يمر مشروع البرقيق بمنعطف خطير ويسير بخطى متسارعة نحو الهاوية وقد تكون الكارثة عليه أكبر مما حدث ويحدث لمشروع الجزيرة ما لم تلتفت الأجهزة الرسمية ممثلة في أعلى مستوياتها بالدولة وحكومة الولاية الشمالية لما يحدث لهذا المشروع الحيوي الهام والذي يعد أحد أكبر المشروعات الزراعية بالولاية حيث تبلغ مساحته نحو «700.000» فدان وقد انشئ في العام 1943م لاستقرار المواطنين الى جانب انتاج الحبوب وعلى رأسها القمح وصدر فائض منه اثناء الحرب العالمية الثانية الى جانب زراعة المغروسات من نخيل واشجار الفواكه خاصة المانجو وتمت زراعة ابو سمكة الوارد من جنوب افريقيا كذلك تنتج الخضروات، وبالمشروع ترعة رئيسة طولها 12 كلم الى جانب انتاج العلف والبرسيم بكميات كبيرة وبالتالي توجد بالمشروع تربية المواشي وانتاج الالبان مما شجع على تأسيس مصنعين للاجبان بالبرقيق والمدرسة الزراعية ويعتبر سكان منطقة المشروع انموذجًا للتعايش ويمثلون الوحدة الوطنية في ابهى صورها وحبهم للوطن الكبير من خلال تفاعلات ومشاركات في شتى المجالات، وهم اول من مارسوا العمل النقابي حين توجت تلك الجهود بتكوين اتحاد مزارعي البرقيق في العام 1960م، وهنا لابد لنا ان نحيي الاستاذ ياسين عمر الامام لدوره الفاعل في هذا الصدد، وكان اول رئيس للاتحاد المرحوم حسن خيري ثم المرحوم عبد المجيد فضل السيد وحامد عبد المتعال رحمهم الله جميعًا، فقد كان هؤلاء ومن جاء من بعدهم شعلة من النشاط والحيوية، فما كان من قضية تواجه المشروع او عقبة تقف امام مزارع الا وسارعوا بحلها في اسرع وقت ولا بد ان نشير للمؤسسات التي تقع في مناطق المشروع وهي عبارة عن ثلاثة اندية رياضية هي الامل، الإصلاح والوحدة وثلاث مدارس اساس واثنتان تحت التشييد و12 مسجد ودور للعبادة وخلاوي ومدرسة زراعية، وبالرغم من هذه السيرة الطيبة والاهمية البالغة للمشروع وما احدثه من نقلة نوعية للمواطنين هناك الا انه كما ذكرت يمر الآن بمنعطف خطير نخشى ان تكون بداية النهاية حيث يروى المشروع بثلاث وحدات ري احترقت اثنتان تمامًا في العام 2010م وما زالت الثالثة غارقة في مياه النيل، وتم بيع الطلمبات كحديد خردة ولم نكن نحن المزارعين راضون عن هذا التصرف لعلمنا التام ان هذا الاجراء تم على عجل وبدون دراسة او مشاورتنا وبمجهودات خاصة قمنا بارجاع احدى الطمبات من بحري بعد ان دخلنا في مساومة مع الشخص الذي اشتراها وتحتوي بيارة المشروع حسبب التقرير الصادر عن ادارة الطلمبات من خلال زيارة وفد من الولاية للتقييم حيث اشار التقرير ان البنطون «1» كانت به وحدتان تمت ازالتهما ويجري تركيب وحدتين كهربائيتين وهو ما يحتاج الى مواد التركيب وخراطيش وكوابل مختلفة المقاسات ومعينات اخرى لابد من توفيرها وهي محصورة في دراسة اعدت بالموقع، اما البنطون رقم «2» فبه وحدتان متعطلتان.. الماكينات ماركة دورمان، واسبيراتها غير متوفرة.. واشار التقرير الى ان هذه الطلمبات بحالة جيدة وكانت تعمل بصورة مرضية حتى توقفها بسبب تعطل الماكينات، وكشف التقرير ان البنطون رقم «3» متوقف عن العمل نسبة لاعطال لازمت الجيربوكسات في كلتا الماكنتين بجانب عدم توازن البنطون اذ وضعت طلمبات بمقاسات مختلفة ولم يراع اختلاف الاوزان مما اخل بتوازن البنطون عند التشغيل، وهذا يعني ان البنطون لا يعمل.. لكل ما تقدم ذكره يتضح انه لا توجد وحدة ري عاملة بالمشروع، وكحل اسعافي تم توصيل ترعة من مشروع الدفوفة المجاور بطول 150 مترًا الا ان كمية المياه لا تكفي الا لري جزء يسير من المشروع مما خلق وضعًا مأساويًا بهذا المشروع في حين تأثرت كثير من اشجار النخيل والفواكه بالعطش، فيما ساق التقرير جملة من التوصيات مع التركيز لتوفير طلمبات وتوفير محول بسعة كبيرة الى جانب تكملة تركيب الوحدتين واجراء عمليات الصيانة لكل ما تعرض من تلف، وبالرغم من المحاولات التي قامت بها لاعادة الحيوية لهذا المشروع ولم تتوقف هذه المحاولات ومن ضمنها السعي لكهربة المشروع، فيما تم عمل دراسة برازيلية ل «4» طلمبات واتصلنا بالوزارة وعدة جهات الا أن الوضع لا يزال على ما هو عليه ان لم يزدد سوءًا ولا بد هنا ان نشير للمجهودات التي قمنا بها حيث تمكنا من توصيل الكهرباء للبيارة بتكلفة بلغت 205 ملايين ولا بد لنا ان نثمن دور وزير التخطيط العمراني المهندس عمر محمد نور بمساهمته بمبلغ «55» مليون جنيه، وكذلك الدور الفعال الذي ظل يلعبه معتمد البرقيق السابق جعفر عبد المجيد تجاه حل المشكلة، ولابد ان نوجه رسالة عاجلة للأستاذ علي عثمان النائب الأول لرئيس الجمهورية وراعي النهضة الزراعية للتدخل الفوري وحسم كل القضايا العالقة بالمشروع، ورسالة للسيد والي الولاية فتحي خليل ووزيري الزراعة الاتحادي والولائي ان تنادوا جميعا لانقاذ هذا المشروع قبل أن تختفي معالمه ويشرَّد مزارعوه ويهاجر مواطنوه والله ولي التوفيق شيخ الدين الأمين طه عضو مجلس الإنتاج البرقيق