المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    الأمين العام لوزارة الدفاع يطمئن على ترتيبات عودة تشغيل مطار الخرطوم    مبارك الفاضل يهاجم مجدّدًا ويطالب قيادة الجيش بقبول"خطّة الحلّ"    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    شاهد.. الفنانة إيمان الشريف تفاجئ جمهورها وتطرح فيديو كليب أغنيتها الجديدة والترند "منعوني ديارك" بتوزيع موسيقي جديد ومدهش    مصر .. السماح لحاملى التأشيرة الخماسية بالإقامة 180 يوما بالمرة الواحدة    التغير المناخي تسبب في وفاة أكثر من 15 ألف شخص بأوروبا هذا الصيف    إبراهيم نصرالدين (درمي).. صخرة دفاع أهلي الكنوز وطمأنينة المدرجات    والي ولاية كسلا يشهد ختام دورة فقداء النادي الاهلي كسلا    بعثة نادي الزمالة (أم روابة) تغادر إلى نيروبي استعدادًا لمواجهة ديكيداها    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    الخارجية البريطانية: مستقبل السودان يقرره شعبه    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    الفرقة السادسة مشاة تنفذ عملية عسكرية ناجحة وتحرر مواقع استراتيجية فى الفاشر    شاهد بالفيديو.. في مشهد مؤثر.. خريج سوداني يجري نحو والده بحب كبير في ليلة تخرجه من الجامعة والأب يعانقه ويشاركه الرقص بطريقة جميلة وملفتة    توجيهات مشدّدة للقيادة العسكرية في الدبّة..ماذا هناك؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: دور المجتمع الدولي والإقليمي في وقف حرب السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    شاهد بالفيديو.. الفنانة توتة عذاب تشعل حفل غنائي بوصلة رقص مثيرة والجمهور: (بتحاولي تقلدي هدى عربي بس ما قادرة)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ما ترتيب محمد صلاح في قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ؟    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    شاب سوداني يستشير: (والدي يريد الزواج من والدة زوجتي صاحبة ال 40 عام وأنا ما عاوز لخبطة في النسب يعني إبنه يكون أخوي وأخ زوجتي ماذا أفعل؟)    الهلال السوداني يتطلّع لتحقيق كأس سيكافا أمام سينغيدا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    مصر تسجل مستوى دخل قياسيا في الدولار    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتفاضة أبريل.. شهادات للتاريخ
نشر في الصحافة يوم 07 - 04 - 2012

وضع الشعب السوداني بفئاته المختلفة نظام مايو في ذمة التاريخ في ذلكم اليوم المشهود ، السبت «السادس من أبريل» ،والذى مرت 27 عاما علي ذكراه ، وحينما اطاحت انتفاضة أبريل بالحكم العسكري بقيادة المشير جعفر نميري، كانت ثورة الجماهير قد بلغت مداها، وبلغ السيل الزبى من جبروت وعسف مايو وسياساته القمعية والترويعية والتخريبية للبلاد. ومثل ما كان لجموع السودانيين دور كبير في ذلك، كان للبعض منهم دور خاص ومؤثر، كونهم كانوا في ذروة الاحداث صناعا لها اوشهودا عليها. «الصحافة» استدعت مع بعض شخصيات الانتفاضة ذلكم التاريخ.
