تخرج مثل هذه القرارات التي تنوء بالهزيمة بين الحين والحين.. ضمنها هذا القرار.. تجاوزاً كل الاحتمالات.. قرار يخرج من رحم الهيئة.. في الواقع أنه قرار غير مدروس وصاحبه لا يملك على شعب الولاية إلا سلطان التكليف فقط الذي لا يمنحه الحق أن يفتعل الأزمات ثم يندس وراءها ليراقب نتائجها.. إنه قرار بقامة وباء قد يجتاح بمهدداته وآثاره كل محليات الولاية.. جرأة هذا القرار أنه لا يكترث لما يترتب عليه من مسؤولية عامة.. سحب حاويات النفايات من السوق المركزي الخرطوم خلق أزمة بيئية لا يمكن التكهن بشأنها مستقبلاً.. يبدو ذلك واضحاً عندما تدخل السوق فإنك تشتم رائحة الأزمة.. ما حدث هنا انقلاب بيئي تسببت فيه إدارة الهيئة بسبب قراراتها غير المتزنة ولا تدعمها المؤسسة ولا حتى الاستشارات الفنية.. ربما سوء الفهم تجاه شركاء العمل أفقدها القدرة على التميُّز ففعلت ما فعلت بغض النظر عن آثاره السالبة على المواطن وإفرازاته الاجتماعية في معركة بلا معترك.. إن من يزرع الأخطاء عليه ألا يتوقع أن يحصد إلا ما زرع.. سحب أكثر من مئة وعشرين حاوية مطابقة للمواصفات بمقاسات مختلفة من الخدمة وتكديسها في مكان واحد بلا مهام لن يخلق الأزمة البيئية التي توقعوها كمقدمة لانيهار الشركات الوطنية عن أداء مهامها، حرب الحاويات لن تأتي أكلها لأن الشركات الوطنية دائماً لديها خططها البديلة المقاومة للصدمات.. لأنها تتوقع في كل حين تربص شركاء العمل الحكوميين بها فالحكاية بالنسبة لهم أصبحت أشبه بحكاية توم آند جيري الكرتونية.. مطاردات لا تنتهي ومغامرات.. هذا كله كوم وما فعلوه في السوق المركزي الخرطوم كوم آخر فالسوق المركزي حالة استثنائية خاصة أيها السادة الكرام فهو يعاني أصلاً من خلل هندسي في البنى التحتية خاصة في شبكة التصريف مما يؤدي بشكل مستمر لانفجارات في الصرف الصحي تختلط المياه الآسنة بحركة الناس فتنبعث الروائح الكريهة في كافة أنحاء السوق.. ثم هنالك مشكلات صحية مقيمة فالمطاعم تتقاسم المباني مع الحمامات الجماعية في منظر مقزز ومخالف للطبيعة البشرية ناهيك عن المعايير الصحية وكل ذلك تحت سمع وعلم وإشراف المحلية التي تمنح تصاديق مزاولة المهن والنشاطات التجارية داخل الأسواق.. وفوق ذلك كله أيها السادة الكرام أن السوق المركزي هو المغذي الرئيس للأسواق الفرعية بكافة محليات الولاية.. بالتالي فإن أي قرار غير محسوب النتائج بدقة ويضع في اعتباره الحالة العامة له يكون قراراً كارثياً وإفرازاته وأضراره حتماً ستكون خصماً على صحة المواطن وعافيته والتي هي من صحة الوطن أيضاً وعافيته.. المحلية أخطأت مرة حين لم تكترث للتقارير الفنية عن الوضع البيئي والفوضى التي تصاحب المعالجات دائماً وحين سمحت بعد ذلك بفتح السوق للمستهلك متجاوزة الغرض الذي من أجله أنشيء أصلاً.. وأخطأت مرة أخرى حين غامرت بحياة المواطن نفسه مقابل حفنة من الجنيهات لا تتجاوز المائة والعشرين ألف جنيه كل ما كان يدفعه المقاول للمحلية شهرياً مقابل إيرادات البوابة.. والآن هذه هي الثالثة.. والثالثة واقعة في المثل العامي.. فقد بدأت الغيبوبة البيئية بمثل هذه القرارات العشوائية قبل حسم جدلية الأكياس والحاويات بقرار مرتجل.. في الواقع من المؤسسية أن يكون مثل هذا القرار فنيًا بحتًا والإدارة الحالية حسب علمي لم تتخرج في كليات الصحة.. وفد نفهم أو نقتنع بجدوى فكرة هذه القرارات ولكن من يستطيع أن يمنع الذباب أن يمنحنا بعض الوقت الإضافي لنستجمع أنفاسنا ونعمل على حل المشكلات المالية المتعلقة بالتمويل وتحجيم تكلفة التشغيل خاصة أن الصيف بدأ، وبدأت