جلست إلى مكتبي في المنزل عدة مرات عقب اكتساح قواتنا المسلحة والقوات النظامية الاخرى تحصينات العدو في هجليج.. ولكنني عجزت عن الكتابة ..من اين ابدأ وماذا أقول حيال هذا الحدث العظيم الذي لا يمكن وصفه بأي طريقة إلا بالصورة والصوت.. تلك الحشود المتحمسة التلقائية التي تظهر المعدن الحقيقي للشعب السوداني الذي لا يرضى الحقارة..التي جاء وصفها من خلال القصائد والقصص التاريخية وصارت إرثاً ثقافيًا يؤكد أننا شعب أصيل ذو كرامة وأنفة.. وعزة والذين لا يعرفون هذه الصفات في الشعب السوداني عليهم قراءة التاريخ.. ففيه الكثير من الصور والمواقف والعبر التي تجعل من كل من تسول له نفسه أن يستفزنا ان يتردد عشرين مرة قبل أن يقدم على حماقته تلك.. شعب السودان بكل قطاعاته وفئاته وفي جميع ولاياته.. ولو كانت هناك حريات للتعبير في الجنوب المستعمر لخرجت جموع كبيرة فرحة بالرد الرادع الذي قامت به قواتنا المسلحة على مغامرة «الحشرة الشعبية لتخريب السودان» التي تحاربنا بالوكالة. كنت ومازلت واثقاً بأن هذه الحشرة هي التي لعبت دور مخلب القط في أحداث دارفور.. ولو اعدنا شريط الذاكرة وتمعنا في الطائرة التي وضعت عليها ديباجة الأممالمتحدة (UN) وكانت تنقل السلاح وتخلي الجرحى وتهرب المتمردين الى الجنوب هذا في بداية المعارك بين القوات المسلحة ومتمردي دارفور التي رفعت شعار «الحركة الشعبية لتحرير دارفور» ثم حولته الى «تحرير السودان» تيمناً بالحشرة الشعبيه في الجنوب خلال الفترة الانتقالية.. ولنعد بالذاكرة إلى التصريحات التي كانت تصدر من قيادات الحشرة سلفا وباقان في ساعات الاستفاقة.. بأن مشكلة دارفور يمكن حلها في يومين !! فمن اين لهم بذلك وما صلتهم بها ان كانوا ابرياء من المشاركة الكاملة فيها.. ولكن الأيام كذلك فضحتهم بعد قيام دولتهم باحتضانهم الكامل لحركات دارفور والأحزاب المعارضة والجبهة الثورية.. وقد تلقوا الصفعات الموجعة في جميع ما ذهبوا فيه.. وكانت مغامرة اقتحام هجليج آخر حماقاتهم.. والدخول في هجليج ليس كالخروج منه«كما يقول المثل... دخلوها مدججين بالسلاح وخرجو منها يجرون أذيال الهزيمة والخيبة.. وولوا هاربين امام ضربات قواتنا .. ولوا هاربين تاركين اسلحتهم وعتادهم.. قتلاهم وجرحاهم.. وفي ذلك درس عظيم ليكون عظة وعبرة إن كانوا سوف يعون الدرس.. عموماً فإن التعبير الشعبي التلقائي القم المترددين والمتمردين والمخذلين وعبدة الدولار واصحاب الفكر الفاسد حجارة من سجيل.. قواتنا المسلحة جعلت من تحرير هجليج بداية لجمعة الانتصارات والاقتحام والتحرير.. ولن تتوقف المسيرة عند هجليج .. بل ان حدودنا جميعاً سوف تكون سداً منيعاً امام كل الحشرات الزاحفة والطائرة.. فلا مكان لخائن .. ولا مكان لمخذل في مواجهة الاجماع الشعبي العارم الذي عم كل ساحات الوطن.. تعبيراً صادقاً عن حب الوطن وعزة الوطن وكرامة الوطن.. فللأوطان في دم كل حر يد سلفت ودين مستحق وعلى الحكومة ازاء هذا التفويض الشعبي ان تمضي قدماً في انتهاج الطرق القانونية في حماية الارض السودانية اينما كانت.. وعليها انتهاج الطرق القانونية في منع مرور البترول الجنوبي تحت اي ظرف من المرور بارضنا الطاهرة .. عليها المطالبة بالتعويض عن كل مظاهر التخريب والدمار والعدوان في النيل الازرق.. وجنوب كردفان وهجليج.. وعليها ان تطالب بدية شهدائنا الأبرار وجرحانا ومنشآتنا التي خربوها وعليها المطالبة بالخسائر المادية التي تسببت فيها قوات الحشرة طوال فترة العدوان.. وهذا مطلب شعبي لا رجعة فيه وليعلم الظالمون المعتدون والخونة أي منقلب ينقلبون.