يوم التتويج
يقول احد قيادات «تجمع الشعب السوداني» انذاك و رئيس حزب البعث السوداني، محمد علي جادين، ان انتفاضة مارس - أبريل هي نتاج نضالات طويلة استمرت لاكثر من 16 عاما، لافتا الى ان كل الفئات شاركت فيها، الاحزاب السياسية والنقابات واتحادات الطلاب والمهنيين في كل اقاليم السودان، مردفا انها جاءت تتويجا لنضالات استمرت من العام 1979 الى 1985، وتحديدا انتفاضة 1982م واضاف جادين ان ما كان ينقص الانتفاضة كان توحد القوى المعارضة في كيان واحد، غير انه استطرد ان تلك الجهود اثمرت في تحالف الحزب الاتحادي الديموقراطي بقيادة الراحل الشريف حسين الهندي وحزب البعث العربي الاشتراكي في تكوين تجمع الشعب السوداني في 1982 مع بعض التجمعات الاقليمية والجنوبية، لافتا الى ان الانتفاضات الطلابية ظلت مستمرة وكانت نشطة وفعالة حتى تفجرت انتفاضة مارس - أبريل. وذكر جادين ان هنالك مجموعة من العوامل ساعدت في اضعاف نظام مايو وتوسيع نشاط قوى المعارضة، لافتا الى انه اثناء عزلة النظام المايوي اتجه الى اعلان سبتمبر بعد فشل برنامجيه السياسي والاقتصادي وضعف سيطرته، و قمعه القوى المعارضة بذريعة الدين، حيث اعدم زعيم الجمهوريين محمود محمد طه وقدم 4 من شباب البعث للمحاكمة بتهمة الردة. ورأى جادين في حديثه ل«الصحافة»، ان هناك عاملين ساعدا في نجاح الانتفاضة، الاول اتساع رقعة الاضراب السياسي والعصيان المدني الذي شمل كل المدن والقطاعات الحية، بالاضافة الى تحرك ضباط من الرتب الصغيرة والمتوسطة داخل القوات المسلحة للضغط على القيادة العامة للاستجابة لمطالب الشعب. واشار جادين الى ان هذين العاملين اديا الى ان تستولي القيادة العامة على الحكم بانقلاب وقائي حفاظا على مصالحها وخوفا من انقلاب محتمل قد يقوم به صغار الضباط، لذلك تحركت القيادة العامة «حقنا للدماء» وليس التزاما بتحقيق مطالب الشعب. ويمضي رئيس البعث الى انه بالرغم من ان هذا التطور قد ادى الى سقوط نظام مايو وخلق وضعية سياسية جديدة في البلاد ، الا ان الانتفاضة لم تحقق كل اهدافها، ذاهبا في تبرير ذلك الى ما قال انها سيطرة القيادة العامة وكبار الضباط على السلطة ورفضهم لتحقيق مطالب الانتفاضة، بالاضافة الى الدعم والمساندة الذي وجدوه من الاخوان المسلمين «الجبهة القومية الاسلامية» كما يمضي جادين، بالاضافة الى رفض الحركة الشعبية التعامل مع الوضعية الجديدة ، حيث ظلت تعارضها وتسميها انقلابا من المايويين في القوات المسلحة، ونوه الى انه لو كانت الحركة الشعبية اتت حينها الى الخرطوم لادى ذلك الى تغيير موازين القوى في تحقيق مطالب الانتفاضة. ويمضي جادين في افاداته ل«الصحافة» حول انتفاضة مارس - أبريل، الى انها تمثل محطة مهمة في تاريخ التطور السياسي في السودان بعد الاستقلال وثورة اكتوبر.
شهيد الانتفاضة الاول
من جهتها، تشير اسماء محمود محمد طه، الى دلالات تقطع بانها ارتبطت بقيام الانتفاضة ضد نظام مايو، وتشير الى عامل روحي مهم تقول انه ذو صلة بحسب اعتقادها، وهو ان الانتفاضة اندلعت بعد 76 يوما من تنفيذ حكم الاعدام على الاستاذ المفكر محمود محمد طه وهو كان في سن السادسة والسبعين، مضيفة ان «قوانين سبتمبر» كانت سببا رئيسيا في اندلاع انتفاضة مارس - أبريل ، حيث انها استخدمت الدين كذريعة لقمع المواطنين والتنكيل بالمعارضين والقوى السياسية كافة، بالرغم من انها كانت بعيدة تماما عن الاسلام. وقالت طه ل«الصحافة»، ان كراهية السودانيين للنظام المايوي كانت قد تفاقمت ووصلت حدا بعيدا بسبب القمع والوضع الاقتصادي المتردي والظلم الشديد، وترى طه ان ثورة أبريل اختطفت على يد الاسلاميين بعد ان اجهضوا كل التوجه المدني واتجهوا بها ايدلوجيا، ملتفين على مطالب الناس، لذا لم تصل انتفاضة أبريل الى غاياتها، وهنا تقول ابنة المفكر الاستاذ محمود محمد طه، ان الجماهير تفاجأت بان التغيير لم يحدث وصعدت وجوه مألوفة الى سدة السلطة لتكتشف الجماهير انها خدعت وهو -حسبما تشير- ما ادى الى ما يحدث حاليا في البلاد، معتبرة انه لا بد من وضع حد للرجعية الفكرية والدينية، حتى يمكن استكمال انتفاضة أبريل بتحقيق تطلعات الشعب السوداني وتطلع لحياة الحرية والكرامة.
