يسعدني أن أقدم لكم في هذا الباب شخصًا ورعًا من الذاكرين والتالين لكتاب الله تعالى والحافظين له حفظًا على كل الروايات شكلاً ومضمونًا، ذلك هو الشيخ المرحوم الراحل المقيم صديق أحمد حمدون الذي تسمعون قراءته وترتيله بصوت شجي جذاب ذلك في تفسير القرآن الذي يقدمه الدكتور عبدالله الطيب عليهما الرحمة والرضوان أجمعين.. وهذه التلاوة بصوته وتفسير عبدالله الطيب يوميًا تقدم في الساعة الرابعة صباحًا «الدغش» في إذاعة أمدرمان وتتكرر في نفس اليوم التالي ويا بخت الذين يستمعون إليها كما قال الله تعالى «وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» نسأل الله الرحمة لنا ولكم وكذلك تسمع صوت الشيخ صديق في أذان العصر يوميًا من إذاعة أمدرمان.. كل هذه الفضائل تركها وهو زاد رحل به إلى تلك الدار التي لاترقى إليها الأباطيل وهو ترك من بعده علمًا ينتفع به وأبناء صالحين يدعون له والله أكبر ولله الحمد على ما أنعم به عليه.. أيها السادة والسيدات من هو صديق هذا وأين نشأ وأين تعلم؟ هذا ما سأقدمه لكم في هذه المساحة من الجريدة لتعرفوا عن هذا الشيخ الجليل تالي القرآن وآياته بصوت خاشع.. عبدالله بن مسعود ذلك الصحابي الذي طلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتلوا له القرآن وقال له يا سيدي رسول الله أتلو عليك وعليك نزل القرآن فقال له صلى الله عليه وسلم، أحب أن أسمعه منك، لله درّك سيدي عبدالله بن مسعود والصلاة والسلام عليك يارسول الله نعم أقدِّم لكم نبذة عن مسيرة الشيخ صديق بكل أدب واحترام وقد خلف علمًا وصوتًا جذابًا في تلاوة القرآن وفي الأذان هكذا ولد الشيخ صديق أحمد حمدون في قرية الهبيكة عكود بالقرب من مدينة رفاعة بمديرية الجزيرة من أسرة ذات دين وحسب بعثته أسرته إلى خلوة ود أبو صالح وحفظ القرآن وعمره لم يتجاوز الخامسة على يد الفكي أحمد المقبول الذي وصفه بالفطن الذكي، وقد رعى حمدون الغنم أو الأغنام في باكورة صباه، وبعد حفظه للقرآن التحق بالمعهد الديني الثانوي بعدها تنقل كالنحلة ليعلم القرآن في المدارس الابتدائية حتى وصل به المقام ليكون أستاذًا في جامعة أمدرمان الإسلامية وبعثته البلاد سفيرًا لها في كثير من بقاع الأرض: إندونيسيا وتونس ونيجيريا ومصر وماليزيا وكان أنيقًا يحب أن يكون ثوبه حسنًا وكان يحب القراءة وامتلك مكتبة ضخمة حفلت بالمراجع في علم التفسير وعلوم القرآن وسيرة المصطف صلى الله عليه وسلم. وكان حمدون يحب الحكايات والنكتة اللطيفة خفيفة الظل وكانت له صداقة خاصة مع البروف عبد الله الطيب، ومن أكبر إنجازاته مشاركًا البروف عبد الله الطيب في برنامجه الإذاعي المشهور «دراسات في القرآن الكريم» الذي يواصل بالإذاعة الآن لأحد عشر عامًا وهو البرنامج المفضل لكثير من الناس بالداخل والخارج لله دره، فقد ترك علمًا يُنتفع به وأبناء صالحين يدعون له كما هو وارد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.. خاتمة القصة أن الشيخ صديق رأى رؤيا منامية أنه قرأ سورة النصر في وقت النوم ونادى ابنته طالبًا كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين الذي فسَّر له أن من يقرأ هذه السورة في منامه يتوفاه الله بعد سبعة أيام وأنَّ هذه السورة نزلت تنعى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الرسالة وتصديقًا لهذه الرؤيا ودّع الشيخ صديق أهله وعالج أمر معاشه بالجامعة وأخبر أصدقاءه ومنهم أحمد علي الإمام «البروف» والطريفي وحسن أحمد حامد ودعاهم لحضور تشييعه والدعاء له يوميًا وهو قال جاهز للرؤيا يوم 24 أكتوبر 1985م وشعر الشيخ بوخز القلب وصلى ركعتين وأوصى أبناءه وهو في سريره مستقبلاً القبله وأسلم روحه لله سبحانه وتعالى عليه الرحمة والرضوان، ومنذ رحل مضت 25 عامًا ربع قرن من الزمان وما زلنا بفضل العلوم والعلم نسمع صوته يتلو كتاب الله في برنامج دراسات في القرآن الكريم، وهكذا خلّف علمًا يُنتفع به وما زلنا نسمع صوته عبر الإذاعة يرفع أذان العصر يوميًا لله دره، أيها السادة والسيدات رحم الله الشيخ صديق وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء إنه سميع مجيب... وفي هذا المقام فإن الرئيس البشير الذي يهتم بأهل القرآن لاشك أنه يكون عمل لأسرته معاشًا مقدرًا يليق بمكانة شيخ صديق، وعليه أرجو من الرئيس البشير أن يبحث عن مكان أسرته ويزورهم.. وأن يجعل شيئًا ثابتًا تكريمًا للمرحوم الراحل والمقيم بيننا بصوته رطبًا شجيًا وكأننا نسمع صوت الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود الذي طلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يسمعه القرآن. وفي الختام أرجو أن أكون عرفتكم بالشيخ صديق ونشأته وإن شاء الله سوف أبحث عن قراء آخرين نسمع أصواتهم بالقرآن أمثال الشيخ عوض عمر والشيخ محمد بابكر والشيخ عبداللطيف العوض.. والشيخ المرحوم محمد البشير سعد عليهما الرحمة والرضوان وهم أهل القرآن لله درهم وأنا أرجو إعلام البشير وأن يوصلوا له هذه الجريدة والبشير من أهل الخير ومن المقدرين لأهل القرآن مع قبول سلامي.