أكد كثيرون أن الخرطوم لن تكترث إلى الشروط التعجيزية التي وضعتها دولة الجنوب في سبيل الخروج من منطقة هجليج التي تستميت فيها قواتنا الباسلة، والممثلة في نشر الأممالمتحدة قوات محايدة في هجليج تظل بالمنطقة إلى حين التوصل لتسوية بين الطرفين، ويعيد ذلك الحديث إلى الأذهان مطالبات قديمة متجددة لجوبا بنشر قوات دولية على طول حدودها مع السودان إبان الاشتباكات التي تكررت بين الجيش الشعبي المرابط على حدود منطقة «أبيي» التي طفت بدورها على سطح الاشتراطات التي تحاول جوبا جاهدة أن تضعها في أجندة التفاوض، الأمر الذي ظلت ترفضه الخرطوم على مدى الأشهر الماضية التي تلت إعلان انفصال الدولتين ولعل إمكانية التدخل الأجنبي في المنطقة تبدو عصية، نظرًا للطريقة العقيمة التي تدير بها جوبا ملف الأزمة مع الخرطوم حيث شجب الاتحاد الإفريقي احتلالها هجليج ووصفه ب «غير القانوني» وقال مفوض مجلس السلام والأمن في الاتحاد الإفريقي، إن المجلس يطالب « بانسحاب فوري غير مشروط»، ومن جانبه شدد مجلس الأمن على ضرورة وقف الخرطوم للغارات الجوية وسحب «جوبا» لقواتها من هجليج، وحذر من أن أعمال العنف الأخيرة تهدد بعودة البلدين إلى الحرب، ورحب سفير السودان لدى الأممالمتحدة دفع الله الحاج ببيان مجلس الأمن، وقال إن التقارير الخاصة بشن السودان غارات جوية على الجنوب تقارير مختلقة، داخلياً أكدت المعارضة بما يشبه الإجماع على ضرورة اتخاذ خطوات حاسمة للحد من التطاول على سيادة البلاد، واستنكرت ما فعلته دولة الجنوب. وفي خضم الإدانات المتوالية لقطع الطريق أمام التكهنات في اتجاه التدخل الدولي بنشر قوات دولية على الأرض وإقامة مناطق عازلة، يرى المحلل السياسي د.ربيع عبد العاطي أن تلك المطالبات الدولية لحكومة الجنوب بالانسحاب من هجليج واستمرار التفاوض والالتزام بوقف إطلاق والتهدئة، تحمل في جوفها تضارباً بقراءتها مع حالة «الاستهزاء» التي يبديها رئيس الدولة المعتدية سلفا كير ميارديت، من تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة المطالبة بالانسحاب الفوري قبل أن يضع اشتراطاته تلك، وحول نجاعة السياسة التي ينتهجها سلفا كير لصالح فرض التدخلات وجعلها واقعاً، يضيف أن عقلية اللاوعي التي وصلها رئيس الجنوب أدخلت من يساندونه في حرج بالغ وهو يحاول كسب تعاطف تلك الجهات لصالحه، حسب قوله ، وأشار إلى فشله الذريع في هذا الجانب، وأضاف «لا وقت لعجن مثل هذه المؤامرات الآن، لن يكون هناك زمن لها حتى تتطور»، موضحاً أن حكومة لم تكن بالقدر من الكياسة السياسية للتمهيد لتلك الرغبة حتى يتقبلها المجتمع الدولي قال وزير إعلام دول جنوب السودان «برنابا ماريال بنيامين» إن بلاده تشترط وقف السودان كل غاراته البرية والجوية على الفور، وسحب قواتها المسلحة من «أبيي» بصورة كلية، زاعماً أن القوات السودانية تحتل منطقة «أبيي» الغنية بالنفط منذ العام الماضي بدون وجه حق وهي منطقة متنازع عليها أيضاً بين البلدين. وأوضح الوزير أن بلاده تشترط أيضاً لأي انسحاب من «هجليج» نشر مراقبين دوليين للقيام بدوريات على طول منطقة حدودية منزوعة السلاح، إلى أن يتم الاتفاق على ترسيم الحدود المشتركة بين البلدين بموجب تحكيم دولي، في حين طالب مجلس الأمن الدولي الخرطوموجوبا بإنهاء فوري وكامل وغير مشروط للمواجهات الدائرة بينهما، معتبرًا أنها تهدد بعودة الحرب بين البلدين، وشدد مجلس الأمن على ضرورة وقف الخرطوم للغارات الجوية وسحب «جوبا» لقواتها من حقل «هجليج» النفطي، وحذر المجلس من أن أعمال العنف الأخيرة تهدد بعودة البلدين إلى الحرب الشاملة وإزهاق الأرواح بصورة مأساوية والمعاناة وتدمير البنية التحتية وتدمير الاقتصاد، وهو الأمر الذي كافح البلدان طويلاً من أجل تجنبه، واصفاً الوضع بأنه «تهديد خطير للسلم والأمن الدوليين» وحذر من اتخاذ خطوات تصعيدية إذا لزم الأمر، لكنه لم يعط تفاصيل بشأن ما قد تتضمنه هذه الخطوات.