شكلت نقطة تحول في العالم
القيادي بحزب الامة القومي، الدكتور ابراهيم الامين، يقول ان انتفاضة أبريل شكلت نقطة تحول في وقت كانت فيه الانظمة الشمولية متحكمة في عدد من دول العالم الثالث، ونوه الامين الى ان اهم ما ميز الانتفاضة انها كانت نتيجة حراك شعبي واسع ساهمت فيه القوى الحية في المجتمع في العاصمة والمدن والقرى ولم يكن بالامكان الوقوف امامها ما ادى الى نجاحها بصورة غير مسبوقة، وكان لها مواقف مشهودة في ازالة نظام شرس وفاسد باقل خسائر ممكنة، قائلا ان هذا ما يدلل على ان الشعب السوداني عاشق للحرية والديموقراطية، ورافض للديكتاتورية القهرية ايا كان مسماها. ويلفت الامين «الصحافة» في ثنايا حديثه عن الانتفاضة، الى ان الفرصة لم تتح بالشكل الكامل للديموقراطية ما ادى الى عودة الانقلاب عليها، مضيفا ان تطلعات الشعبي السوداني في الانتفاضة لم تتحقق بالشكل الكافي. ويقول الامين للاستفادة منها يجب الاستعداد بصورة سليمة للديموقراطية القادمة، على ان تصادفها وقفة صادقة مع الذات ومراجعة نقدية للتجربة لضمان ان تكون المسيرة قاصدة وقادرة على تحقيق تطلعات وامال الشعب السوداني، معتبرا ان السودان اليوم يقف على حافة الهاوية بفعل الظروف المحيطة والتدهور الكامل في شتى القطاعات وانفصال الجنوب وما ترتب عنه مزيد من المعاناة وعودة الحروب ومازالت مشكلة دارفور لم تبارح مكانها بشكل مطلوب ، الى جانب غياب الحريات والارتباك غير المبرر داخل الحزب الحاكم، جاعلا من كل تلك العوامل مسببا قويا لربيع عربي آخر في منطقة الشرق الاوسط، ودعا الامين الحزب الحاكم والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني الى الالتفاتة لخطورة الوضع الحالي ، والتوافق على صيغة جديدة تحدث تغييرا جذريا بدلا من ان تكون البلاد في حالة تهديد مستمر.
صورة مغايرة
ويرسم مسؤول امني بارز بنظام الرئيس نميري -طلب عدم ذكر اسمه- صورة مغايرة لانتفاضة 6 أبريل ويقول انها صنيعة اميركية مذكرا بزيارة جورج بوش الاب حينما كان نائبا للرئيس الاميركي للسودان قبل الانتفاضة بايام ولقائه نقابة المحامين التي اطلعته على الاوضاع وطلبها منه مساعدتها للقضاء على نظامه. ويضيف الرجل في حديثه ل«الصحافة»، ان المسألة في اساسها تتعلق بالضائقة الاقتصادية وازمة الخبز والمحروقات وقطوعات المياه والكهرباء ومرض نميري الذي اضطره الى السفر الى الولايات المتحدة الاميركية مقرونا بعدم قدرة اركان نظامه على فعل شيء وادارة الازمة، معتبرا ان الاحزاب لم يكن لها دورا في اسقاط النظام وان الذي عجل بسقوطه غياب نميري وتوقف الدعم الاميركي للسودان من قبل الكونغرس بعد اعلان الاخير تطبيق الشريعة الاسلامية، بالاضافة الى ان الطبقات المستنيرة كانت متذمرة، ممثلة في اتحادات الاطباء والصيادلة والنقابات المختلفة لضعف اجورها مقارنة بمستوى تعليمها، ومضيفا ان قوى المعارضة لم تكن مستعدة ولم تكن تملك اي قوة وان ما حدث كان صدفة ويعبر عن ضعف النظام وعدم قدرته على ادارة الازمة، وان تلكم الظروف ايامها مقارنة بما تعرضت له مايو في اوقات سابقة لم يكن بذي تأثير كبير لولا ضعف من تركهم نميري وراءه. واشار الرجل خلال افادته ان اكبر حراك طلابي شهدته الجامعة الاسلامية، لافتا الى ان تمرد الحركة الشعبية بقيادة الدكتور جون قرنق كان له ايضا اثر في اضعاف النظام بعدما قام نميري بتفكيك الاقليم الى ثلاث ولايات معيدا اياه الى وضعه ما قبل اتفاق اديس 1972، ويقطع الرجل في النهاية ان ما حدث هو من عند الله «يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء».
