٭ الشاعر اللبناني جودت فخر الدين من ذوي القامات الطويلة، الذين يتسنى لهم، بحكم الطول، ممارسة لعبة كرة السلة والانتصار فيها بقدر وافر من الأهداف.. لا يتوفر لغيرهم من قصار القامة. ٭ فلعبة كرة السلة، يبدو أنها صممت خصيصاً، للفارعين وذوي الباع الطويل، الذين تتجاوز قاماتهم الخمسة أقدام وست بوصات، بغض النظر عن لون عيونهم وشعرهم وأية مميزات أخرى. ٭ وبالرغم من الطول الفارع وإمكانية احراز الأهداف بقدر وافر، تساءل الشاعر فخر الدين، عن الحكمة في جعل السلة على إرتفاع لا يتيح لمتوسطي القامة، ناهيك عن الأقزام، ممارسة لعبة كرة السلة. ٭ أما كان في مقدور الذين صمموها، أن يجعلوا في هذه اللعبة درجات أو فئات، لكل فئة طولية سلة ذات ارتفاع مناسب؟!. ٭ تعرف الملاكمة وزن الريشة، ووزن الذبابة، ووزن الديك، ورفع الأثقال 500 كيلوجرام، و1000 كيلوجرام، و1500 كيلوجرام، وللعداءين مسافات تتراوح من 100 متر الى 8 كيلومترات، والمصارعة الحرة تميز بين الهواة والمحترفين. ٭ لماذا لا تميز كرة السلة بين القصار والطوال والعمالقة والأقزام؟!. ٭ ومادام العالم مشغولاً، كباره وصغاره، عن قضايا التمييز الإيجابي، يهيأ لي بات من الضروري إعادة النظر في قوانين كرة السلة. ٭ كرة السلة في حاجة إلى اتفاقية للمصادقة عليها، أسوة باتفاقية سيداو واتفاقية نزع الألغام، ومواثيق الصحافة، وكل الاتفاقيات الأخرى، التي تقيم الدنيا ولا تقعدها. ٭ وحتى تتوصل الجهات المعنية (والتي لا أعرف بالتحديد ما هي) إلى إبتداع نظام يسمح لكل الناس بكل الأطوال بممارسة لعبة كرة السلة، وبدون تمييز، يحق لطوال القامة أن يسرحوا ويمرحوا في ملاعب كرة السلة، ويستمتعوا بهذا الإمتياز (اللا قانوني) إلى حين إشعار آخر. ٭ وربما خفف عنهم هذا الإمتياز الاستثنائي، عن بعض ما يعانونه من متاعب في الحياة اليومية، بسبب الطول الزائد. ٭ طوال القامة مطالبون ب (الإنحناءة) متى ما حاول أحدهم الدخول من بوابة قصيرة الإرتفاع، ومطالبون بانحناءة أكبر إذا ما حاول أحدهم التقاط ما سقط على الأرض، أو حاول مداعبة طفل، أو تقبيل يد تستحق التقبيل.. ناهيك عن الحرج الذي ينتابهم، حين يجلس أحدهم في المقعد الأمامي ويرجع الكرسي أقصى ما يمكن، و(التلتلة) في الحصول على مقاس الحذاء، والمشاوير في البحث عن (قطع) فقوالب المصانع لا تنتج أحذية للطوال، لذا عليهم البحث عن (قاطع) ليقطع المناسب. ٭ ويبدو أن هذا هو السبب المباشر، الذي دفع الهولندي العملاق روب برونتيس إلى إنشاء مؤسسة خاصة بأصحاب القامات الطويلة (190 سم على الأقل للرجال و180 سم على الأقل للنساء). ٭ ضاق روب ذرعاً بالمقاعد في السيارات والحافلات والطائرات ونفد صبره من الكراسي والترابيز المنخفضة، والأبواب التي تجبره على الإنحناء، وحفيت أقدامه في البحث عن حذاء مناسب، ففي أوروبا يقل عدد (قاطعي الأحذية) أو يكاد ينعدمون. ٭ لذا عمد برونتيس إلى إنشاء مؤسسة، تقدم منتوجاتها لطوال القامة في كل العالم. ٭ كان السنغالي عبده ضيوف، يسبقه سريره إلى كل بلد يريد السفر إليه، والأديب مايكوفسكي، كان يحمل غطاءه ولحافه أنّى ذهب، وكلاهما من ذوي القامات الطويلة. ٭ (الطول عز)، كما يقولون و(والقصر أوفر عزاً)، ولذلك لابد من إعادة النظر في اتفاقية كرة السلة (إن كان هناك ثمة إتفاقية)، حتى يرتع القصار الرشيقون في كل الملاعب!.