{ وقرنق يهبط مطار الخرطوم بطائرة مدنية .. بينما رتل الدبابات الحديثة التي كانت معدة «بالفعل» لاجتياح الخرطوم كانت على امتداد أسبوع كامل تحتجز في كسلا وبمعركة خداع مذهلة. { يحتجزها نقيب شاب يعرفه الناس باسم «ود المصطفى». { ورتل الدبابات والكتائب الست التي تتجه من إريتريا عبر شللوب عبر كسلا إلى الخرطوم، كانت بقيادة الحلو وعلى رأسه طاقية من القش. { وحريق الخرطوم الذي ينفجر بعد عشرين يوماً من وصول قرنق «الإثنين الأسود» لم يكن عفوياً ولا مصادفة. { كل ما في الأمر هو أن الخلايا التي كانت معدة للخروج من تحت الأرض في الخرطوم للقتال مساندة لدبابات الحلو كانت هي ذاتها التي تنفجر بالقيادة ذاتها يوم قتل قرنق. «2» { وما يحدث الآن في جنوب كردفان والنيل والخرطوم ليس إلا استئنافاً للمخطط. { الفرق كله هو أن المخطط الأول لاجتياح الخرطوم كان يدفعه شعور بالقوة. { بينما المخطط الآن ما يقوده هو شعور كاسح بالذعر. { والذعر يكتمل الآن بعد سقوط القذافي وبعد مشهد خليل وهو «يجري» في طرابلس. { وما بعد نيفاشا كان ينطلق. { والاتفاقية تصبح نوعاً من ورق التواليت السياسي.. يستخدمها كل أحد بالفعل. لكنه استخدام الورق هذا. { ونيفاشا تسمح بدخول إحدى عشرة دبابة للحركة الشعبية.. لكن النقيب ود المصطفى.. قائد أمن كسلا يومئذٍ.. كان يفاجأ بخمس وأربعين دبابة حديثة وجديدة تماماً.. ومحمولة.. تتدفق من إريتريا، ومن حولها ألف وخمسائة جندي للحركة الشعبية..«كانوا نخبة خاصة .. والى درجة جعلت الخرطوم تقوم بشيء غريب». { ومن حول الجنود ثمان وعشرون ناقلة.. و... و... { لكن عيون العسكريين السودانيين كانت تذهب إلى شيء معين. { كانت الدبابات والعربات تحمل شحنات من الذخائر بحجم لا يعني إلا شيئاً واحداً. { الذهاب إلى معركة ضخمة وطويلة. {والنقيب حين يقف أمام طابور الحلو يفاجأ بالخرطوم الخارجية والجيش - كلهم يقول: اسمحوا لهم بالعبور { والنقيب الذي يرى الخطر بعيونه كان عليه أن يرفض التعليمات دون أن يرفض التعليمات .. وأن يعطل مذبحة الخرطوم. { ولعبة الذكاء تبدأ. «3» { والحركة الشعبية في نسيج تدمير السودان كانت تحرص عند الشراكة مع الوطني على الحصول على وزارة الخارجية بالذات والحركة تعرف ما تريد. { والخارجية تصبح هي البوابة التي يتدفق منها الجيش الحقيقي لهدم السودان. { المنظمات..!! { ونحدث هنا قبل فترة عن ملفات الخارجية التي توقع مع المنظمات اتفاقيات تجعل من المنظمات هذه دولاً داخل السودان يعجز حتى البشير عن دخولها. { لكن جيشاً سرياً آخر تعده الحركة في الخرطوم كان ينجب جيشاً سرياً تعده الخرطوم .. ليذهب كل شيء إلى صناعة أحداث غريبة. { فالحركة الشعبية تجعل من ضباط الأمن المشاركين في جهاز الأمن العام جيشاً خاصاً ومخيفاً.. يخترق كل شيء بحكم عملهم في إدارة أجهزة الأمن والمخابرات ويكشف كل ما في جوف الخرطوم ويبقى جيشاً منفرداً بذاته .. وإلى درجة أن الفريق صلاح قوش ينشئ جيشاً سرياً خاصاً مهمته الأولى والأخيرة هي مقابلة هذا الخطر!! { والجيش هذا جيش قوش يتداعى الأمر به لأشياء معروفة!! { والنسيج كله جيش الحلو وجيش الأمن وجيش المنظمات «وجيش رابع لا نستطيع الإشارة إليه هنا».. أشياء تعمل من خلال العمل السياسي لتصل جنوب كردفان وجنوب النيل منذ أيام الاتفاقية وحتى اليوم. { وتعمل حتى يصبح جيش تمرد دارفور عالماً ضخماً. { وكل شيء تحت الأرض يتصل بكل شيء.. لهدف واحد وهو هدم السودان. { وكل سطر هنا هو «عنوان» لحكاية. {والحكايات تمتد وتمتد... { وما يلتقي من الحكايات يومئذٍ والآن هو .. الحلو والشيوعيون .. وأفورقي وخليل والقذافي والإنقاذ. { وصلة كل شيء بكل شيء.. تخرج بوجهها الحقيقي.