الرقم «9» هو ما تحمله تذكرة السيدة «أم ريان» عند حجزها قبل ثلاثة أيام لمقابلة الدكتور عبدالله اختصاصي النساء والتوليد بالخرطوم وهي امرأة تهتم بمظهرها ومكياجها وتسريحتها التي لا يستطيع الثوب الهندي الشفاف إلا أن يزيدها مظهراً جذاباً، وفي تمام العاشرة مساء دخلت «أم ريان» على الطبيب فألقت التحية وجلست وقالت : يا دكتور «غيبت» شهرين وأخشى كوني حبلى، فرد عليها بهدوء «خايفة من شنو؟» وطلب منها فحصاً روتينياً أثبت أنها في شهرها الأول، إلا أنها لم تك سعيدة بهذا الخبر وطلبت من الطبيب أن يخلصها منه بأسرع وقت ممكن، تغير وجه الطبيب واكفهر ورد على غير عادته استغفري الله فإنك تقدمين على انتهاك حرمة من حرم الله، فقالت يا دكتور لي ثلاثة أطفال وأريد ان يكبروا قليلاً ومصاريفهم عالية ووالدهم ذو دخل محدود ونريد لهم أن يعيشوا حياة كريمة، حدّث الطبيب نفسه بأن الذي يدور في ذهن السيدة أزمة معرفية لجريمة مخزية، فحدثها بلهجة لطيفة وقال: أختي الكريمة اسمحي لنفسك أن تتاملي قول الله تعالى: «ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا»، وأضاف بقوله: «لعل الله يجعل ما في بطنك خيراً لك ولأهله ولوطنه ويكون أفضل من إخوته الثلاثة» وأكد لها إجماع أهل العلم على أنه إذا حملت المرأة وتبين حملها، فقد اتفقوا على حرمة الإجهاض، وأنا أرى أنه إذا تبين الحمل وثبت، فإنه لا يجوز الإجهاض مطلقًا سواء قبل نفخ الروح أم بعده إلا في حالة الضرورة القصوى مثل الخوف على حياة الأم وما يشبه ذلك من الضرورات ويعتبر إسقاطه من غير ضرورة قتلاً للنفس المحرّمة، تنفّست السيدة الصعداء فطلب منها الجلوس وقال لها إن الزوجين اللذين خرجا قبل دخولك عادا من القاهرة لتوهما بعد أن فشلت كل محاولاتهما في الإنجاب وظلا يبحثان عن الحمل لأكثر من عشر سنوات وتحملا تكاليف باهظة لهذا الهدف، فاحمدي ربك واشكريه على جزيل النعمة فقد زين حياتكما بزينة الحياة وبهجتها وكأنك تردين على الله حكمه، ذرفت السيدة دموع ندم فاستغفرت الله وقالت للطبيب جزاك الله خيراً فقد هديتني، وعندما همّت بالخروج كتب الطبيب على كرت المتابعة ترد لها «رسوم الكشف». أفق قبل الأخير: أجاب فضيلة الشيخ أ.د. خالد بن علي عندما سُئل عن حكم الاجهاض بقوله: إن الأطباء يتفقون على أن مرحلة النطفة هي أدق مراحل الجنين فإنه بدأ خَلقه وإن كان خفياً تصويره، وفيها يكتسب كل الصفات الخَلْقية والخُلُقية فإجهاضه اعتداء عليه وانتهاك لحرمته فإن هذا محرّم ولا يجوز. أفق اخير:- أجرت «أم ريان» عملية إجهاض بعد يومين.