لنا أن نتخيل لو توقفت شرطة أمن المجتمع عن عملها فكيف يكون حالنا؟ سؤال يمكن أن نجد إجابته لو تأملنا قليلاً ما يرد من قضايا تنظر فيها المحاكم المختصة بالقضايا المجتمعية التي أبلغت عنها شرطة أمن المجتمع مثل ترويج المخدرات، تعاطي الشيشة والقضايا المتعلقة بالفساد الأخلاقي والبيئي، والسلوك المنحرف كالدعارة والميسر وشرب الخمر.. وهي محاكم سبق أن تحدثنا عنها وقلنا إنها لا تقوم على تطبيق القانون وإدانة المتهمين فحسب، بل يمتد دورها الى تقديم الموعظة الحسنة ومعالجة قضايا الاختصاص في إطار تعزيز السلوك القويم، مستشهدين في ذلك بجلسة أمام مولانا إسماعيل محمد موسى قاضي محكمة جنايات السوق بأم درمان، حيث يقف أمامه «11» متهماً لم يبلغ احدهم الأربعين عاماً.. تم اقتيادهم للمحكمة بتهمة تعاطي الشيشة في محال عامة، وهذا ما يخالف القرار الذي أصدرته سلطات ولاية الخرطوم، وقد سجل جميع المتهمين اعترافاً بذلك، وقبل أن ينطق القاضي بحكمه خاطبهم قائلاً: انتم شباب هذه البلاد وعمادها، ونرى انكم في مقتبل العمر، فما رأيكم اذا وجدتم شيخاً او عماً لكم او امام المسجد مثلاً في المكان الذي كنتم فيه؟ فردوا بأنهم لن يحترموهم، فقال لهم اذا كان التردد على هذه الاماكن يجلب عدم الاحترام فلماذا ترضونه لانفسكم .. صمت قليلاً وقال إن تعاطي الشيشة يسبب سرطان الرئة ومضر بالصحة، ولكن مقصد التشريع من المنع لا يتوقف عند هذا الحد، بل لأن أماكن الشيشة بها ممارسات أخطر من التبغ، فقد صارت منابت للرذيلة وعرض الصور الفاضحة وتعاطي المخدرات والمهلوسات، ومن حيث لا تدرون ستجدون أنفسكم مدمنين للمخدرات التي يتم دسها في «المعسل»، فهذه المحلات للشيشة وأشياء اخرى، وسداً لتلك الذرائع فقد تم منعها، وحكمت عليكم المحكمة بالغرامة 150 جنيهاً. وما أن خرج هؤلاء الشباب حتى وقف أمام مولانا ثلاثة متهمين بينهم فتاة في مقتبل العمر، والبلاغ يقول حسب أقوال الشاكي «شرطة أمن المجتمع» «تم ضبط المتهم الأول وبحوزته جهاز موبايل يحتوي على صور فاضحة للمتهمة الثالثة، والتي تم تصويرها بواسطة المتهم الثاني»، وهي أكثر من عشرين صورة للمتهمة وهي عارية تماماً كما خلقها الله والعياذ بالله، وبدأت المحكمة التحري وسألت الفتاة هل هذه صورك؟ فردت: نعم! وسأل المتهم الثاني هل قمت بتصويرها؟ فقال: نعم ! فقال: ما هي العلاقة التي تربط بينكما فرد المتهم الثاني بأنها خطيبته، فسأله وهل يسمح لك كونك خطيبها بأن تصورها عارية؟ فقال إنها خصوصيته، وإن الموبايل الذي صورها به سرق منه ووقع في يد المتهم الأول، وسأل القاضي الفتاة هل لك أهل بالعاصمة فقالت: نعم اخي موجود بأم درمان، فقال لها ما رأيك لو استدعيناه ليرى هذه الصور فقالت: لا مانع لدي .. قال القاضي للمتهمة: ألم تمثلي من قبل أمام هذه المحكمة؟ فقالت: نعم في قضية الشيشة، وكأنها أرادت بإجابتها هذه أن تكمل ما للشيشة من مضار، ولعل ما قصده القاضي من و «أشياء أخرى» قد استبان في هذا البلاغ، وهي ذات الصور التي تعرض للشباب في أماكن الشيشة.. ورفع القاضي الجلسة لحين حضور شقيق المتهمة الثالثة. أفق قبل الأخير: وردت للمحكمة الكثير من البلاغات الخادشة، وجلها كانت بلاغات من مواطنين تضرروا من تلك المشاهد والأفعال، ونحمد الله أن المجتمع يرفض ذلك؟ أفق أخير: لو غاب أمن المجتمع فالإجابة واضحة.