٭ مشروع السودان الجديد مخطط أمريكي تبناه العقيد جون قرنق وبعد موته تأبطه أبناء جون قرنق من الجنوبيين والشماليين. ٭ الفكرة تقوم على إنهاء حكم الجلابة وطمس الهوية والعقيدة الإسلامية وتطبيق الحكم العلماني. «جون قرنق»(Those minority Muslims we are going to threw them to the desert and live them to their God.) ٭ «هذه الأقلية العربية المسلمة سنلقي بهم في الصحراء ونتركهم لربهم». ٭ فهل مشروع السودان الجديد طويت صفحته أم ما زال البعض يسعى لتطبيقه؟؟ ٭ يقول أبناء جون قرنق: «مشروع السودان الجديد لا يقف عند انفصال الجنوب بل سيستمر تطبيقه في الشمال بواسطة أبناء قرنق من الشماليين، عقار، والحلو، وعرمان وغيرهم كثر». «أليست الحركة الشعبية لتحرير السودان بكامل تكويناتها من الشماليين موجودة الآن في الشمال ويشاركون في الحكم»؟؟ ٭ إذاً، هل كان الهدف من الحريات الأربع نصوصها في حد ذاتها أم أن من ورائها عملاً كبيراً وأهدافاً خُطِّط لها جنوباً؟ ٭ هل تخلّت حكومة الجنوب عن تأييدها للمحكمة الدولية وضرورة تسليم الرئيس وكل المطلوبين لها؟ ٭ الرئيس سلفا كير أعلن في لقاء بمدينة واو أن الحركة الشعبية لن تقبل بحدود لا تشمل «حفرة النحاس وكافي كنجي والمقينص وهجليج» ويضيف: «لقد حاربنا من أجل الأرض ولن نتخلى عنها». كيف نربط هذا الحديث مع الحريات الأربع؟؟ ٭ هل سمعت أخي القارئ الكريم، في يوم من الأيام منذ توقيع نيفاشا من باقان أموم أو أتيم قرنق أو إدوارد لينو أو دينق ألور بل حتى من رئيسهم عملاً طيباً تجاه الشمال قولاً أو فعلاً؟؟ ٭ إذاً الحريات الأربع لا شك أن طرحها من طرف الوفد الجنوبي وراءها أهداف ومرامٍ ونوايا سيئة خطط لها بدقة!! وسنتناولها بالتفصيل. ٭ عندما ذهب وفد الحكومة للمحادثات الأخيرة كان الناس على مختلف مشاربها متفائلة بالوصول إلى اتفاق مع الجنوب في القضايا العالقة: «البترول، الحدود، والمناطق المتنازع عليها، وأمر الحركات المسلحة، وضبط الترتيبات الأمنية»، هذا ما كان ينتظره الناس. لو حصل تقدُّم أو اتفاق على هذه النقاط ثم طرحت الحريات الأربع ربما أقنع الخطيب وإدريس كثيراً من الناس، أما أن يعودوا بخفي حنين وهم يتأبطون الحريات الأربع لصالح الجنوب فهذا ما لم يقبله الناس وخرجوا يقاومونه بكل الوسائل. ٭ الدلائل تشير إلى أن هناك سراً دفيناً وراء هذه المسألة وأهدافاً وغايات مختلفة يسعى إليها كل طرف وليس مسألة ثقة «رايحي»، بالنسبة لوفد الحكومة لا يعقل أن يقبل عاقل ود مقنعة يعتز بوطنه وتاريخ بلده وسيرته ويحترم شعبه وقواته المسلحة التي ترابط على الحدود القبول بتوقيع تلك الحريات والقضايا الخلافية التي ذكرناها تراوح مكانها في الوقت الذي يعلن حاكم الجنوب أحقيتهم للمناطق الأربع المذكورة لكل العالم وأنه لن يتنازل عنها. إذاً هناك سر كبير وضغوط لا نعلمها وراء القبول بالحريات الأربع والمسألة ماها ثقة «رايحي». أما بالنسبة لوفد الجنوب برئاسة باقان أموم الذي لم ينطق منذ توقيع اتفاقية نيفاشا إلا كراهية وحقداً ولم يفعل إلا باطلاً ولم يسعَ إلا لأذية الشمال لا شك أن له ولحكومته أهدافاً ومراميَ وليست المسألة مسألة حريات أربع أو أكثر أو أقل فقد كانت لهم كل الحريات فرموها وراء ظهرهم وانفصلوا بدولتهم. وهل مشروع السودان الجديد كان غائباً في دواخلهم يوماً؟ لا أعتقد. ولكن كل ذلك في إطار الهدف الكلي لإنجاح السيناريو الذي وضع مسبقاً بتخطيط شامل يتم تنفيذه متزامناً مع إحداث شلل تام للحكومة والقوات المسلحة وفرض الأمر الواقع على طول الحدود. ٭ أخي القارئ الكريم، معلوم لكل الناس رسمياً وشعبياً أن قوات مالك عقار مدعومة بالجيش الشعبي ترابط على الحدود في اتجاه ولاية النيل الأزرق في انتظار ساعة الصفر. وقوات الحركة الشعبية والمتمردين من جبال النوبة بقيادة عبد العزيز الحلو يرابطون في منطقة بحيرة الأَبْيض في انتظار ساعة الصفر للهجوم على جبال النوبة.