم بالليِّن.. وهذا التيار الرافض لعبث أولاد نيفاشا صار ينمو بسرعة في وسط قاعدة عريضة من المؤتمر الوطني قيادة وقاعدة. لكني أقول هكذا كل يوم تثبت نظرية منبر السلام العادل حول نيفاشا وجميع اتفاقيات الذل والهوان التي أعقبتها، وهى مهدد الأمن القومي والسوداني ومهلكة للحرث والنسل.. لكن سيد الخطيب وإدريس عبد القادر الذي يصر علينا أن نحمد الله ونشكره قبل حلول غضب الله علينا، يكادان لا يعقلان ولا يفهمان، فهل نحمد الله على الهوان والخور والذل والجبن، وسلفا كير يقول هجليج أخذت بالقوة ورددناها بالقوة، وهل هجليج منطقة نزاع أم هي سودانية شمالية خالصة، لكن بعبث المفاوض الحكومي (سيد وصحبه) سوف تطمع الحركة الشعبية في تحرير السودان من الاسلام والثقافة العربية في بارا وهمشكوريب ودامر المجذوب وشنقل طوباي وأروما.. لأن الحركة الشعبية لا تريد حريات أربع فحسب، لكنها تريد موارد السودان وإرثه الحضاري والثقافي لإقامة مشروع السودان الجديد على انقاض هوية أهل السودان وحضارتهم، وهذا ما يفهمه سيد الخطيب حين يزعم رجماً بالغيب أن منبر السلام العادل يخشى الحركة الشعبية، ولذا يطلق تحذيراته. أقول نحن لا نخشى الحركة الشعبية، وبشهادتها هي لا بشهادة سيد الخطيب الملوثة.. ذلك لأننا قاتلنا الحركة في عقر دارها قبل أن تأتي الخرطوم، لكن أين قاتل سيد الخطيب الحركة الشعبية وهى يفترض أن تكون عدوه لأنها تحمل أيديولوجية مشروع السودان الجديد، وسيد الخطيب وصحبه يزعمون أنهم إسلاميون ويحملون أيديولوجية المشروع الحضاري الاسلامي.. هل يلتقي هذان المشروعان أم هما في خطين متوازيين.. أم خط سير سيد وصحبه انحرف شمالاً..؟ أم خط الحركة الشعبية انحرف يميناً؟ إن الذي يدفع ثمن فوضى المفاوضات هو الجيش السوداني والمجاهدون، سواء أكان ذلك في جنوب كردفان أو دارفور أو النيل الأزرق أو أبيي أو حتى داخل الخرطوم أو كوستي، فحين يقف الجيش حارساً عزة السودان يذهب المفاوضون ليعبثوا بعزة وكرامة أهل السودان.. إنه الرهان الخاسر، وما الغدر الذي حدث أول أمس بهجليج عنا ببعيد!! أوقفوا هذه الفوضى.. من يفض سامر الوفود الليِّنة لقد صار السودان مكاناً للتندر والمسخرة.. لدرجة دولة جنوب السودان الوليدة التي لم تنبت لها بعد أسنان اللبن، يقول رئيسها: «رددنا هجليج بالقوة»، ويستمر الجيش الشعبي في دعم تمرد جنوب كردفان والنيل الأزرق، ويدعم الجبهة الثورية الكيان العنصري.. وبعد هذا كله عباقرة مفاوضي السودان سيد الخطيب وصحبه يزعمون أن في هذا تقدماً واستقراراً ومعالجة لأزمة الصراع.