سبعة وعشرون عامًا مرت على الانتفاضة التي أطاحت حكم الرئيس الراحل جعفر نميري بعد انتفاضة شعبية قومية تولى الجيش حينها مهام الحكومة، انتفاضة السادس من أبريل تعتبر ثاني انتفاضة في السودان تطيح نظامًا عسكريًا بعد ثورة الحادي والعشرين من أكتوبر وإن كانت الأخيرة ظلت وإلى الآن يُحتفل بذكراها كل عام بينما انتفاضة أبريل وبعد مرور هذه السنوات باتت أقرب إلى أن تصبح في طي النسيان الأمر الذي لم ينفه قائد الدفاع الجوى بمطار الخرطوم وقتها اللواء عباس إبراهيم الذي يرى أنها قامت كانتفاضة شعبية شاركت فيها كل الفئات ولم يكن يتبناها حزب بعينه ولعل هذا ما أدى إلى نسيانها تدريجيًا مع مرور السنوات والآن ليس هناك أحزاب أو جهات لها مصلحة في إحيائها مقارنة بذكرى ثورة أكتوبر التي تبنتها معظم أحزاب المعارضة التي مازالت تحيي ذكراها حتى بعد مرور أكثر من أربعين عامًا. لم تحظَ الانتفاضة بالانتشار الإعلامي في وقتها وحتى فنيًا لم يتغنَّ بها سوى في التلفزيون والإذاعة بعكس ثورة أكتوبر التي غنى لها المغنون كما لم يتغنوا لثورة من قبل حتى أصبحت راسخة في ذهن الكثيرين بل انتشرت وعُرفت وسط الأجيال الحديثة بواسطة هذه الأغاني التي مجدت الثورة ورسخت في أذهان الكثيرين سواء الذين عاصروها أم سمعوا بها أو قرأوا عنها، وكذلك لم تجد الانتفاضة في وقتها حظًا وفيرًا من التغطية الإعلامية الخارجية نتيجة لانقطاع الاتصالات الخارجية بين السودان مع عواصم العالم وأن جميع الإذاعات الخارجية العربية بثت أخبارها في يوم الجمعة الخامس من أبريل 1985 ولم تنشر أو تذيع أي نبأ عما يحدث داخل السودان وإنما اكتفت بالإشارة إلى أن الرئيس نميري قطع زيارته للولايات المتحدة متوجهًا إلى القاهرة. البروفيسر حسين سليمان أبو صالح اكتفى خلال حديثه ل«الإنتباهة» بقوله إن انتفاضة السادس من أبريل مرحلة مرت على تاريخ السودان وانتهت ولم يعد لها وجود يذكر ووصفها بأنها قد طواها النسيان. وبالنظر إلى أهم أهداف وشعارات الانتفاضة التي قامت على مرتكزات أساسية أهمها الاستقلال التام، الحفاظ على الوحدة الوطنية واستقلال القضاء، حرية النشر والتعبير، ضمان الحريات الأساسية للفرد وحرية المعتقدات الدينية، ديمقراطية التنظيمات السياسية والتمثيل الحزبي» وهي شعارات رفعت في وقتها يرى مراقبون أنها لم تجد الوقت الكافي لتطبيقها على أرض الواقع إلا أنها لم تستطع الحفاظ عليها أنها لا تهدف إلى استبدال نظام عسكري بآخر وذلك ما لم تحققه نسبة للصراع الكبير بين الأحزاب السياسية في وقتها التي سيطر عليها حزب الأمة ونال أعلى نسبة مشاركة في المجلس الوطني وقتها وربما ساهم ذلك بصورة أو أخرى في نسيان ثاني انتفاضة في السودان. على كلٍّ ومع مرور سبعة وعشرين عامًا على مرور ثاني انتفاضة في تاريخ السودان التي صنعتها كافة مكونات وقطاعات المجتمع ولم يتبنّها أي حزب أو جهة سياسية بعينها ويرجع السبب في خروج الشعب إلى الشارع والتظاهر بإسقاط نظام جعفر نميري إلى الاختناق وضيق المعيشة التي كان يعيشها الشعب من ارتفاع الأسعار وغيرها من الضغوط التي جعلت الشارع العام يخرج عن بكرة أبيه مطالبًا بإسقاط النظام. وبالرغم من أن الكثير ممّن عاصروا هذه الانتفاضة يرون أنها لم تأتِ بالأفضل بعد ذهاب نظام الرئيس جعفر نميري بل إنه كان أفضل حالاً خاصة من ناحية سياسية واقتصادية، الأمر الذي جعل من الحديث عن الانتفاضة ومسيرتها منذ بدايتها إلى أن حققت أهدافها بسقوط الرئيس انحصر فقط في المنتديات الالكترونية وبتناول قصص شهود عيان على أحداث الانتفاضة ما بين مؤيدين ورافضين لها ومرددين شعاراتها فهل بذلك ستنجو انتفاضة السادس من أبريل من حبل النسيان الذي كاد يلفها ويمحوها من ذاكرة التاريخ؟.