طالب مجلس الأمن الدولي بإنهاء فوري وكامل وغير مشروط للمواجهات الدائرة بين السودان وجنوب السودان، التي قال إنها تهدد بعودة الحرب بين البلدين، وشدد بيان للمجلس على ضرورة سحب جوبا لقواتها من حقول هجليج النفطية، وقد رحب سفير السودان لدى الأممالمتحدة دفع الله الحاج علي ببيان مجلس الأمن، وقال في الوقت نفسه إن التقارير الخاصة بشن السودان غارات جوية على الجنوب تقارير مختلقة. لا زالت حكومة الجنوب تمارس تغولها على أرض السودان مرة تلو الأخرى، في إصرار على خلق المزيد من الصراعات وإراقة الدماء بين البلدين اللذين لا زالت بينهما العديد من الملفات العالقة ولم يجف بعد جرح انفصالهما. وقد أعلنت حكومة جنوب السودان أنها (قد) تقوم بسحب قواتها من حقل هجليج النفطي الذي هاجمته في نزاع حدودي مع السودان، واشترطت جوبا لانسحابها من (هجليج) نشر قوات محايدة من الأممالمتحدة في المنطقة، ليس ذلك وحسب بل قال بيان رئاسي صدر عن سفارة جنوب السودان بالعاصمة الكينية نيروبي: «إنه يمكن أن يحدث مثل هذا الانسحاب، إذا التزمت الأممالمتحدة بنشر قوات محايدة في هجليج يمكنها أن تظل بالمنطقة، إلى حين التوصل لتسوية بين الطرفين وحذر علي من أنه إذا لم يلتزم جنوب السودان بدعوة مجلس الأمن فإن السودان يحتفظ بحق الدفاع عن النفس وسيطرد قوات الجنوب بل سيضرب في العمق، بيد أن جوبا أخطأت في حساباتها وهي تقدم على إغلاق نفطها ثم تكتشف أنها اتخذت القرار الخاطئ ثم ترتكب حماقة أخرى وهي تهاجم الأراضي السودانية حالمة بأن ذلك سيجبر الخرطوم على الجلوس للمفاوضات. وتوقع علي اتفاقاً وفق مشيئة جوبا، فالخرطوم التي ظلت تتعامل مع استفزازات جوبا بسياسة ضبط النفس لن يبقى أمامها إلا أن تعمل وفق مبدأ غضبة الحليم ولن يكون أمامها إلا أن تتخذ إجراءات تأديبية ضد جوبا وتضرب في العمق بيد أن هذا ما أدركته جوبا الآن، واستنجدت برئيسها سلفاكير من خلال اتصالات ساخنة مع الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الأمريكي أوباما للتدخل وحث الخرطوم على الجلوس في طاولة المفاوضات في أسرع وقت ممكن، إلا أن المجتمع الدولي وجد نفسه هو الآخر في موقف لا يمكن أن يتعاطف مع جوبا وكل أخطاء جوبا ظاهرة أمامه. وثمة من يرى أنه لم يبق أمام جنوب السودان سوى الانسحاب الفوري من الأراضي السودانية وطرد الحركات المسلحة المتمردة من أراضيه، وسبق أن قامت جوبا من قبل في 2008 باعتداءات مماثلة على منطقة أبيي في خطوة اعتبرت محاولة للدفع بملف أبيي نحو المجتمع الدولي ووضعها تحت الحماية الدولية، ثم عاد ذات السيناريو في هجليج وسرعان ما اشترطت انسحابها بوجود قوات دولية، الأمر الذي رفضه السودان والمجتمع الدولي الذي طالب جوبا بسحب قواتها بدون شروط. إذن ستبحث جوبا عن طاولة للتفاوض بيد أنها وحلفاءها فات عليهم أن الخرطوم ظلت طيلة العشرين عاماً تتعامل مع ملفات أكثر حساسية بحنكة ودارية أكسبتها خبرة تراكمية مكنتها من جمع كل الأوراق في لعبة واحدة، وهو ما حدث الآن، حيث نجد جوبا تلهث وراء طلب الجلوس على طاولة التفاوض حتى إذا كانت وفق شروط الخرطوم، لأن المعادلة قد تغيرت لصالح الخرطوم، إن كان على صعيد الميدان، حيث تتقدم القوات السودانية نحو هجليج ومن ثمة تأمين حدودها أو دبلومسياً سيجد المجتمع الدولي نفسه مدفوعاً بالحقائق التي رسمتها أحداث الربيع العربي وهي ذات الأحداث التي أعطت السودان وضعاً دولياً قوياً وفاعلاً في المنطقة، بالتالي وفق حسابات المصالح لا يعتقد أن ينحاز المجتمع الدولي إلى جوبا وهو ما برز على السطح من مواقف بعض القوى العظمى التي تغيرت نظرتها تجاه قادة جوبا الذين يتصرفون بغباء ويجب دفعهم نحو التفاهم مع الخرطوم لتسوية القضايا التي بينهما، وهو ما ذهبت إليه المملكة المتحدة التي اعتبرت التمويل الذي تقدمه لجنوب السودان تمويلاً للحرب، وأنها لا يمكن أن تستمر في تمويل الحرب. وقال رئيس اللجنة البرلمانية ماكولم بروس إن الأولوية الرئيسة الآن لبرامج المعونة البريطانية للجنوب يجب أن تكون تلافي الكارثة الإنسانية. وأضاف ومع ذلك لا يمكن توقع استمرار المملكة المتحدة والدول المانحة في تمويل جنوب السودان. وكان وزير التنمية الدولية البريطاني إستفين أويراين أشار إلى أن بريطانيا غير راضية عن قرار الجنوب بوقف إنتاج البترول