مجموعات تراكمات
ويعتقد نائب امين الاعلام بحزب المؤتمر السوداني - احد خريجي جامعة ام درمان الاسلامية اثناء اندلاع الانتفاضة واحد قادة الحراك الطلابي، عبد القيوم عوض السيد، ان هنالك مجموعة من التراكمات انتظمت حتى ولدت اول مجموعة نقابية من ترتيب طلبة الجامعة الاسلامية واتحاد طلاب جامعة الخرطوم، بالاضافة للاتحادات المهنية . ويقول عوض السيد ان هذا التجمع النقابي احتوى على برنامج فعلي وبرزت قيادات وطنية ما عدا « الجبهة الاسلامية» على ما يستثني عوض السيد، وقال انه كانت هنالك محاولة دائبة لكسر الحظر على النشاط الطلابي وتم عقد ندوة ساخنة تحمس لها عدد كبير من الطلاب بقيادة الطالب حينها عمر حمد النيل.
ويعود عوض السيد ويقول في حديثه ل «الصحافة»، انه ما بعد صدور الحكم بالاعدام على الاستاذ محمود محمد طه، انه كان بداية الانتظام الحقيقي ضد نظام نميري، معتبرا ان عدم توحد القوى السياسية حينها وترتيبها لبرنامج معد سلفا لما بعد الانتفاضة لم يستطع افراز نظام سياسي راسخ، مستطردا للامانة والتاريخ لم يكن لمن دعاهم بالاحزاب التقليدية دور كبير في مقاومة نظام مايو، وبالتالي دورها كان غائبا، الا على المستوى الطلابي نسبة لما يصفها بالروح الثورية التي تتحلى بها فئة الشباب. وارجع عوض السيد عدم تحقيق الانتفاضة لتطلعات السودانيين والدور السلبي للمجلس العسكري ومجلس وزراء الانتفاضة بعدم قدرتهم على اقناع الحركة الشعبية بالانخراط في تفاوض وسلام مع الخرطوم، معيبا في الوقت نفسه على الحركة الشعبية تعنتها في التعامل مع الاخيرة. ويقول عوض السيد ان القيمة الكبرى لانتفاضة 6 أبريل المجيدة، هي ان الشعب السوداني اثبت على الدوام رفضه للشمولية والديكتاتورية، وان توقه هو دوما للحياة الديموقراطية، وانه مهما تطاول امد الشمولية فانه حتما سيستعيد ديموقراطيته وحريته.
ليست ملك احد
واعتبر القيادي بحزب المؤتمر الشعبي، كمال عمر، ان للاسلاميين دور مهم ومؤثر في انتفاضة 6 أبريل، مشيرا الى انهم اثناء مصالحتهم لنظام مايو استطاعوا ان يدركوا مكامن القوة والضعف فيه وعملوا على القضاء عليه. واضاف انه رغم اعتقال الاجهزة الامنية لقيادت الاسلاميين، الا انهم كانوا منخرطين في العمل السري والتنظيمي، وان اعتقالهم تسبب في تعبئة الشارع ضد النظام المايوي. ولفت عمر في حديثه ل«الصحافة»، الى انه لا يمكن لاية جهة تبني فكرة انها هي من صنع الانتفاضة، لجهة انها تمت بمشاركة كل الشعب السوداني ، وبمختلف فئاته وتوجهاته، ثم ذهب عمر الى ان الاسلاميين « تدافعوا في الشوارع وشاركوا في الانتفاضة بكل قوة وعزم، وكان لهم نصيبهم الوافر فيها، بمثل ما كان لطلابها دور قوي وحيوي في قيادة الشارع ضد نظام مايو».
