ظلت مدينة تلودي هدفاً إستراتيجياً لطالما سعت الحركة الشعبية لتحقيقه وذلك منذ أيام التمرد الأولى باعتبارها واحدة من المناطق المهمة بجنوب كردفان وأهم محلياتها، هذا غير أنها التي ظلت عصية على التمرد. وقد ارتبط اسمها بالأحداث منذ تمرد الحركة بالولاية في حقبتها الأولى. ومع الاعتداءات التي ظلت تتلقاها المنطقة من قبل قوات الحركة والتي تجد الردع من القوات المسلحة تم إعلانها كعاصمة مؤقتة للولاية مؤخرًا بأعلان والي الولاية أحمد هارون انتقال حكومته بكاملها إلى تلودي، وذلك دعماً ومؤازرة لمواطني المحلية الذين صمدوا في وجه الاعتداءات التي استهدف بها التمرد أمن واستقرار المدينة بعدالهجوم الذي شهدته المدينة خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي. أهمية تلودي تأتي كونها مدينة إستراتيجية وهي منطقة تداخل قبلي وذلك حسب الخبير العسكري الفريق أول محمد بشير سليمان خلال حديثه ل «الإنتباهة» أمس، مضيفاً أن الحركة ظلت تسعى لتوسيع وجودها في ولاية جنوب كردفان وتسعى لاحتلالها وظلت تتلقى الهزيمة في كل مرة الأمر الذي جعلها تصرُّ على مهاجمتها بين الحين والآخر، وذلك بمثابة انتقام ورد اعتبار، وأشار بشير إلى أن السبب من ذلك هو أن الحركة تهدف لتأسيس قواعد عسكرية وهذا تخطيط ظلت تسعى إليه من خلال الدعم حتى تحقق وجودها في أهم ولاية. ويجيء هجوم الحركة على تلودي أمس الأول بمثابة مراوغة تزامناً مع العمليات العسكرية التي صدتها القوات المسلحة مؤخرًا في منطقة هجليج بحسب مراقبين وأنها بذلك قد استبقت الحكومة في إعلان التعبئة والاستنفار وسط المواطنين وتريد بذلك تحقيق أهدافها للسيطرة على المدينة التي تمثل أهمية كبرى تسعى الحركة لضمها وتلك سياسة اتبعتها حكومة الجنوب حتى تتجاوز مشكلاتها الداخلية من أزمات قبلية وصراعات داخلية لترسخ لموطنيها أنها مستهدفة. وتتميز منطقة تلودي بالتداخل القبلي والنسيج الاجتماعي المختلف بين العرب والنوبة مما جعلها تمثل أهمية إستراتيجية خاصة أن المنطقة تسير فيها مشروعات التنمية بصورة واضحة مما جعلها مستهدفة من قبل الحركة. وتجدر الإشارة إلى أن المدينة تم استهدافها في بداية الأحداث التي شهدتها جنوب كردفان عقب الانتخابات الأخيرة حيث شهدت عمليات محدودة قامت بها مجموعة من الجيش الشعبي التي كانت ضمن القوات المشتركة، وتجيء أهمية تلودي من موقعها الإستراتيجي حيث تجاور ولايتي الوحدة وأعالي النيل من الاتجاه الجنوبي وتعتبر معبراً مهماً بالنسبة لقوات الحركة الشعبية للتسلل إلى الجبال والانتشار في بقية أجزاء الولاية حيث تضم عدداً من مشروعات الزراعة الآلية وتأتي من حيث الأهمية بعد منطقة هبيلا بجانب أن سكان المنطقة هم خليط من كل أنحاء السودان، وهذا الأمر جعلها عصية على دخول قوات المتمردين أو شن هجوم عليها منذ 1983 إلى 2005م. عدا حادثة القردود في1985م التي أنكرتها الحركة الشعبية على لسان قائدها المعتقل حالياً بالجنوب تلفون كوكو. تقع مدينة تلودي على بعد«53» ميلاً جنوب شرق كادُقلي وتعتبر آخر مدن الولاية على الحدود مع الولاياتالجنوبية بعد مدينة الليري، وقد كانت تلودي عاصمة مديرية جبال النوبة للفترة من 1909حتى 1929م خلال فترة الحكم الثنائي الإنجليزي المصري، ونُقل المركز منها إلى مدينة رشاد. وسكانها يبلغ عددهم حوالى «95» ألف نسمة. على كلٍّ، تبقى سلسلة الهجمات على المدينة تحدياً كبيرًا للقوات المسلحة التي ظلت تُفشل أي مخطط للجيش الشعبى للاستيلاء على المدينة التي لطالما ظلت حلماً للحركة.