معه تباشير الخريف والوبائيات لا ننتظر أحداً والذباب لا يشترط أن يحمل في تجواله جوازات سفر أو تأشيرات عبور حتى نتمكن من إبقائه ومحاصرته داخل حدود جغرافية محددة.. إن حل المشكلات بمشكلات أكبر لهو امتحان في الصبر والابتلاء.. إن المشكلة كما تفضل السيد الوالي واختذلها في الفشل الإداري وهي كذلك.. واضح جداً سيدي المعتمد أن الإدارة الحالية لا تملك عصا موسى وأن الإشكالية والهيئة وإدارتها بكل موروثاتها الثقيلة أكبر من امكاناتها فما زال الدعم يترى فالسيد الوالي يدعم بالآليات والمعدات والمحلية تدعم بالمال والنصح ودافع الضرائب مواطن المحلية يدعم بالتمويل والدعوات ومع ذلك لم تتضح الرؤية بعد وما زالت الديون تتراكم حتى كادت تصل «الحلقوم» كل ذلك في حيز صغير من أرض الله الواسعة لا يتميز عن بقية القطاعات المخصخصة إلا بإيراداته المرتفعة السلسة وسهولة وانسيابية العمل آلياً بسبب البنى التحتية الممتازة.. السؤال سيدي المعتمد في الواقع ليس فيم وأين تُنفق هذه الأموال يُفترض أن يصاغ السؤال على النحو التالي ما الحكمة من احتفاظ محليتك بهذا الصداع المزمن ومتى يمكن أن تطيب من أوجاعه المحلية.. إن السؤال بهذا الشكل يكون مزعجاً للبعض ويصبح من الاستحالة الإجابة عنه بشفافية نظراً للظروف المحيطة بمن يوجه إليهم.. هناك سيدي المعتمد أمراض مزمنة لا ينفع معها إلا التدخل الجراحي فلماذا تمنحون المرض فرصة الانتشار لماذا لا تستأصلونه من جذوره فتُريحوا وترتاحوا.. طلاق المال عن الإدارة وهذه القضية تتعلق بالتنظيم الإداري الداخلي ونعتقد بل ونجزم أن فيه خرقًا واضحًا لقانون التشغيل بالخدمة العامة.. ليس في روح القرار نفسه ولكن في تفاصيله.. إن فصل المال عن الإدارة في مثل هذه المواقع الإيرادية ينبغي أن تتبعه بعض التدابير الوقائية مثل البحث عن شماعة قانونية لتعلق عليها الأخطاء الشائعة الناتجة عن التصرفات الإدارية والمالية الفردية مثلاً إذا وقع خطأ ما إداريًا أو ماليًا لا بد أن تترتب عليه إجراءات محاسبية أياً كان حجمه وحجم مرتكبه في هذه الحالة إذا فصلنا المال عن الإدارة من سيحاسب إذن: مرتكب الخطأ نفسه أم المحرض عليه؟ هما موظف مالي وآخر إداري بدلاً أن يكون موظفاً واحداً يتحمل وظيفة مسؤول الشؤون المالية والإدارية.. إنك لا تستطيع أن تحاسب من لا يملك الصلاحيات أصلاً لإدارة المال لأن الخطأ في الأول هو خطأ فأولئك المشرفون يعملون بنظام التعاقد السنوي والأدهى أنهم لا يشغلون وظائف داخل ولا خارج الهيئة الأمر الذي يؤهلهم للعمل في إدارة المال العام حسب قانون وزارة المالية فهل يتعلق الأمر بالفهم الخاطئ للوصف الوظيفي لإدارة المال وهل تعلم وزارة المالية الولائية باعتبارها الجهة الرقابية الوحيدة على المال العام بهذه الممارسات وتغضّ الطرف عنها ثم هنالك السؤال الأهم لإدارة الهيئة هل يتعلق الأمر بإشكالية في المسميات الكثيرة للحوافز المالية أم أن هناك أجندة أخرى هلامية غير واضحة لتبرير هذا القرار غير القانوني.. ومن المستفيد منه إن تهميش دور الضباط الإداريين وتحديد صلاحيات وظائفهم عند حد time kiber إجحاف وتجنٍ.. في الواقع هم يستحقون أن يكرموا بأعلى أنواط الجدارة والأوسمة الرفيعة لتفانيهم في إدارة الهيئة خلال العشر سنوات الماضية.. يفترض أن يكون جزاء الإحسان الإحسان ولكن لا شيء يدعو للدهشة والعجب والأحرى أن نستعجب ونستغرب الصمت المدهش لاتحاد الضباط الإداريين تجاه قواعده الملحقين بالهيئة كان الإشراف طلب إنهاء إلحاقهم بدلاً من السكوت بهذا الشكل حفاظاً على قدسية وتاريخية الوظيفة.