والبلاد كلها في حالة تأهب لرد العدوان الآثم من دولة جنوب السودان على هجليج والمشاعر الوطنية في أقصى درجات تأججها وبينما الغضب النبيل يتملك الجميع تجاه هذا العدوان، وبينما قواتنا المسلحة الباسلة ومعها القوات النظامية الأخرى والمجاهدون تزحف جحافلهم المباركة والمنصورة بإذن الله نحو هجليج لتطهيرها من رجس جيش سلفا كير ومن نجس المرتزقة الذين معهم ومن دنس من باعوا وطنهم وأنفسهم بثمن بخس، يخرج علينا المحامي كمال عمر من بين شقوق ما يسمى بقوى الإجماع الوطني فيتجشأ بتصريحات شديدة النتانة أطلقها في الهواء فأصابتنا بالغثيان وكتمت أنفاسنا. والحكومة على لسان د. نافع وعدت الشعب السوداني في أعقاب العدوان أنها ستكشف لهم الخونة وتعرّيهم وتشير إليهم بالاسم حتي يعلم الناس من هو معهم ممّن هو في خيانة وعمالة للأعداء، ونقول إن هؤلاء قد بدأوا يغنون الحكومة عن القيام بهذه المهمة، فقد بدأ هؤلاء يخرجون من جحورهم مثل الثعابين مع أول دفقة من طوفان الإدانة الشعبية العارم لهذا العدوان. المحامي كمال عمر تجشأ كلاماً قال فيه إنه تم تكليفه بنقل موقف قوى ما يسمى بالإجماع الوطني حيال ما سماه بلا استحياء «تصاعد الأحداث بين الشمال والجنوب»، وهذه التسمية غريبة جداً خاصة وأنها تصدر عن محام وأمين سياسي لحزب على رأسه «فقيه» دستوري، فالاعتداء العسكري السافر والغاشم على تراب وسيادة بلاده ووطنه يختزله ويحوله ببساطة إلى مجرد تصاعد أحداث بين الشمال والجنوب، وكأن «الجنوب» هذا لم ينفصل ويتحول إلى دولة مستقلة قائمة بذاتها وذات سيادة وعضو كامل العضوية في منظمة الأممالمتحدة ومن ثم فهي خاضعة لميثاقها وملتزمة بكل ما جاء فيه. ولا يمكن طبعاً أن تغيب عن هذا المحامي هذه الحقيقة الماثلة التي أصبحت واقعاً يمشي بين الناس، ولكنه لجأ إلى هذا الاختزال في محاولة مكشوفة ويائسة من عار اتخاذ موقف «الحياد» في محنة وطنية وإزاء خطر وعدوان سافر من دولة أجنبية على جزء أصيل من أراضي وتراب الوطن، فحاول ومن ورائه رهطه من العملاء أن يموهوا القضية في توصيف بائس ومتخلف ولا وجود له وهو الإشارة إلى البلدين بالشمال والجنوب وكأن السودان ما يزال هو سودان ما قبل الاستفتاء على تقرير المصير في 9/1/2011، ويواصل الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي في حديثه نيابة عن «قوى الإجماع» الذين ربما رأوا أنه أنسب من يقوم ب «شيل وش القباحة» نيابة عنهم أمام الشعب السوداني والأقدر على تجشم عبء نشر هذه الفضيحة بما لديه من مقومات شخصية ومكتسبة تؤهله بحق للقيام بهذه المهمة القبيحة في هذا التوقيت شديد الحساسية، أو ربما هي من قبيل الحرب «الأفقية» التي تقوم بها وتشنها ضد الشعبي بعض الدوائر داخل كيان ما يسمى بقوى الإجماع الوطني من أولئك الذين يصنفون أنفسهم على أنهم أعداء تاريخيين للقوى الإسلامية، يواصل المحامي حديثه القبيح فيقول إن قوى إجماعه تؤكد على إدانة الحرب ولكنه لم يحدد البادئ ولم يحدد من هو المعتدي ومن هو المعتدى عليه، فجعل الحرب مثل مباراة كرة قدم تؤذن ببدايتها صافرة الحكم، لماذا لم يدن من يسمون أنفسهم