منذ اجازة قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005م والبدء في تطبيقه أصبحت اللعنة تطارد هذا المشروع العملاق رغم ان الكل هلل وكبر لهذا القانون واعتبره انتصاره له وفي مقدمة هؤلاء المزارعين واتحادهم الذي كان وراء اجازة هذا القانون ووصفه بأنه انتصار له بأن اعطى المزارعين حق المشاركة في عضوية مجلس ادارة المشروع لأول مرة، وادارة مكون الري عبر روابط مستخدمي المياه وحرية أختيار المحاصيل والتمويل والتسويق وتملك الحيازات وغيرها من المكاسب. ولكن واقع التنفيذ لهذا القانون يؤكد ما ذهبنا إليه بأن اللعنة أصابت هذا القانون بل يؤكد هذا تقرير اللجنة الفنية التي كونها وزير الزراعة الاتحادي لدراسة الاوضاع بمشروع الجزيرة ويشارك فيها علماء مختصون من بينهم الدكتور عمر عبد الوهاب وكيل وزارة الزراعة الاسبق، حيث خلصت هذه اللجنة في تقريرها الى ان قانون مشروع الجزيرة هو السبب في التدهور الذي يشهده المشروع ورفعت تقريرها للوزير ونحن في انتظار قرارات عملية للنهوض بهذا المشروع العملاق. ولعل ما يؤكد حديثنا عن تلك اللعنة هو ظاهرة طلمبات الري التي انتشرت في ترع ومواجر ومصارف مشروع الجزيرة بحثاً عن المياه لري المحاصيل الصيفية وتفادي خسائر حقيقية سيتكبدها المزارعون الذين يسعون لتنفيذها عبر استخدام هذه الطلمبات التي اطلق عليها البعض (الدربات) في اشارة منهم لانعاش المحاصيل بالتالي المشروع عبر هذه الدربات والطلمبات الرافعة للمياه من الترع والمصارف الى الحواشات رغم عن ارتفاع تكلفتها من وقود وتشغيل وتوتر. وفي اعتقادي كل الذين ذهبوا الى العيد بالجزيرة شاهدوا هذه الظاهرة (انتشار الطلمبات أو (الدربات) بترع المشروع واقسامه المختلفة دون استثناء. إذاً، الآن مشروع الجزيرة في قسم الانعاش ويخضع للعلاج بالدربات وليس هذا بفعل الطبيعة فالمشروع يروى منذ 1925م بالري الانسيابي، ولكنه بفعل الانسان (المزارعون واتحادهم) الذين منحوا انفسهم بموجب القانون مسؤولية إدارة مكون الري وتأهيل الترع والقنوات عبر التعاقد مع وزارة الري بينما كانت في السابق هذه المسؤولية من صميم عمل وزارة الري بل ذهب المزارعون للاستغناء عن خدمات العاملين والمهندسين الذين فقدوا بذلك ممتلكات هي في الاصل ملك للمزارعين وقد يجهل الكثيرون ان خزان سنار الذي يروي مشروع الجزيرة هو في الاصل ملك للمزارعين وغيره من الوحدات الخدمية (الإنشاءات) المحالج والسكة الحديد والهندسة الزراعية، والمباني المدنية المنتشرة في اقسام المشروع المختلفة والتي اصبحت الآن تباع لسداد مستحقات العاملين بالمشروع لتتفاقم بذلك خسائر المزارعين ويدخل المشروع الانعاش ليخضع للعلاج بالدربات. ومن هنا نهمس في اذن د. عبد الحليم المتعافي وزير الزراعة ونقول له: (يا دكتور ما في وصفة طبية لعلاج مشروع الجزيرة خلافاً للعلاج بالدربات.. ام ان املاح التروية بداية الورشة وقائمة الادوية طويلة وسيدخل المريض مرحلة الموت السريري).