في كل العالم يعاني قصار القامة من الإزدراء والتهميش والإنتقاص. فيعيشون حياتهم صابرين محتسبين قِصَرهم، وسط ثقافة طوال القامة. وسط غمزها وهمزها ولمزها. في انحياز ضد القِصَر وتفضيل الطول، دائماً مايربط الناس بين القِصَر والنقصان. يقول السودانيون (كلام القِصَيِّر ما بتسمع). و(القِصَيِّر يا حكمة يا فتنَة). ومن عباراتهم (القِصْروا طالوا). ويسمَّون قصير القامة (شِبِر) و(البعيو) و(صغيرون) ،(قصيروني) و(صغيروني)، وغيرها. أيضاً يُسمَّى شهر شعبان في السودان شهر (قِصَيِّر). ويسمَّون عظم المفصل (عضم القصير). ويقولون (ما قصَّرت)، فالتقصير هو النقصان. فلان لديه (قصور) في الفهم أى فهمه ناقص. وفلان لديه (قصور) في وظائف الكُلَى. في مقابل ذلك يحبِّذ الناس الطول. فيقولون (طويل الباع) أي كريم أو يده مباركة (لاحقة). وانسرب ذلك إلى الثقافة الشعبية السودانية فيقولون في أغنية دوب يادوب لازم نرضى بالمكتوب (طويل القامة كحيل العين). وفي أغنية قنبلة (قنبلة سماحة الزول في الطول والعلا). وفي المدح تقول الثقافة العربية (طويل النجاد). الشاعر كثيِّر عزَّة كان يكره النساء القصيرات (لأنَّ عزَّة طويلة) فيقول (شرُّ النساءِ البحاترُ) أي القصيرات. في مسابقات ملكات الجمال وعارضات الأزياء في الدول الغربية لا مكان للقصيرات. هناك انحياز في العديد من الثقافات ضد قصيري القامة. تلك حقيقة. لكن التجربة أثبتت أن الإبداع في العلم والأدب والقيادة يتوفر في قصار القامة مثلما يتوفر في طوال القامة ومتوسًّطي القامة. فنجم كرة القدم الأرجنتيني (مارادونا) قصير القامة كان أسطورة كروية. وكان الفيلسوف الفرنسي قصير القامة (جان بول سارتر) قامة فارعة في الأدب والفلسفة. سارتر يحب وصفه بالأديب وليس الفيلسوف. كان القائد قصير القامة (نابليون) عملاقاً في القيادة العسكرية. ومن مشاهير قصيري القامة الفنان البريطاني الشهير (كليف ريتشارد) والفنان المصري المبدع (عبدالحليم حافظ) وصانع التاريخ الإسكندر الأكبر والرئيس السوڤيتي (ستالين) باني روسيا الحديثة، ومؤسس الصين الحديثة القائد الرئيس (ماوتسي تونغ)، وإمبراطور أثيوبيا (هيلا سيلاسي) واسمه الأصلى (تيفري ماكونين)، والزعيم الصيني الفذ (دينج هسياو بينغ) زعيم انطلاقة الصين إلى دولة كبرى، والزعيم السوڤيتي (خروتشوف) ونجمة هوليوود (سلمى الحايك) والجاسوس البريطاني الأشهر (لورنس العرب) والملكة (فيكتوريا) والرئيس الفرنسي (ساركوزي) وزعيم المقاومة المغربي (عبدالكريم الخطابي) والزعيم المغربي (علال الفاسي) والزعيم المغربي (المهدي بن بركة) والرئيس الإيراني (محمود أحمدي نجاد) والرئيس الروسي (ميدفديف). ومن قصار القامة الصحابي الجليل (عبدالله بن مسعود) أول من جهر بالقرآن أمام المشركين، وأم المؤمنين (السيدة صفية) رضى الله عنها وفارس الشعر (المتنبي) والكاتب العظيم (الجاحظ) والشاعر المجيد (الفرزدق) والشاعر (تأبّط شرّاً) والشاعر السلس (جرير) والعبقري (آينشتاين) صاحب النظرية النسبية و(فرويد) والرسام المبدع (بيكاسو) والمفكر (ڤولتير) ومكتشف قانون الجاذبية (إسحاق نيوتن) والروائي العظيم (شارلس ديكنز) ورائد الفضاء (يوري قاقرين) والموسيقار (موزارت) والموسيقار (بليغ حمدي) والأديب (يحي حقي) صاحب رواية (قنديل أم هاشم)، والأديب (إبراهيم المازني) والشاعر (إبراهيم ناجي)، وأمير الشعراء (أحمد شوقي) والأديب (أحمد حسن الزيات) صاحب مجلة (الرسالة)، وغيرهم من أعلام العلماء والأدباء والشعراء والرياضيين و الفنانين والموسيقيين. (جنكيز خان) أسس إحدى أكبر الإمبراطوريات بقامة طولها (152.5) سنتمتر. والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وضع اسمه في التاريخ بقامة طولها (155) سنتميتر. ووضع رائد الفضاء (يوري قاقارين) اسمه في التاريخ كأول انسان سافر في الفضاء بقامة طولها (155) سنتميتر. وسجّل المهاتما غاندي اسمه في التاريخ بقامته التي تبلغ (157.5) سنتميتر. الرسام العالمي بابلو بيكاسو كان طوله (160) سنتميتر. رائد الفكر الحرّ ڤولتير طوله (157.5) سنتميتر. الرئيس الأمريكي جيمس ماديسون (الرئيس الأمريكي الرابع) طوله (160) سنتميتر. الزعيم السوڤيتي فلاديمير لينين طوله (162.5) سنتيمتر. نجم الكوميديا الخالد شارلي شابلن طوله (162.5) سنتميتر. ساحر كرة القدم مارادونا طوله (162.5) سنتميتر. أنت قصير القامة... إذن إرفع رأسك. فقد ملأ قصار القامة العالم إبداعا واكتشافاً وذكاءً وقيادة وتميّزاً. قال الرئيس الجزائري بوتفليقة يكفيني فخراً أنني أطول من نابليون (القصير) بثلاث سنتميترات. أقصر رجل في العالم اليوم هو (خاجيندرا ثابا ماغا) الذي يبلغ طوله (56) سنتميتر وهو من مملكة (نيبال). سبقه على لقب أقصر رجل في العالم الصيني، (بينغ بينغ) الذي يبلغ طوله (73) سنتميتر. تلك رحلة في عالم قصار القامة الذين يتربّعون على عرش النجاح والإبداع ويرددون في سرِّهم... لقد نجحنا ولا نامت أعين الجبناء... أى طوال القامة!.