وقوات الحركة الشعبية مدعومة بالحركات المسلحة من دارفور ترابط على الحدود مع ولاية الوحدة وقد حدد لها الهدف وهو الاستيلاء على هجليج وتدمير آبار بترول الشمال. والخطة أمريكية وساعة الصفر للمحاور الثلاثة موحدة ومحددة. ٭ وجنود قواتنا المسلحة المرابطون على الحدود وقادتهم وقياداتهم وهم في ظروف قاسية بعيداً عن أسرهم وأهلهم وهم في حالة توتر طول النهار وفي حالة توجس طوال الليل لا يدرون على أي حال يمسون ولا على أي وضع يصبحون. عندما يسمع هؤلاء الرجال ويشاهدون في الفضائيات توقيع اتفاقية الحريات الأربع مع الجنوبيين وأن الرئيس سيذهب إلى جوبا للتوقيع النهائي. وعندما يشاهد هؤلاء الجنود وقادتهم الوفد الجنوبي برئاسة باقان أموم يستقبل في مطار الخرطوم، والمستقبلون دستوريون في وظائف رفيعة، ويؤخذ باقان ورفاقه بالأحضان وتُفرش لهم الأبسطة وتفتح لها الأبواب وترتب لهم اللقاءات مع أعلى الشخصيات في الدولة ويحتفل بهم كرماً ومرحاً وغناء ألا يؤثر ذلك على استعدادهم ويقظتهم، وهم المرابطون على الثغور وفي الأحراش وفوق الحجر دفاعاً عن هجليج وإخواتها؟ لقد سجل التاريخ العسكري سوابق مماثلة نحكي عنها باختصار: في عام 8891م عهد الديمقراطية الثالثة وهي في حالة احتضار والقوات المسلحة ترابط في كل أنحاء الجنوب والحركة الشعبية ذاتها تتربص بجميع المحطات تنتظر ساعة الصفر للهجوم على تلك المحطات يأتي خبر توقيع مولانا محمد عثمان الميرغني لاتفاقية سلام مع جون قرنق. كان وقع الخبر على الضباط والجنود الذين طال رباطهم مفرحاً وسعيداً واعتبروا أن السلام قد أتى وأن الحرب والقتال قد انتهى ودكتور جون قرنق الذي كان يعلم أن ذلك الاتفاق لن يُقبل أعد عدته للانقضاض على معظم محطات شرق الإستوائية وعندما رفض الاتفاق انقض على جميع محطات شرق الإستوائية ولم تفق قواتنا من الصدمة والتماسك إلا بعد عمليات صيف العبور. ٭ ما أشبه الليلة بالبارحة إذ أن كل الخداع الذي مارسه باقان أموم وصحبه وقصة الحريات الأربع والحديث المنمّق المموسق ما كان الهدف منه إلا صرف نظر الحكومة والقوات المسلحة والقوات المرابطة على الحدود وفي مناطق البترول وكل الناس عن عمل حربي أعدّ له بدقة ليتم تنفيذه في زخم روح التوافق الكاذب المبني على النفاق والخديعة القذرة في وقت واحد، انطلاقاً من ولاية الوحدة مستهدفاً هجليج، ومن بحيرة الأبيض وتروجي مستهدفاً تلودي ومن حدود أعالي النيل مستهدفاً ولاية النيل الأزرق.. وكان سلفا كير قد أعد بيانه ليعلن نصره على دولة الشمال ولكن لأسباب يعلمها الله لم تنفذ قوات الحركة الشعبية والحلو الممركزة ببحيرة الأبيض وتروجي الخطة وكذلك لم تنفذ قوات الهجوم على النيل الأزرق. أما الجيش الشعبي والحركات المسلحة الملحوقة عليه والمكلفة بالهجوم على هجليج فقد نفذت هجومها منطلقة من داخل ولاية الوحدة ولكنها وجدت قادة وجنوداً صناديد أولاد مقنعة لم يؤثر فيهم نفاق وكذب أولاد قرنق ولم يصرف نظرهم ما حملته إليهم الفضائيات والإذاعات من مشاهد الاحتفالات والكلمات المنمّقة والنظرات والبسمات الكذوبة المخادعة، فكانوا على قدر المسؤولية ثباتاً وصموداً ويقظة، وكانوا لعدوهم الذي يفوقهم عدداً بالمرصاد فحصدوهم كما تحصد النار الهشيم فولوا الدبر مخلفين جرحاهم وقتلاهم وأسلحتهم وهم في تلك الحالة ذلك اليوم كان حاكمهم يعلن للعالم استيلاء قواته على هجليج مفتخراً بالنصر من داخل برلمانه وهو لا يعلم ما حدث لقواته وأعضاء البرلمان يصفقون ويهتفون للنصر الذي أعلن والفضائيات تنقل على لسان حاكم الجنوب سلفا كير استيلاء قواته على هجليج التي أعلن من قبل أنها أرضهم.فأي حريات أربع يستحقها هؤلاء القوم؟ وأي ثقة تبنى معهم؟ وأي حال كنا سنصبح عليه إذا استطاعوا الاستيلاء على هجليج ودمروا آبار البترول الشمالية التي قصفوها بكثافة في مرحلة التمهيد النيراني بالمدفعية من داخل ولاية الوحدة. إنهم لا يستحقون حرية واحدة!!