دور الأحزاب ثانوي
واكد القيادي بالحزب الاتحادي الاصل، علي السيد، على ان انتفاضة 6 ابريل قام بها الشعب السوداني، مع دور ثانوي للاحزاب واكبر للنقابات، في ظل تواري كامل ل«الجبهة الاسلامية القومية» لوجود معظم قادتها في المعتقلات لخلافهم مع نميري في الفترة الاخيرة. وقال السيد ل«الصحافة» لو كانت الجبهة موجودة لما انهار النظام ولما كتب للانتفاضة النجاح ، معتبرا ان غيابها كان خيرا وبركة للسودانيين.
ورأى السيد ان مؤسسات الاتحاد الاشتراكي كانت كرتونية، وبدت ضعيفة وهشة في اواخر ايامها، وان انتفاضة ابريل مختلفة عن اكتوبر، لان الاخيرة نظم لها، بينما ابريل انفجرت نتيجة للظلم الشديد من قبل نظام مايو، والدور الاساسي فيها كان للشعب، لافتا الى ان القهر كان المحرك وليس الجوع او الفاقة، واتهم السيد الجبهة الاسلامية بانها كانت تمتلك ايادى خفية في الجيش وغيره، وقال السيد ان اسوأ ما في الامر ان بعض من حكموا في الفترة الانتقالية لم يكونوا مقتنعين بالانتفاضة.
ويضيف السيد ان انتفاضة 6 ابريل تم اقتلاعها قبل ان تؤتي ثمارها من قبل الاسلاميين، واننا مازلنا نعاني من اثار هذا الاقتلاع ممثلا في ما يجري في البلاد، منوها الى ان الحزب الاتحادي كان له دور وان لم يكن مؤثرا لان الدور الاكبر كان للنقابات كما يؤكد السيد ، وهو الامر الذي تنبهت له الانقاذ مبكرا وقامت بوأدها، مضيفا انه وعلي محمود حسنين وعدد من قياديي الاحزاب الاخرى سيروا موكب المحامين قبالة فندق المريديان بالخرطوم. واعتبر السيد ان الثورات ليس لها هيكل معين، وانما في الاصل هي تقوم على يد القيادة الشعبية لانها فعل شعبي وليست عملية صفوية البتة كما يدعي البعض.
محاولات تبخيس
وقال الناطق الرسمي باسم بالحزب الشيوعي، يوسف حسين، ان انتفاضة 6 ابريل اكدت بجلاء ان ارادة الشعب لا غالب لها، حيث استطاع الشعب السوداني عبرها انهاء حكم الفرد واستعادة الديموقراطية، مشيرا الى انها اتت بعد تراكم نضالي طويل. واعتبر حسين ان هنالك محاولات جرت لتبخيسها حتى لا تترسخ في وجدان الشعب السوداني، لئلا يستلهمها في الملمات، من قبيل « لو ان نميري كان موجودا لما قامت ودعمها من الامريكيين»، غير انه يقول ان سند الولايات المتحدة الاميركية، لا يحمي الانظمة من السقوط، معتبرا في حديثه ل«الصحافة»، ان عملية ترحيل الفلاشا ومحاولة نميري عمل اكبر قاعدة عسكرية في شرق ووسط افريقيا لمصلحة الولايات المتحدة ضلوعا مع الامريكيين. ومضى حسين الى ان الانتفاضة حققت اهدافها وذلك بانهاء حكم الفرد واستعادة الديموقراطية، ومن بعد ذلك يكون الصراع السياسي والاجتماعي ويكون المعيار بعدها «الحشاش يملأ شبكتو». ويقول حسين ان نظام الحالي يحاول حاليا وضع المتاريس امام الشعب بقوله ان الربيع العربي قد بدأ في العام 1989، وان السودان بلد افريقي، معتبرا من جانبه ثورات الربيع العربي درسا له. ونوه حسين الى وجود حراك شعبي واسع في البلاد، ضد سياسات النظام، لافتا الى ان المعادلة الحسابية الحالية ستنقلب الى معادلة هندسية لان الشعب اجمع على اسقاط النظام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.