بقوى الإجماع الوطني وهم حسب أوراقهم الثبوتية مواطنون سودانيون ينتمون إلى هذا البلد، لماذا لم يدينوا دولة جنوب السودان على عدوانها وقد أدانته دول أخرى وشخصيات أخرى أجنبية في أرجاء العالم لا تنتمي إلى السودان لا من قريب ولا من بعيد؟. ثم يمضي هذا البوق الذي تنفخ فيه أفواه العمالة بريحها المنتنة فيقول إنهم يرفضون أن يكونوا ضمن محاور الاستقطاب بين «الطرفين»، وهو لعمرك تعبير ينم عن نفاق سياسي بيّن وعقوق وطني لا يحتاج إلى إثبات أو استنتاج، فهذا التعبير لم يقل به حتى مجلس الأمن الدولي وهو ما هو والذي مشكوراً طالب دولة جنوب السودان بالانسحاب من هجليج ووصف عدوانها عليها بغير المبرر وغير القانوني. ويسدر ممثل ما يسمى بقوى الإجماع الوطني ولا أدري من هم هؤلاء المجمعون وعلى أي شيء هم قد أجمعوا وماذا يقصدون بكلمة الوطني بعد هذا الموقف المخزي والقبيح منهم، يسدر هذا «الكير» الذي إن دنوت منه أحرق ثيابك أو اشتممت منه ريحاً منتنة في غيّه فيقول ليّاً بألسنة رهطه وطعناً في خاصرة وطنه فيقول: «وضعنا النقاط الرئيسة لرؤيتنا تجاه ما يحدث كقوى سياسية وبإجماع واتفاق كامل وتتمثل في إدانة الاعتداءات واستمرار الحرب والتصعيد والتصعيد المضاد بين الطرفين إضافة لمطالبتنا جميع الأطراف بالوقف الفوري لإطلاق النار والعودة مباشرة لطاولة المفاوضات علاوة على عدم استغلال ظرف الحرب أو التصعيد للتضييق على الحريات ودق طبول الحرب» ! إنتهى كلام البوق. تالله لقد حرّر هؤلاء بأيديهم شهادة خيانتهم لدينهم ووطنهم وأهليهم وعمالتهم لاعداء الله وموالاتهم لهم، ألا يخدم هذا الكلام المائع دولة جنوب السودان ومن يقف خلفها؟ كيف يساوي بين الجاني والمجني عليه، أليست المطالبة بوقف إطلاق النار في هذا التوقيت الذي تنفر فيه جيوشنا ثبات وجميعاً بلا إبطاء ولا تثاقل إلى الأرض والنساء يخرجن حليهن وزينتهن ويتبرعن بما ادخروه من مصاريف المعيشة اليومية ليدعموا به المجاهدين الذاهبين إلى هجليج لإستردادها عنوة وتحريرها من قبضة المعتدين، أليست المطالبة بوقف النار هذا هو تخذيل وتثبيط لهؤلاء المجاهدين وابتغاءاً للفتنة وإرصاداً للمعتدين ودعماً لهم ومحاولة لإنقاذهم من مصيرهم المشئوم وهلاكهم المحتوم إن شاء الله على أيدي المجاهدين وعندما أقول المجاهدين فإنني أعني الجيش وكل القوات النظامية الأخرى وكل من خرج استجابة للنداء لرد العدوان يبتغي الفوز بإحدى الحسنيين النصر أو الشهادة. لقد قلنا في هذه المساحة إبان تصدينا لكارثة الحريات الأربع أن على الحكومة أن تطهر صفوفها من المتسلقين، والمندسين، ونعيد هذا النداء الآن ونلحقه بضرورة تنظيف الساحة السياسية من الخُشُب المسنّدة والمرجفين والمخذلين والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلاً وذلك عقب الفراغ من تنظيف هجليج وتطهيرها من رجس الحركة الشعبية الذي نراه قريباً إن شاء الله، ومعرفة هؤلاء أضحت ليست بعسيرة ولا شاقة فألسنتهم تدل وترشد عليهم. وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول «ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم».