هكذا في لحظة سريعة انتقل الشيخ أحمد علي الإمام وابن الإمام إلى تلك الدار الآخرة التي لا ترقى إليها الأباطيل.. نعم رحل ولكنه راحل مقيم، فقد ترك علماً يُنتفع به.. رحل وصوته الجذاب يدوي مفسراً القرآن الكريم.. رحل وترك بيننا كتبه وكتابه خلوة القرآن والعودة المرَّة.. نعم رحل الإمام العلاّمة وترك سيرته الذاتية منذ طفولته مع القرآن والبيان، فقد كان فيه وجاء منطلقاً من أسرة دينية ووالده الكريم شيخ يرتل القرآن الكريم في السحر وقرآن الفجر كان مشهوداً ويتحدث الإمام في الإعلام المرئي والمسموع، وكم سعدت البلاد بصوته وهو يفسر القرآن يومياً في إذاعة أم درمان في حلقات مستمرة من أين أحمد هذا ومن أي بلد في السودان.. إنه وُلد في الشمال وجاء من الشمال موطنه وهو لم يكن من أصحاب الشمال حاشا وكلا فهو من أصحاب اليمين وأصحاب اليمين بإذن الله تعالى.. نعم رحل وسافر ود الإمام وهو يحمل زاده وزوادته.. والرحلة في هذا الطريق طويلة والمسافر فيها يحتاج إلى زاد، ولكن أحمد يكفيه زاداً وعتاداً حديثه المنطلق في تفسير القرآن ويكفيه أن قرآن الفجر كان مشهوداً.. لم أشاهده شخصياً إلا مرَّة واحدة في مأتم المرحوم ابننا البشرى ود سمكول بحي بيت المال بأم درمان.. شهدته يتحدث عن الموت والاستعداد له وقد جذب الناس بحديثه وقوله لأنه صادر من الأعماق ولكنني كنت مداومًا على حديثه في إذاعة هنا أم درمان.. وبرحيله نرجو أن يكون مقيماً بصوته في الإذاعة كما كنا نسمع الدكتور عبد الله الطيب والمقرئ صديق أحمد حمدون.. إنني أتقدم بهذا لإذاعة أم درمان.. وأظنها فاعلة ومقدمة له فهذا سيكون ذكرى له واستمرارًا في علمه الذي تركه علماً ينتفع به وأبناء يدعون له إن شاء الله سيداتي سادتي. أرجو أن لا يبادر المسؤولون في الدولة ليطلقونا شارعًا باسم أحمد علي الإمام، فإن الشارع الحقيقي المخلد لذكراه هو تفسير القرآن وبثه في إذاعة أم درمان: إنني في هذا المقام اتقدم لأسرته الكريمة وأبنائه بخالص العزاء ولأهله وقبيلته من هناك ولأصدقائه وإخوانه في الله سبحانه وتعالى كما أنني انقل العزاء للسيد الرئيس عمر البشير رئيس الحكومة الذي كان دائماً يضع أحمد الإمام إلى جانبه مستشاراً في التأصيل وقد كان نعم الرجل في هذا المكان وعزائي للشعب السوداني أجمع لفقده الكبير: ولئن رحل الإمام فقد رحل لهذه السفرة وهو يحمل زاده ومن التقوى والإيمان عليه الرحمة والرضوان ودمتم.